كتلة الوحدة العمالية: الحكومات المتعاقبة تتحمّل مسؤولية تدهور المركز المالي للضمان الاجتماعي

حمّلت كتلة الوحدة العمالية الحكومات المتتابعة مسؤولية التراجع الحاصل في المركز المالي لمؤسسة الضمان الاجتماعي، محذّرة من تداعيات التعديلات المرتقبة على قانون الضمان، ومؤكدة أن الأموال المتراكمة في صندوق الاستثمار والتي بلغت 17.3 مليار دينار، هي أموال عمالية بامتياز، ويجب أن توجه فقط لخدمة الغاية التأمينية والاستقرار الاجتماعي، لا لأي اعتبارات مالية أو حكومية أخرى.

وأوضحت الكتلة في بيان صادر عنها يوم الثلاثاء، أن تدخلات الحكومات المتكررة في إدارة واستثمار أموال الضمان، واستجابتها المستمرة لتوصيات صندوق النقد والبنك الدوليين، أفضت إلى تآكل المكتسبات العمالية، خاصة فيما يتعلق بالحسبة التقاعدية، ورفع سن التقاعد الوجوبي، وإلغاء التقاعد المبكر، لا سيما للمهن الخطرة وللنساء العاملات، ما اعتبرته انحرافاً خطيراً عن أهداف المؤسسة الاجتماعية.

الحكومة حمّلت الضمان أعباءها
وأشارت الكتلة إلى أن التعديلات التي أُدخلت على قانون الضمان منذ العام 2000، وعلى رأسها ضم التقاعد المدني والعسكري، وزيادة نسبة الحسبة التقاعدية إلى 2.5%، أسهمت في تفاقم الأعباء على الضمان، وجرى تمريرها تحت مبررات إصلاحية شكلية، لكنها عملياً مكنت الحكومة من نقل عبء الرواتب من الموازنة العامة إلى صندوق التقاعد المبكر في الضمان.

وكشفت الكتلة أن 53% من المتقاعدين حاليًا هم على بند التقاعد المبكر، بينما لا تتجاوز نسبة متقاعدي الشيخوخة 30% فقط، وهو ما اعتبرته “انحرافاً هيكليًا” في أهداف المؤسسة، مؤكدة أن هذه النسب ارتفعت بشكل ملحوظ بعد تعديل 2019، الذي جاء انسجاماً مع توصيات دولية لتقليص بند الرواتب في الموازنة العامة.

أرقام مقلقة
ووفقاً للبيان، فقد ارتفعت نسبة المتقاعدين المبكرين من موظفي القطاع العام إلى 63%، من أصل نحو 196 ألف متقاعد مبكر من أصل 374 ألف متقاعد حتى منتصف عام 2025، بزيادة بلغت 135% عن عام 2015.
كما بلغ عدد المحالين إلى التقاعد المبكر من القطاع العام في عام 2023 نحو 10,550 موظفًا، أي ثلاثة أضعاف عدد المحالين من القطاع الخاص (3989)، بنسبة بلغت 68%، وهي النسبة نفسها المسجلة في العام الجاري حتى الآن.

وذكرت الكتلة أن استمرار هذا النهج سيؤدي إلى الوصول إلى نقطة تعادل بين الإيرادات والنفقات دون تحقيق أي فوائض مالية، وهو ما تنبأت به الدراسة الاكتوارية الحادية عشرة التي أشارت إلى سبع سنوات فقط تفصل المؤسسة عن هذه النقطة الحرجة.

استثمارات الضمان في مهب القرارات الحكومية
وانتقدت الكتلة هيمنة الحكومة على صندوق استثمار أموال الضمان، واستخدامها المتكرر لأموال الصندوق عبر أذونات خزينة، بلغت قيمتها نحو 10.3 مليار دينار، ما يمثل 57% من أموال المؤسسة، وهي نسبة تفوق المعدلات العالمية للاستدانة من صناديق التقاعد بمقدار 17%.

وأشارت إلى أن الحكومة تتحكم كذلك في مجالس إدارات القطاعات المستثمَر بها، وتوجه الأموال بما يخدم أولوياتها، لا أولويات الحماية الاجتماعية، على الرغم من أن عائدات الاستثمارات بلغت نحو 1.8 مليار دينار خلال خمس سنوات، بينما لم تتجاوز عوائد أذونات الخزينة 4%، ما يمثل فرقاً كبيراً في العائد الاقتصادي على أموال العمال.

تمييز لصالح المتقاعدين العسكريين
كما انتقدت الكتلة ما وصفته بـ”التمييز” في التعديلات الأخيرة لصالح المتقاعدين العسكريين، حيث رفعت الحسبة التقاعدية إلى 2.75% لكل سنة اشتراك، وخُفّض سن التقاعد المبكر إلى 45 عاماً، إضافة إلى رفع الحد الأدنى للرواتب التقاعدية إلى 350 دينارًا بأثر رجعي منذ عام 2005، بينما لم يتم رفع الحد الأدنى للمتقاعدين المدنيين البالغ 165 دينارًا رغم أحقيتهم بموجب القانون.

ولفتت إلى أن هذه القرارات كانت أحد الأسباب الرئيسة في رفض مجلس إدارة الضمان التعديلات المقترحة عام 2022، ما أدى إلى استقالة أو إقالة المدير السابق حازم رحاحلة، وتعيين الدكتور محمد الطراونة خلفًا له، والذي واجه بدوره أزمة تداعيات جائحة كورونا واضطرار الحكومة للجوء إلى أموال الضمان لتمويل برامج الدعم والتعويض، ما أضاف عبئًا ماليًا جديدًا على المؤسسة، ودفعه لاحقًا للاستقالة هو الآخر.

دعوة لمراجعة شاملة
وفي ختام بيانها، شددت كتلة الوحدة العمالية على أن الوضع الحالي لم يعد يحتمل المزيد من التعديلات الجزئية أو الترقيعية، بل يتطلب مراجعة شاملة لكافة التشريعات الناظمة لعمل المؤسسة، ومعالجة التشوّهات في مفاهيم الضمان والحماية الاجتماعية، وحماية أموال المؤمن عليهم من أي تدخلات غير مبررة، سواء داخلية أو خارجية.

6 آب 2025
كتلة الوحدة العمالية – حزب الشعب الديمقراطي الأردني (حشد)