التدوير الكبير! بقلم: د. ذوقان عبيدات

إن مفهوم التدوير هو مفهوم بيئي علمي شائع. وربما كان من مفاهيم التربية المستدامة، حيث يتمكن الإنسان من تدوير نفايات عادية ضارة ومفيدة، أو صلبة وسائلة؛ وهذا مرتبط بالسلوك الاستثماري غير الاستهلاكي. فالبيئة بما فيها كما يقول أنصار التنمية المستدامة : ليست موروثات من آبائنا وأجداددنا، بل هي دَيْنٌ اقترضناه من أبنائنا وأحفادنا! وعليه، فواجبنا أن نرد هذا الدين لأحفادنا كاملًا غير منقوص. وللأجيال اللاحقة حق في الإستفادة من مواردَ بيئيةٍ حالية.
(١)
التدوير في مناهجنا الدراسية
ركزت إحدى وحدات العلوم في الصف التاسع على تدوير النفايات بأساليب تقليدية مثل: الطمر الصحي للنفايات، أو المعالجة الحرارية بالحرق، أو الإهمال لتتحلل إلى موادَّ عضويةٍ.
لم تتناول الوحدة إعادة التدوير وإعادة الاستخدام- وهذا ليس موضوعنا. لكن التدوير بالحرق، أو ما يسمى المعالجة الحرارية هو ما تدعو له المناهج. لم أسمع إطلاقًا عن تدوير الأشخاص، أو تدوير النفايات.

(٢)
تدوير الأشخاص
قلت في مقالة سابقة: إنني ربما كنت أول من استخدم مفهوم تدوير الأشخاص، كان ذلك في مقالة سابقة ٢٠١٦ فى موقع مدار الساعة. ولم أقصد الربط بين تدوير الأشخاص وأي تدوير آخر، مع أن بعض المُدوّرين يمكن حسب المنهاج الدراسي معاملته بالتحلل الطبيعي، أو المعالجة الحرارية .المشكلة في تدوير الأشخاص أن إعادة إنتاجهم لا تأتي بجديد، فبعضهم يعطى الفرصة لنقل خبرة أدائه المتهافت من مؤسسة إلى أخرى. فليس لدينا خطة إعادة تدوير مواد تالفة لإنتاج مواد جديدة!
كإعادة تدوير المياه العادمة مثلًا، أو إعادة تدوير نفايات وبقايا
صناعات !

(٤)
تدوير بقايا الفوسفات
لفت انتباهي حديث د. ذنيبات عن إعادة استخدام نفايات الفوسفات، واستخلاص موادَّ مفيدةٍ منها، كان ذلك في حديثه في جمعية الشؤون الدولية، حيث أقنع الجميع بدقة أرقامه، وصدق حديثه.
وفي حديث خاص مع د. ذنيبات قال: إنه رأى جبالًا وتلالًا ، قيل له: إنها ليست (جبالًا) هذه نفايات ومخلفات الفوسفات. وبحكمة فطرية أو متعلمة توصل إلى قناعة تدويرها، حيث نجح في تطوير منتَج جديد منها تم بيعه بحوالي مائة مليون دولار!! ناهيك عن فتح فرص تشغيل لشباب المنطقة.
الأبداع الإداري ليس إلهامًا، وليس عبقرية، إنما هو جهد ومسؤولية ورؤية وإخلاص!!

(٥)
إبداعان
تشير أرقام الفوسفات إلى تطور كبير في الإدارة والإنتاج، وأعتقد أن ذلك منسجمٌ مع خطة التحديث الاقتصادي! كما تيقنت أن إحساسًا عاليًا بالمسؤولية المجتمعية يسكن ذهن إدارة الفوسفات. وهذا إبداع ثانٍ.
ويبقى التحدي: ليس المهم الوصول إلى القمة، إنما البقاء فيها، وتطوير قِمَمٍ، وقِيَمٍ مِهْنيّةٍ جديدة!! وهذا ما ننتظره.
فهِمت عليّ؟!!