عادت بكلّ أحمالها وأثقالها.. ولا نعلم للآن أن العود أحمد أم أحمر؛ وأحمر هنا تعني الدم..؟ ولكنّ التصريحات المرافقة للعودة تشي بحركة طالبان جديدة؛ حركة لم تكن تحترم حقوق الإنسان ولكنها الآن تريد ذلك.. حركة قبلت بالعُزلة الدولية قبل ثلاثين عاماً حينما حكمت أفغانستان ولكنها الآن لا تريد ذلك.. حركة لم تكن تقبل الآخر ولكنها الآن تسعى لذلك.. حركة كانت المرأة تحت ظلالها بلا حقوق ولكنها الآن تعد بغير ذلك.. حركة لم تكن تقيم للسياسة وزناً ولكنها تملأ الدنيا تصريحات سياسية كبيرة..!
ما زلت ذاكرتي تحتفظ بالذين حلقوا لحاهم قبل عشرين عاماً عندما انهزمت طالبان وخرجت من كابول بخفيف ما تحمل من عتاد.. أولئك الحالقين هم أو أبناؤهم أو أترابهم أو ما شابههم من كانوا يتزاحمون في المطار خوفاً ورعباً من حُكم طالبان..! لن يذهب من ذاكرتي كيف أن طائرة تريد أن تطير وتتحرك ويلتفّ حولها المئات يتشعبطون بها وكأنها باص مدرسة وكأن هذه الشعبطة هي القشّة التي يمسك بها الغريق..!
كلّ ما اتمناه أن تصدق تصريحات طالبان.. وألا تكون تصريحاتهم هي لصنع هدوء يسبق عاصفة انتقامهم من كلّ شيء.. أتمنى أن نرى حياة مشتركة زاخرة بالخلاف الفكري والسياسي وألا تكون لغة القتل والسلاح هي أوّل حلّ لكلّ خلاف..!
أتمنى أن تكون طالبان الجديدة جديدة بالفعل وليست اللعنة التي ستطارد كلّ من لا يصفّق لك..المشهد الآن هو المشهد الافتتاحي للفيلم الجديد وما زال هناك متسع لنراقب ونرى ونصدر حكمنا على حركةٍ تدّعي الآن أنها تغيّرت..
الميّة تكذّب الغطاس.. والآن يبدأ شوط السباحة..
كامل النصيرات
المقال المنشور اليوم في جريدة الدستور
للتواصل على الواتس (0799137048)