لا عهد لهم.. يا طالب الدبس..!

 

عمان – كتب : اشرف محمد حسن
كثيرة امثالنا الشعبية في بلاد الشام عموماً والتي تعج بالحكم والموعظة ومنها مثلا شعبياً ينطبق على الواقع السياسي الذي يعشه وطننا العربي عموماً في الآونة الأخيرة وهي مقولة ” يا طالْبِ الدبس مِن قفا النِّمس..” ويُضرب هذا المثل لمن ينتظر من البخيل الذي لا يُرجى خيره وعطاؤه، خير او عطاء اذ أعلنت الكثير من دول العالم وبالأخص العربية الترحيب والتفاؤل بموقف بريطانيا الأخير والذي جاء على لسان رئيس وزرائها كير ستارمر واعلن فيه عزم بلاده الاعتراف بالدولة الفلسطينية ودعمها لحل الدولتين وأن بلاده تعتزم الاعتراف بدولة فلسطينية أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر المقبل، “إذا لم تتخذ الحكومة الإسرائيلية خطوات جوهرية لإنهاء الوضع المروع في غزة وتلتزم بسلام مستدام طويل الأمد” مؤكداً ” وان الوقت المناسب للاعتراف بفلسطين هو الآن لأنه سيكون له أكبر تأثير”، رحبت اغلب الدول العربية، بهذا الإعلان وقبل أيام أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ايضاً خطوة مماثلة، قائلا إن باريس ستعترف رسميا بفلسطين في سبتمبر المقبل وصل هذا الترحيب الى تفاؤل كبير لدى الدول العربية العالم ودول العالم الإسلامي بإعلان الدولتين عزمَهما الاعترافَ بدولة فلسطين وبعض الدول وصفت هذا الإعلان بانه “يمثل دعما مهما للحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، بما يمكنه من تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة على حدود عام 1967 م وعاصمتها القدس الشرقية” متناسين تماماً دور بريطانيا في تأسيس الكيان الصهيوني واحتيالها على الدول العربية عام 1937 م في اوج والق الثورة الفلسطينية انذاك للطلب والضغط على الثوار في فلسطين لالقاق السلاح اعتماداً على حسن نوايا بريطانيا والتي كانت تحتل العديد من الدول العربية في ذلك الوقت وبذلك استطاعت تصفية الثورة الفلسطينية .
ان اعلان ستارمر وماكرون وحتى كندا ما هو الا اعلان نوايا ومشروطة وقد لا تتحقق.. ولن تتحقق.. بسبب ان كل ما تم الإعلان عنه فقط محاولات خداع للشعوب الأوروبية وللمقاومة الفلسطينية فلو كانت هذه الدول لديها نوايا حقيقية لاعلنت الاعتراف بالدولة الفلسطينية فوراً دون الانتظار حتى شهر أيلول/سبتمبر او اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة والتي تتحمل ايضاً مسؤولية كبيرة في انشاء الكيان الصهيوني من خلال قرارها الصادر عام 1947 م واعطت من خلاله شيء من الشرعية لوجود هذا الكيان على ارض فلسطين التاريخية .
كافة الدول التي اعترفت بالدولة الفلسطينية لم تنتظر اجتماعات وانما فقط قررت الانحياز للحق وللانسانية خاصة بعد ما تكشف للعالم ككل من صورة الكيان الصهيوني الحقيقية الاجرامية دون ان تشترط نزع سلاح المقاومة .
ما اشبه الامس باليوم فكما حدث في عام 1937 م من خديعة قامت بها بريطانيا للدول العربية وقامت بتوريطها بالاحتيال على الثورة الفلسطينية، فقد حضّت 17 دولة، من بينها السعودية وقطر ومصر، حركة حماس على تسليم سلاحها إلى السلطة الفلسطينية، في خطوة قالوا انها تهدف إلى “تمهيد الطريق لإحياء حل الدولتين”، وذلك خلال مؤتمر عُقد في مقر الأمم المتحدة الثلاثاء 29/تموز/2025 م تحت عنوان “إعلان نيويورك” وما اعلان النوايا البريطانية الفرنسية الكندية التي قد تتغير بل انها حتماً ستتغير بانتظار الفرصة الا دعماً مبادرة هذه الدول الداعية الى تسليم سلاح المقاومة والذي لولا وجوده لم يسمع احد بشيء اسمه حق فلسطيني.. !
ان كافة مفاصل الصراع العربي الفلسطيني مليء بعمليات الاحتيال على المقاومة فكلما وصل الاحتلال الى طريق مسدودة وفشل قواته في معركة من المعارك كان يلجأ الى حيلة مشابهة تقريباً تنتهي بنزع سلاح المقاومة ولعل ما حصل عام 1982 م وبوساطة المبعوث الأمريكي في ذلك الوقت فيليب سي حبيب وتحت حماية تامة من قوات حفظ السلام الدولية خير دليل على ذلك بعد ان تم اخراج قوات منظمة التحرير الفلسطينية من بيروت حدثت مجزرة صبرا وشاتيلا ثم تباكى المجتمع الدولي آنذاك على المذبحة ثم تناسوا وعادوا للضغط والاحتيال على العديد من الدول العربية ونزع سلاحها بل واعادوا تشكيلها وفق ما يخدم الصهيونية ، ان كافة الدول الاستعمارية السبع وتصريحات كبراها ما هي الا لذر الرماد في العيون ولعل ما حدث مؤخراً من تأجيل لموعد عقد المؤتمر يؤكد ذلك، حيث اعلن الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون في 13/حزيران/2025 م إنه قد تم تأجيل المؤتمر الدولي بشأن حل الدولتين والذي كان من مقررا في الأمم المتحدة 16 و20/حزيران 2025 م ، وأكد أنه سيُعقد “في أقرب وقت ممكن كما مضيفاً “أيا تكن الظروف، أنا مصمم على الاعتراف بدولة فلسطين”، مؤكدا أن “دولة فلسطينية ((منزوعة السلاح)).. شرط أساسي للاندماج الإقليمي لإسرائيل” حسب قوله وبعد تأجيله، قالت مصادر مطلعة إن المؤتمر سيعقد في 28 و29 تموز/يوليو 2025 ثم عادوا لتأجيله مرة أخرى لاستكمال عمليات القتل وإعطاء الفرصة للعديد من الدول الوسيطة الفرصة لاقناع المقاومة التخلي عن سلاحها لتصفية القضية الفلسطينية دون دولة فلسطينية فلا ضامن لوجود استقلال أي دولة او شعب الا بوجود السلاح في يده فهذه الدول الاستعمارية لا امان.. ولا عهد لهم..!