الإسقاطات، الرموز، والرسائل المضمرة في رواية “العاشق الذي ابتلعته الرواية” لأُسَيْد الحوتري

.
قراءة: عفيف قاووق – لبنان

العاشق الذي ابتلعته الرواية للكاتب الصديق أسيد الحوتري، صدرت عام 2024 عن دار الخليج للنشر والتوزيع. وفيها يربط الكاتب بين الأسطورة والتراث وبين الواقع الفلسطيني المُعاش بكل تجلياته التاريخية والسياسية. وبشكل مُحكم، استطاع أن يجعل من حكاية ظريف الطول -الراسخة في الذاكرة الشعبية العربية عموماً والفلسطينية خصوصًا- ومن أسطورة الإله الكنعاني “بعل” وصراعه مع بقية الآلهة، أن يقوم بعملية إسقاطهما على الواقع الفلسطيني ومراحل النضال التي عرفتها القضية الفلسطينية، فجاءت روايته موزعة على ثلاث محطات ومفاصل متداخلة غير منفصلة، وهي: حكاية ظريف الطول التراثية، الأسطورة الكنعانية، والانتفاضات الفلسطينية وتداعياتها.

قبل البدء في الإضاءة على هذه الرواية، لا بد من الإشارة إلى شخصياتها الرئيسية، والتي تتمثل في كل من:
1- “غريب” ذلك الشاب الفلسطيني الذي شارك في انتفاضة الحجارة في نابلس (1987)، وأُصيب إصابة أدت إلى فقدانه الذاكرة ونقله إلى سجن الاحتلال، وهناك يلتقي الشخصية الثانية في الرواية وتُسمى بـ«الأديب» الذي يقرأ عليه أعمال إميل حبيبي وجبرا إبراهيم جبرا، ويسلمه في النهاية مخطوطًا قرمزيًا. لنكتشف أن كل ما جرى للشاب غريب ما هو سوى حلم أو كابوس.
2- “الأديب”، السجين المُزمن في السجن والمشبع بالثقافة وسعة الاطلاع على التاريخ الفلسطيني، السياسي منه والأدبي، والذي سيتولى تثقيف غريب وتوجيهه إلى ما كتب كل من الأديبين: إميل حبيبي في روايته “المتشائل”، وجبرا إبراهيم جبرا في رواية “البحث عن وليد مسعود”، والأديب بهذا المعنى يحاول إزالة الغشاوة عن أعين غريب، وربما عن أعيننا نحن، بأن يعيد إحياء الذاكرة الجمعية لنا وإنعاش الهوية الفلسطينية بعد أن تقاذفتها الأهواء والمواقف السياسية المتناقضة.
3- ظريف الطول، وهو محور القصة ورمزها، إنه الشاب الفلسطيني في كل زمان ومكان، المتجذر في أرضه، والمؤمن بعدالة قضيته وواجب الدفاع عنها. ولذا نجده يتماهى مع الإله عليان بعل في الأسطورة الكنعانية، ولتأكيد هذا التماهي، فإن والدته “عشتار” عندما وضعته أسمته “عليان”، وعندما كان صغيرًا عُرِفَ بـ”علي”، وبعد أن أصبح في مرحلة الشباب، أطلق عليه أهل القرية لقب “ظريف الطول” (42). من هنا، فإن ظريف الطول يمثل كل الأسماء، وكل الشباب الفلسطيني المقاوم.
4- “عنات” ابنة الشيخ مالك الثري، والتي أحبّها ظريف وأحبّته، لكنه اصطدم بمعارضة والدها الذي استنكر: كيف لابنة الحسب والنسب أن تقع في حب نجار، ابن فلاح لا يُعرف لهما أصل ولا فصل؟ فهو السيد، أما ظريف فهو ابن عبد من عبيده (55). عنات ليست معشوقة عليان بعل، وحبيبة ظريف الطول فقط، بل أبعد من ذلك، فهي ترمز إلى الأرض والقضية، وقد عبّرت عن ذلك بقولها: “أنا وظريف كنَّا القضية، كنَّا الإنسان، وأرض كنعان هي المكان” (119). وخوفًا من أن تُنسى هذه القضية في بلاد الشتات، كانت الأهزوجة التراثية:
“يا زريف الطول وقف تاقُلك، رايح عالغربة وبلادك أحسن لك، خايف يا زريف تروح وتتملّك، وتعاشر الغير وتنساني أنا”. (62)

