في عالم اليوم، حيث تتعاظم أهمية المشاركة السياسية لمواجهة تحديات التنمية وبناء المجتمعات القوية، تبرز تجربة المرأة كعنصر أساسي في صناعة القرار. مشاركتي في مدرسة المشاركة السياسية للمرأة، والتي اجتزت فيها المرحلة الأولى بنجاح، شكلت نقطة انطلاق حقيقية في تعزيز قدراتي السياسية والقيادية، وفتحت لي آفاقًا جديدة لفهم آليات العمل الجماعي والمؤسساتي من منظور نسائي فاعل.
بعد اجتيازي للاختبار النهائي للمرحلة الأولى، تم اختياري للمرحلة المتقدمة من المدرسة، والتي استمرت أسبوعًا مكثفًا من التدريب والتعلم التطبيقي. تضمن التدريب محاكاة الأدوار السياسية، من مناظرات وجلسات حوار، إلى لقاءات إذاعية وصحفية، بالإضافة إلى تطبيقات عملية على الواقع الافتراضي.
خلال هذه المرحلة، تعرفت على مفاهيم هامة تتعلق بمجلس المحافظة، مجالس البلديات، الأحزاب، السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية، فضلاً عن المسائل المجتمعية وإعداد دليل الاحتياجات التنموية ومشاريع الموازنات المصغرة. كما كان للتشبيك وبناء التحالفات وإدارة جلسات الحوار أثر مباشر في صقل مهاراتي القيادية وتعزيز القدرة على التفاعل مع مختلف الأطراف السياسية والمجتمعية.
هذه التجربة كانت أكثر من مجرد تدريب نظري؛ فقد كانت انعكاسًا حقيقيًا على مهاراتي الشخصية، حيث مكنتني من أداء أدوار متعددة: من المحافظة إلى رئيسة مجلس بلدية، وعضو مجلس، وممثلة لمؤسسات مختلفة. لقد أتاح لي ذلك التعرف على واقع الحياة السياسية من مختلف الزوايا، وفهم ديناميكيات العمل الجماعي والسياسي بطريقة واقعية ومؤثرة.
شهدت المرحلة مشاركة نسائية واسعة من جميع محافظات المملكة، مما يعكس أهمية تعزيز دور المرأة في العمل الجماعي والحزبي والسياسي من أجل المصلحة العامة. كما ساهمت التجربة في تطوير مهارات التواصل الإعلامي والتفاعلي مع المجتمع، بما يعزز قدرة المرأة على التأثير الفعلي في صناعة القرار.
أتوجه بالشكر الجزيل للمدربات الرائعات اللواتي ساهمن في نجاح هذه التجربة: د. ديما كرادشة، الأستاذة هنية الضمور، كوتش أمنيات الكريمين، وكوتش أغادير البطوش. كما أعرب عن امتناني لهيئة الأمم المتحدة للمرأة في الأردن، وللجنة الوزارية لتمكين المرأة، وللشركاء الداعمين من الوكالة الإيطالية للتنمية والتعاون.
إن مشاركتي في مدرسة المشاركة السياسية للمرأة لم تكن مجرد تجربة تدريبية، بل كانت رحلة لاكتساب الخبرة، وبناء المهارات، وتعميق فهم الواقع السياسي والمجتمعي. إنها شهادة حية على قدرة المرأة على لعب دور فاعل في تطوير المجتمعات وصناعة القرار، وعلى أن الاستثمار في قدرات النساء هو استثمار في مستقبل مستدام ومزدهر للجميع.