انتصار تاريخي لرجل الأعمال الفرنسي الجزائري طيب بن عبد الرحمن في قضيته ضد قطر

 

 

حقق رجل الأعمال الفرنسي الجزائري طيب بن عبد الرحمن، البالغ من العمر 43 عاماً، اعترافاً تاريخياً حيث وصفت الأمم المتحدة احتجازه في قطر عام 2020 بأنه «تعسفي»، وأدانت تعرضه للتعذيب وطالبت بجبر الضرر.

ويشكل القرار رقم 28/2025 الصادر عن فريق الأمم المتحدة المعني بالاحتجاز التعسفي سابقة هي الأولى من نوعها، فلم يسبق أن حصل مواطن فرنسي على إدانة رسمية لدولة قطر من قبل الأمم المتحدة بسبب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان.

وقد نُشر هذا التقرير المؤلف من 17 صفحة، والصادر خلال الدورة الـ102 للفريق، بخمس لغات على الموقع الرسمي للأمم المتحدة، مما وضع الدوحة تحت ضغط دولي غير مسبوق – وطرح تساؤلات مباشرة أمام فرنسا.

وتوصلت الخلاصات إلى إدانة واضحة حول الحرمان من الحرية «دون أي أساس قانوني»،مع التعذيب، والحرمان من محاكمة عادلة.

وطالبت الأمم المتحدة بمنح تعويض كامل، وإصلاح شامل، وفتح تحقيق جنائي مستقل بحق المسؤولين.

ولم يقتصر التقرير على إدانة الدوحة، بل أشار أيضاً إلى ان الدولة الفرنسية، لم تقدم «أي مساعدة» لمواطنها المحتجز تعسفياً، ولم تتخذ أي إجراء رسمي للإفراج عنه رغم علمها بالانتهاكات.

ويُنظر إلى هذا الصمت على أنه خيار سياسي مرتبط بالمصالح الاقتصادية والدبلوماسية.

امهال قطر 6 أشهر

وأمام قطر ستة أشهر لإبلاغ الأمم المتحدة بالإجراءات المتخذة، وإلا قد يُرفع الملف إلى مجلس حقوق الإنسان. أما طيب بن عبد الرحمن، فيعتبر هذا الانتصار مجرد مرحلة قائلا.. «أنتظر الآن التنفيذ الكامل لهذا القرار الأممي والتعويضات الموعودة.»

وأمام قوة المال، والملاعب المكيفة، وصورة قطر الناعمة، تذكّر قصة طيب بن عبد الرحمن أن الحقوق الأساسية غير قابلة للتفاوض. رجل واحد، مسلّح بالإصرار، أجبر دولة على الاعتراف بأخطائها – حتى وإن كانت المعركة لم تنته بعد.

وفي هذه المعركة، لم يدافع طيب بن عبد الرحمن عن حريته فقط، بل دافع عن فكرة أن الكرامة الإنسانية عالمية – وأن حتى الأقوياء يجب أن يحاسبوا.

انتصار على التعسف والتعذيب

 

وللتذكير فان قضية الطيب بن عبد الرحمن ضد قطر تتمثل في كونه في 13 يناير/كانون الثاني 2020، وأثناء عمله مستشاراً عاماً لدى اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في قطر، اعتُقل طيب بن عبد الرحمن أمام منزله في الدوحة من قبل جهاز أمن الدولة، بأوامر مباشرة من مديره عبد الله الخليفي، ابن عم ناصر الخليفي، رئيس نادي باريس سان جيرمان.

وقضى طيب بن عبد الرحمن ثلاثة أسابيع في احتجاز سري داخل مركز غير رسمي، تعرض خلالها للعنف الجسدي، والحرمان من النوم، وتهديدات لأسرته. ثم أمضى خمسة أشهر في سجن «سلوى رود»، وأربعة أشهر أخرى قيد الإقامة الجبرية في فندق، مع منعه من مغادرة البلاد.

وفي 30 أكتوبر/تشرين الأول 2020، تم ترحيله إلى فرنسا بعد 24 ساعة فقط من تبرئة ناصر الخليفي في قضية فساد بسويسرا – وهي مصادفة وصفها محاموه بأنها «كاشفة».

اختبار حقيقي

وقد أشارت الأمم المتحدة إلى أن السلطات القطرية لم تقدم أي مذكرة قضائية صالحة، وأن تمديد احتجاز طيب بن عبد الرحمن تم بناءً على وثائق مزورة، وحُرم من حقه في محامٍ أو مترجم.

وفي مايو/أيار 2023، حكمت عليه محكمة قطرية بالإعدام بتهمة التجسس، استناداً إلى اعترافات انتُزعت تحت التعذيب – ولم يعلم بالحكم إلا عبر الصحافة بعد أربعة أشهر.

وبعد الإفراج عنه في نوفمبر/تشرين الثاني 2020، رفض طيب بن عبد الرحمن الصمت. ورغم المخاطر، لجأ إلى القضاء الفرنسي، ومنها الى الامم االمتحدة رافضاً الالتزام ببنود سرية يعتبرها مفروضة عليه بالإكراه.

ويرى محاموه أن هذه القضية «اختبار حقيقي» لمدى التزام الدول بتعهداتها في مجال حقوق الإنسان.