بالعودة إلى مضمون الرواية، فقد بدأت في فصلها الأول بمقولة إميل حبيبي في روايته المتشائل:
“أمّا بعد، فقد اختفيت ولكنني لم أمتْ”
للتأكيد دومًا وأبدًا على أنّ الفلسطيني وإن خفُت نضاله أو اختفى إلى حين، لكنه بالتأكيد لم يمت ولن يندثر، وسيعود إلى ميادين النضال بأشكال وصور متعددة. وفي موضع آخر، وعلى لسان “الأديب”، فقد وُفِّق الكاتب في الإشارة إلى رواية جبرا إبراهيم جبرا “البحث عن وليد مسعود”، وفيها إشارة واضحة إلى ضياع الهوية الوطنية الفلسطينية ومخاطر تشتتها.

الرواية، كما قلنا، ترتكز على حكايتين: الأولى الأسطورة الكنعانية وصراع الإله عليان بعل مع بقية الآلهة، والثانية حكاية ظريف الطول وعشقه لمحبوبته عنات. ومن هاتين الحكايتين يأخذنا الكاتب لنقوم بالعديد من الإسقاطات الحيّة والمباشرة. فإذا كانت الحكاية الأولى، في رمزيتها، تأخذنا إلى واقعنا العربي وكيفية تعاطيه مع القضية الفلسطينية، فإن الحكاية الثانية تجسد لنا واقع المقاومة للاحتلال، والذي تصدى له الشباب الفلسطيني بقدراتهم الذاتية. ولتوضيح هذا الأمر، نورد ما يلي:

أولاً: الأسطورة الكنعانية وإسقاطها على واقعنا العربي:
في رسالة الإله المتجبر (يمّ) إلى الإله (إيل):
“سلّموا إليّ ذاك الذي تؤوون، ذاك الذي تؤويه الجموع، سلّموا إليّ (بعل بن دَجن) وأنصاره”. (85)
وهنا يمكن لنا أن نسقط مضمون هذه الرسالة على ما تتعرض له أمتنا العربية من ضغوطات وحصار اقتصادي في حال عدم تخليها عن نصرة القضية الأساس. لكن، وللأسف، يبدو أن مثل هذه الضغوطات قد أتت أُكُلها، وهذا ما تورده الرواية في وصف تخاذل الآلهة، فتقول:
“إن تخاذل الآلهة أمام مطلب (يم) جعل بعل – (يمكن اعتبار بعل يرمز إلى فلسطين) – يوقن أن وصمة عار أبدية حملها صمت الآلهة وخنوعها وتواطؤ بعضها على تسليم بعل للظالم المتكبر (يم). فهل يُعقل أن يعجز (243) إلهاً من أصحاب السمو والجلالة والعظمة والفخامة، بمن فيهم (أم الدنيا إيلات)، أن تعجز كل هذه الآلهة عن الوقوف في وجه الطاغية (يمّ) نصرةً لبعل؟” (86)
هنا يبرز تداخل الأسطورة وإسقاطها على الواقع الفلسطيني وتخلي النظام العربي بمجمله عن نصرته في وجه المتجبر المحتل، وربما الإشارة التي وردت عن “أم الدنيا إيلات” تأخذنا نحو مصر بعد اتفاقيات كامب ديفيد. وفي مشهد آخر تظهر استكانة النظام العربي ورضوخه، وتورد الرواية كيف أن “بعل / فلسطين”، عندما قرر التصدي للرسولين (مبعوثي الدول الكبرى) والفتك بهما، اعترضت بقية الآلهة بذريعة تحريم قتل الرّسل عُرفًا، ففي ذلك إثم كبير. وقد أبدى بعل تعجبه من آلهة تلزم نفسها بعهود ومواثيق، في حين أن عدوها (يم) يضرب بهذه المواثيق عرض الحائط. (86)

