في اطار الرؤية الملكية لتحديث المنظومة السياسية و الارتقاء بالأداء الحكومي الذي ارتكز عليه خطاب الثقة لدولة جعفر حسان ، فلا بد من الاشاره إلى ان بعض الوزراء لا زالوا مغيبين عن فهم التوازن في العلاقة الدستوريه مع النواب مما قد يعيق مسيرة الإصلاح والتنمية و يعطل المهام الرقابية والمسائلة الفاعلة ، ومن ذلك التأخر او الامتناع عن الاجابة لبعض الاسئلة النيابية او التغيب عن حظور جلسات اللجان النيابية المتعلقه بهم ، او التهرب من اجابة النواب ضمن ما نص عليه النظام الداخلي المستمد من قواعد الدستور.
فلا بد اذن من فهم دقيق لنصوص الدستور من اجل تمكين السلطة التنفيذيه من ممارسة ولايتهم بالاداره العامة دون الإخلال بدور السلطة التشريعية بالرقابة والمسائلة و ترسيخ الشفافية .
مقدمة :
يشكّل الدستور الأردني الإطار الناظم للعلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، ويُعطي لكلٍّ من النائب (عضو مجلس النواب) والوزير (عضو مجلس الوزراء) دورًا محددًا ومتكاملاً لغايات تحقيق المصلحة المرجوة للشأن العام ، وتستند هذه العلاقة إلى مبدأ الفصل المرن بين السلطات، بما يضمن التوازن بين الدور التشريعي والرقابي من جهة، والدور التنفيذي من جهة أخرى، وذلك في إطار نظام ملكي دستوري.
اولاً: الدور الدستوري للنائب
حدد الدستور الأردني صلاحيات النائب باعتباره جزءًا من مجلس الأمة، حيث تناط السلطة التشريعية بمجلس الأمة والملك (المادة 25). ويتم انتخاب مجلس النواب انتخابًا عامًا وسريًا ومباشرًا لفترة أربع سنوات (المادة 68).
وتتمثل أبرز صلاحيات النائب فيما يلي:
1. الدور التشريعي: المشاركة في اقتراح القوانين ومناقشتها والتصويت عليها (المادة 95).
2. الدور الرقابي: توجيه الأسئلة والاستجوابات إلى الوزراء ومساءلتهم حول السياسات العامة (المادة 96).
3. منح الثقة أو حجبها: ممارسة سلطة حجب أو منح الثقة للحكومة أو لأي وزير (المادتان 53 و54).
كما جاء الدستور حصيفاً ليحصن النائب باعتباره ممثلا للشعب من اجل تمكينه من ممارسة دورة دون ان يتعرض لأية ضغوطات او معيقات -المادة 87 من الدستور الأردني:
“لكل عضو من أعضاء مجلسي الأعيان والنواب ملء الحرية في التكلم وإبداء الرأي في حدود النظام الداخلي للمجلس الذي هو منتسب إليه، ولا يجوز مؤاخذة العضو بسبب أي تصويت أو رأي يبديه أو خطاب يلقيه أثناء جلسات المجلس.”
ثانياً: الدور الدستوري للوزير
نص الدستور الأردني على أن السلطة التنفيذية تناط بالملك ويتولاها بواسطة وزرائه (المادة 45)، ويتألف مجلس الوزراء من رئيس الوزراء وعدد من الوزراء حسب الحاجة (المادة 46).
وتتمثل أبرز ملامح الدور الوزاري في المسؤولية السياسية والدستورية في امرين هما الاداره والمساءلة :
نصت (المادة 51) من الدستور ان كل وزير مسؤول عن أعمال وزارته أمام مجلس النواب حيث يتولى الوزير إدارة وزارته ضمن سياسات مجلس الوزراء، ويُسأل عن أدائها أمام السلطة التشريعية.
من هنا نوضح طبيعة العلاقة الدستورية بين النائب والوزير :
تقوم العلاقة بين النائب والوزير في النظام الدستوري الأردني على مبدأ المساءلة والتوازن. فالنائب، بحكم عضويته في مجلس الأمة، يتمتع بصلاحيات رقابية وتشريعية تخوله مساءلة الوزير عن أعمال وزارته، وتقديم الاستجوابات وطرح الثقة إذا لزم الأمر.وفي المقابل، يلتزم الوزير بتقديم البيانات والمعلومات للبرلمان، ويكون مسؤولاً عن وزارته سياسيًا ودستوريًا أمام مجلس النواب.
