لا صوت للنواب!!أسامة الرنتيسي

 

منذ 14 أيار وبعد فض الدورة البرلمانية الأولى لمجلس النواب لم نعد نسمع صوتا للنواب ولا حراكا يؤشر إلى أنهم موجودون.

عدم عقد الدورة البرلمانية لا يعني تعطيل عمل الحياة البرلمانية، وأنها إجازة مفتوحة للنواب، يعطلون عدة أشهر ورواتبهم ماشية، بالمناسبة هل راتب النائب مكافأة أم راتب شهري كأي موظف رسمي، فالنائب ليس موظفا بأي حال من الأحوال، وراتبه مكافأة، فكيف يحصل على هذا الراتب من دون أن يقوم بأي عمل او حتى حضور إلى مجلس النواب؟!

ما علينا؛ حجم الكُره الذي يكنّه عموم الشعب الأردني لعموم النواب شيء لا يُصدّق.

مُقصِّر جدا مجلس النواب الذي لا يقوم بإجراء دراسة علمية اجتماعية عميقة لهذه الظاهرة، ويفهم جيدا لِمَ وصلت الحالة إلى ما نحن عليه، بحيث يفرح المجتمع إذا سجن نائب، أو اقتيد إلى مخفر، ويتشفى بالنواب على كل خطأ، وللأسف يذهب الصالح في عروة الطالح.

محاولة شيطنة أعضاء مجلس النواب في أعين الشعب الأردني محاولة خطيرة جدا، لا تفيد المجتمع ولا الحالة السياسية بشيء.

يخطئ أي إنسان، مواطنٍ بسيطٍ، أو مُسيّسٍ، عندما يهاجم وينتقد البرلمان والحياة البرلمانية، اذا ما وقع أحد أعضاء المجلس في خطأ، او فعلٍ سلبيٍ، لأن لا حياة سياسية في البلاد من دون حياة برلمانية، ولا تطورا للبلاد من دون الفعل البرلماني الحقيقي.

انتقاد تصرف وسلوك نائب مهما كان حجم هذا السلوك، فعل طبيعي وحرية رأي وتقويم، أمّا انتقاد مجلس النواب عمومًا، والهجوم على الحياة البرلمانية ــ ونحن من دونها أفضل حالا ــ هو كمن يكسر ساقه، ويريد بعد ذلك المشاركة في سباق الرالي.

في مجلس النواب أعضاء يستحقون نقد سلوكهم وتصرفاتهم، وفيه من الكفاءات والخبرات والعقليات العصرية، التي تستطيع ان تسير بالبلاد نحو التقدم والرقي.

الحياة البرلمانية هي سلطة الحكم الأولى في البلاد حسب الدستور، فالحكم نيابي مَلِكي، ولا نستطيع أن نعبر بالأردن الحديث إلى مراحل متقدمة آمنة من دون تطوير الحياة البرلمانية.

وجود الحياة البرلمانية مهما اختلفنا على تقويم آداء أعضاء المجلس، ضروري ومصيري للبلاد وتطورها، ويبقى دورنا في المراحل المقبلة أن نضغط للوصول الى انتخاب أعضاء أكفياء “خيرة الخيرة” في البلاد، ممن حرمتهم قوانين الانتخاب الرجعية، وتجارب التزوير العديدة، والملاءات المالية ومواجهة الحيتان، من الوصول الى قبة البرلمان.

لا أريد أن أبدو متحاملا على النواب، لأني شخصيا مع حفظ هيبة السلطة التشريعية، مهما كانت نوعية الأشخاص الذين يمثلوننا فيها، لأن ضعف هيبة أية سلطة، ينعكس على الحياة السياسية في البلاد، ولا مصلحة لنا بإضعاف هيبة النواب.

مطلوب من النواب أن يسهموا في حماية المواطنين الذين يمثلونهم، وأن يظهروا “العين الحمراء” للحكومة حتى لا تستسهل أكثر الاقتراب من جيوب الناس، لتحسين أحوال الموازنة، التي يبدو أنها مثل “البئر المخزوقة ” لا تتحسن مهما وردها من إيرادات.

الدايم الله…