تستمر الرواية في الاستناد إلى أسطورة الإله الكنعاني “عليان بعل” لتعيد التذكير بمبادرات السلام العربية العديدة التي طُرحت ولم تلقَ أي تجاوب، فتورد العبارة التالية:
“لم تلقَ مبادرة السلام التي طرحها بعل، والتي تبنتها معظم الآلهة، آذاناً مُصغية عند (موت)، بل على العكس، استخفّ (موت) بها وحرّض قوى الشر المنتمية إلى عالم العماء الأزرق.” (96)
وفي هذا إشارة إلى مبادرة السلام العربية التي عُرفت بمبادرة بيروت عام (2004)، والتي أماتها الاحتلال في مهدها.

وفي دعوة صريحة إلى ضرورة وأهمية التضامن العربي ووحدة الموقف فعلاً لا قولاً، يقول بعل:
“إنّ النصر الهين والسريع والمبين على (موت / المحتل) لن يتحقق إلا بوقوف باقي الآلهة إلى جانبي”.
ويسترسل بعل ليقول:
“لم يكن مفاجئًا ما وصلتُ إليه، ففي نكبتي مع (يمّ) تخلّت عني الآلهة (ربما يشير هنا إلى نكبة 1948)، وفي نكستي مع (موت) يتكرر الصمت والتخاذل والتآمر”، (وهنا إشارة رمزية إلى حرب 67).
وعن الضجيج العربي الإعلامي الذي لا يسمن ولا يغني من جوع، يكمل بعل:
“لا يصلني من الدعم إلا الشعارات البراقة التي تحيي المقاومة وصمودها، ولا يواجه (موت) إلا بظواهر صوتية: الإدانة، الشجب، والاستنكار”.
وفي إشارة لا تخلو من السخرية والتهكم، يوصي بعل لهؤلاء المعربين عن “قلقهم العميق” بتناول النعنع المغلي. (99)

وفي عملية ترميز واضحة، تذكر الرواية كيف أن الإله (يم)، باستبداده وبطشه وتجبره على بقية الآلهة، وتنكيله بالناس عبر تجويعهم (85)، فإن في هذا إشارة واضحة إلى ما نحن عليه الآن، وما يعانيه أهل غزة من حصار وتجويع.

ثانيًا: حكاية ظريف الطول التي أوردتها الرواية تسمح لنا بإجراء إسقاطات مباشرة على واقع الاحتلال ومواجهته،
حيث نجد أن الفلسطيني، منذ طفولته وصباه، متعلق بالجذور والأرض، كحال ظريف الطول وولعه بالأرض والشجر، وكان منذ طفولته يرنو للقتال ومقاومة العدو، فقد كان يصنع من أغصان الأشجار سيوفًا وبنادق ورماحًا، ومن طين الأرض كان يُكوِّر قنابل ليلهو بها مع أقرانه. (42)
كما برز عشقه للبندقية، وعن هذا العشق يقول: “لم تُخلق أكتاف الرجال إلا لتُعلَّق عليها البنادق”. (49)
وفي إشارة إلى بداية التصنيع المحلي للسلاح، على تواضعه، يقول ظريف:
“لا بد من صناعة السلاح، لا ينتصر إلا من يصنع سلاحه بيده، وهنا يكون الاستقلال حقيقيًا.” (138)
كما أن “براق”، فرسه، تشجعه على الاستمرار في تصنيع السلاح، وعلى عدم الالتفات إلى الأصوات النشاز التي ترتفع للتشكيك بجدوى هذا السلاح، فتخاطبه بالقول:
“حذار من أن يُحبطك المُحبطون! سيطلق المنبطحون والمتخاذلون والمنتفعون والخائنون على بنادقك هذه اسم ‘البنادق العبثية’ من باب التحقير والتقليل من شأنها، فلا تبتئس بما يصفون.” (141)

بعد أن مررنا على هاتين الحكايتين وما ترمزان إليه، لا بد من الانتقال للإشارة إلى ما حملته الرواية من رسائل وشيفرات، ومن هذه الرسائل:

أولا، حال الشباب الفلسطيني: حيث إن كل مولود فلسطيني هو مشروع شهيد أو أسير. يقول “غريب” في هذيانه:
“هذا هو حال الشباب في فلسطين، إنهم لا يكبرون أبدًا، ولا يعرفون عن الحياة إلا سفرين من أسفارها: سفر التكوين وسفر الخروج، أما الرجولة والكهولة والشيخوخة فأسفار مفقودة.” (17)
و”الفلسطيني لا يصير سعيدًا إلا بعد انتهاء أجله، فالفلسطيني السعيد هو الفلسطيني الشهيد.” (18)
وفي موضع آخر يقول: “إن قوافل الأبطال لا تسير في الغالب إلا إلى السجون أو إلى القبور.” (23)

ثانيا، حال الانقسام داخل المجتمع، وعدم الجدوى من مقارعة الاستعمار البريطاني ولاحقًا الاحتلال الصهيوني، وبروز طبقة من المتخاذلين والمنتفعين، أمثال الشيخ مختار، ففي “الوقت الذي كان يناضل البعض، كان البعض الآخر يقف مشاهدًا ومتفرجًا، وآخرون يمارسون الخيانة جهارًا نهارًا، وكان المتعامل الشيخ مختار قد جنده المحتل في منظومة عميلة تحت مسمى فصائل السلام عام (1939)، حيث تحوّل البعض إلى بنادق في يد العدو، وإلى رصاص في صدر البعض الآخر.” (178)
كما تبرز الرواية هاجس الخوف من المواجهة الذي تحكم بالكثيرين أمثال الشيخ مالك (والد عنات)، والذي انتقد ظريف الطول لاقتنائه السلاح، فيقول عنه:
“كيف تجاسر على شراء السلاح وتوزيعه؟ ألا يخشى الإنكليز؟ أنا عقلاني، موضوعي وواقعي، لا أحد يستطيع الوقوف في وجه أقوى دولة في العالم.” (59)
لقد أصبح الحديث عن الخيانة وجهة نظر تُسوَّق محليًا وعربيًا تحت مسمى الواقعية السياسية، التي يختبئ خلفها العديد من أصحاب الرأي.
“فلا طاقة لنا بطالوت وجنوده.” (32) (وهنا يبرز التناص الديني).
وفي إشارة إلى ظاهرة العمالة التي يغذيها الاحتلال، يقول “الأديب” مخاطبًا “غريب” في سجنه:
“أنا التاريخ وأنت كيس الخيش”، في إشارة منه إلى ظاهرة العمالة، حيث كان العميل يرتدي كيس الخيش لتغطية رأسه حتى لا تُعرف هويته وهو يشي بالمقاومين. (69)

ثالثا، الدعوة إلى إعادة إحياء الذاكرة الفلسطينية والنبض المقاوم:
وعن هذا يقول “الأديب” مخاطبًا “غريب”:
“من فقد ذاكرته لا ولاء له ولا انتماء. الذاكرة هي الحكاية.” (23)
وفي موضع آخر يقول له: “قسْ نبضك، بماذا تشعر؟ لا شيء. لا نبض في عروقك، إنك ميتٌ منذ زمن. أنت فاقد للذاكرة، فاقد للنبض. حتى لو تحركتَ ونطقتَ، إنك ميت ميتة بائتة كبرى. مع ذلك، فلقد منحتُكَ ذاكرة وطنية علّ النبض يعود إلى قلبك مرة أخرى، لتُكفّر عنك خطاياك وكل ما اجترحتْ يداك.” (68)