ولا يملك الوزير – وفقاً لأحكام الدستور – أن يتجاهل أو يعطل ممارسة النائب لدوره الرقابي؛
إذ أن تجاهل هذا الدور يعد مخالفة صريحة لمبدأ المسؤولية السياسية (المادة 51) ولأدوات الرقابة البرلمانية (المادة 96). وبالتالي فإن العلاقة ليست مجرد تعاون سياسي، بل هي التزام إلزامي يفرض على الوزير الخضوع للرقابة النيابية والتقيد بمبدأ المساءلة.
و بذات السياق فإن الضوابط الدستورية للعلاقة قد نصت على انه :
١- لا يجوز للنائب التدخل في أعمال الوزراء الإدارية أو التنفيذية.
٢- للوزير حق حضور جلسات مجلس الأمة والمشاركة في النقاشات، لكن لا يملك حق التصويت إلا إذا كان عضوًا في المجلس (المادة 52).
٣- أوامر الملك، سواء كانت شفهية أو خطية، لا تُعفي الوزراء من مسؤولياتهم القانونية والدستورية (المادة 49).
٤- يظل النائب محصنًا في آرائه وتصويته داخل المجلس (المادة 87)، وهو ما يعزز استقلاله في الرقابة.
الخاتمة :
يتضح من خلال النصوص الدستورية الأردنية أن العلاقة بين النائب والوزير ليست علاقة تنافسية أو ندّية، وإنما علاقة توازن ورقابة. فالنائب، باعتباره ممثلًا للشعب، يمارس التشريع والرقابة، بينما الوزير يتولى تنفيذ السياسات العامة وإدارة شؤون الدولة.
كما أن الوزير ملزم دستوريًا بالخضوع لهذه الرقابة البرلمانية ولا يملك أن يتجاهلها أو يتفاداها، لأن في ذلك انتهاكًا مباشرًا لمبدأ المسؤولية السياسية والدستورية.
ويُخضع الدستور الوزير للمساءلة أمام مجلس النواب، بما يضمن خضوع السلطة التنفيذية للرقابة الشعبية.
ذلك ان نصوص الدستور آمرة ولا تقبل الجدل والوزراء ملزمين بموجب الدستور بالامتثال لدعوات اللجان النيابية بالحضور وتقديم الإجابات عن الاستفسارات الموجهة لهم دون مماطلة أو تأخير والالتزام بالاسئلة الرقابية بوضوح و بطريقة مباشره و دون تسويف و إلا فإنهم يستحقون طرح الثقة بهم حتى لا يتسببوا بالإخلال بمسيرة الإصلاح السياسي أو بمصلحة الشأن العام
في المقابل، يمنح النائب حصانة دستورية تُمكّنه من أداء دوره بحرية واستقلالية.
إن هذا التوازن بين السلطتين يرسّخ مبادئ الحكم الدستوري في الأردن، ويُحقق معادلة دقيقة بين حرية العمل النيابي من جهة، وفعالية العمل التنفيذي من جهة أخرى، بما يضمن خدمة المصلحة الوطنية العليا وصون استقرار النظام السياسي*.
#الاردن #امين_عام_حزب_العمل #معتز_أبو_رمان #نائب_وطن
***مرجعيات أهم المواد الدستورية ذات الصلة:
المادة (25): تناط السلطة التشريعية بمجلس الأمة والملك.
المادة (43): يقسم الوزير اليمين أمام الملك قبل مباشرة عمله.
المادة (44): لا يجوز للوزير أن يزاول عملاً تجاريًا أو ماليًا أثناء وزارته.
المادة (45): تناط السلطة التنفيذية بالملك ويمارسها بواسطة وزرائه.
المادة (46): يتألف مجلس الوزراء من رئيس الوزراء وعدد من الوزراء حسب الحاجة والمصلحة العامة.
المادة (49): أوامر الملك لا تُعفي الوزراء من مسؤولياتهم.
المادة (51): الوزراء مسؤولون أمام مجلس النواب عن أعمالهم.
المادة (52): للوزراء حق حضور مجلسي الأعيان والنواب والمشاركة في المناقشات دون حق التصويت إلا إذا كانوا أعضاء.
المادة (53): الحكومة لا تباشر أعمالها إلا بعد نيل ثقة مجلس النواب.
المادة (54): لمجلس النواب حق حجب الثقة عن الحكومة أو أحد الوزراء.
المادة (87): حرية النائب في الكلام والتصويت داخل المجلس.
المادة (96): حق النائب في توجيه الأسئلة والاستجوابات للوزراء.