رابعا، الهوية الفلسطينية ومحاولة استعادتها: ولم يكن أمام الكاتب أفضل من روايتي كل من إميل حبيبي وجبرا إبراهيم جبرا.
فقصة المتشائل، التي دار اللغط حول شخصية بطلها سعيد أبي النحس، وانقسام الرأي حوله إلى ثلاث فئات: ما بين الخائن والمناضل والمتفرج. (32)
تمثل، بشكل أو بآخر، شرائح المجتمع الفلسطيني خصوصًا والعربي عمومًا.
وأيضًا رواية جبرا إبراهيم جبرا، أراد الحوتري أن يذكّرنا بتشتت الهوية لدى الفلسطيني بعد كل هذا الشتات الذي تعرّض له شعب فلسطين، فلقد فُقدت الهوية وضاعت بعد تحولها إلى مجموعة هويات متناقضة، فكان المناضل، السياسي، المقاتل، المتدين، الأديب، وحتى زير النساء. لقد أوشكت الأنا الفلسطينية على الضياع في ظل شتات ولجوء ووطن محتل. (36)

فيما يشبه البانوراما التاريخية، تورد الرواية المراحل التي شهدتها فلسطين، بدءًا من الاحتلال البريطاني لفلسطين، الذي شهد أولى بوادر تسلل اليهود إليها، وحتى يومنا هذا حيث يرزح شعبها تحت نير الاحتلال الصهيوني. كما تذكر بداية المواجهات مع المستعمر الإنكليزي، كثورة موسم النبي موسى عام (1920) التي رُفع فيها شعار اللاءات الثلاث:
“لا لوعد بلفور، لا لهجرة اليهود إلى فلسطين، ولا لوطن قومي لليهود في فلسطين”. (166)
وللدلالة على استمرار شعلة النضال مضاءة، تورد الرواية بلسان الحاجة بركة كيف أن ولديها نضال وجهاد سارا على خطى والدهما الشهيد، ولعبا دورًا فاعلًا في ثورة البراق عام (1929). لقد أسمت ولديها “نضال” و”جهاد” لما لهذين الاسمين من رمزية معينة في أن فكرة الجهاد والنضال راسخة ومتجذّرة في الوعي الفلسطيني. (166)

في صورة أيضًا من صور تكامل الأرض الفلسطينية مع الشعب، هي ما جرى للمستعمر “ريتشارد” الذي أُصيب بعقب بندقية ظريف الطول، ووقع على الأرض تنهشه أشواكها، ليتأكد له أنّ الأرض شريكة لظريف ومتواطئة معه في مقارعة المستعمر. (192)

عود على بدء، وانطلاقًا من العبارة التي بدأت الرواية بها:
“أما بعد، فقد اختفيت ولكنني لم أمت”،
فإن اختفاء ظريف الطول بعد خروجه من سجن عكا، لا بد وأنه سيعود وينهض مثل طائر الفينيق. فهو الفلسطيني في كل الساحات والأزمنة، وسيكون المقاتل الذي يقتنص الإنكليز في حيفا، والمشارك في معركة جنين إلى جانب القائد العراقي عمر علي البيرقدار عام (1948)، وأحد المشاركين في انطلاقة الثورة الفلسطينية عام (1965)، والمقاوم ضد الصهاينة في إحدى قرى الجليل، وأيضًا على تخوم عكا، ومشاركته في حرب أكتوبر عام (1973)، وهو أيضًا من سيقوم بتفجير دبابة صهيونية في بيروت عام (1982)، وسيشارك في الانتفاضات المتتالية في فلسطين، ليعود إلى غزة عبر الأنفاق ويقوم بتسليح الثوار في يافا ببنادق من صنعه، ليخوض معهم معارك:
الفرقان (2008/2009)،
حجارة السجيل (2012)،
العصف المأكول (2014)،
صيحة الفجر (2019)،
سيف القدس (2021)،
وحدة الساحات (2022)،
وأخيرا وليس آخرا يظهر ظريف الطول على هيئة الملثَّم في معركة طوفان الأقصى (2023/2025).

تلك هي حكاية ظريف الطول، حكاية كل شاب فلسطيني مؤمن بقضيته وعدالتها. لا يهاب الموت والاستشهاد في سبيلها، وهو مصداق لتلك الأهزوجة التي تقول:
“يا زريف الطّول وارسم يا رسّام،
صورة لفلسطين وصورة للقسّام،
وعيـون الثّوار والله ما بتنام،
نصر يا استشهاد هذا شعارنا.”