– بعد التحية ، أقول ؛ كثر الحديث هذه الأيام عن (إسرائيل الكبرى) والتي تضم الضفة الشرقية للأردن وأجزاء من سورية ولبنان وأجزاء من السعودية وأجزاء من العراق وأجزاء من مصر ، فهل هذا طرح واقعي أم نسج من الخيال ؟!.
– أرجو أن أحاول تحليل هذه المقولة ؛
– لنبدأ من العلم (الإسرائيلي) ؛ هناك خطان زرقاوان تتوسطهما نجمة (داود) السداسية ، فالخطان الزرقاوان يرمزان لنهري النيل والفرات (إسرائيل الكبرى) ، وإن حاول بعض الصهاينة إنكار ذلك في مرحلة ما هو لمجرد تهدئة ما كان من مشاعر .
– على مدخل (الكنيسيت) (البرلمان الإسرائيلي) كتبت الآية التوراتية : ( من الفرات إلى النيل أرضكِ يا إسرائيل) .
– قبل تصريح (نتانياهو) الأخير (برؤيته) (التوراتية) عن (إسرائيل الكبرى) فقد صرّح عدة مسؤولين صهاينة (ومنهم سموتريتش؛ وزير المالية) عن إقامة (إسرائيل الكبرى) ، ولم يقم (نتنياهو) بتوبيخهم ، ولم يطلب منهم الإعتذار ، ولم يطلب منهم سحب أقوالهم ، ولم يقم بإقالتهم ، أفلا يعتبر منه ذلك موافقة على تصريحات بعض وزرائه؟ حتى صرح نتنياهو بهذا الطرح صراحة .
بطبيعة الحال ، فإن العديد العديد من الصهاينة قد طرحوا هذا الطرح قبل نتنياهو ، لكن الأمر يأخذ بعدا أكثر خطورة حين يصدر عن مسؤولين رسميين ودون أي شجب من أي جهة رسمية أعلى ، فلا أرى موجبا للإستغراب من تصريحات نتنياهو .
– وفي هذا المقام وفي هذا المقال ، فقد سبق للرئيس (الأكثر صهيونة) ؛ دونالد ترمب ، وأن صرّح بأنه يرى أن (إسرائيل) هي دولة (صغيرة) وأنه يفكر بطريقة لزيادة مساحتها ، ولقد تلقف الصهاينة هذا التصريح بكل إهتمام ، واعتبروه ضوءاً أخضر أمريكي لتحقيق مآربهم .
– وأيضاً وأيضاً ، فلقد قارب عمر المواجهة البطولية لحماس والجهاد الإسلامي وغيرهما من الفصائل البطلة للكيان الصهيوني قرابة العامين ، ودون أي رد فعل عملي أو جدي من العالمين ؛ العربي والإسلامي ، فقط أقوال وتصريحات جوفاء لا تسمن ولا تغني من جوع ، وهذا يعطي تطمينا للصهاينة أن أي خطوة توسع قادمة ، ستواجه (فقط) ب (جعجعة) إعلامية جوفاء من العالمين ؛ العربي والإسلامي ، ودون أي مواجهة فعلية .
– وفي هذا المقام أيضا ، فما صرح به بعض الساسة من الصهاينة الأمريكان من أمثال توم برّاك ، من رفض إتفاقية سايكس بيكو ، يعني عمليا رفضها بمخرجاتها القائمة، بمعنى يجب توسعة حدود (إسرائيل) ، بمعنى الرفض لما هو (سيء ) ، والطموح لما هو (أسوأ) !!.
– إن ما يحدث في جبل الشيخ والجولان وأجزاء من جنوب سورية وأجزاء من جنوب لبنان يشكل مؤشرات أولية ( مهمة) للرؤية الصهيونية .
– وبالتالي يمكن القول ، وبهامش من التأكد ، أن النظرة الصهيونية بالتوسع و(إسرائيل الكبرى) ليس مجرد (هلوسات) أو( أحلام) أو(خرافات) ، كما قال بعض الساسة العرب ، بل هو مشروع يجري التخطيط له لتنفيذه .
– ولكن السؤال والتساؤل ، هل سيتم تنفيذ هذا المشروع خلال أيام أم أشهر أم سنوات أم عشرات السنين ؟.
– من المعروف أن الصهاينة يخططون لمشاريعهم لعشرات السنين القادمة ، ولا يتبعون سياسة (الفزعة) أو (العاطفة المجردة) ، وكدليل على ما أقول ؛ فإن (ثيودور هرتزل) (زعيم ومؤسس الحركة الصهيوني) قد صرّح في المؤتمر الثاني للحركة الصهيونية والمنعقد في مدينة (بازل) السويسرية في مثل هذه الأيام ( (8/28) وحتى (9/2) ) من عام (1898م) (أي قبل مائة وسبعة وعشرين عاماً) ، قد ذكر بأن دولة (إسرائيل) ستكون (حتما) قائمة بعد (خمسين) عاما ، وبالفعل فلقد قامت الدويلة الصهيونية بعد (خمسين) عاما تماماً ( في العام 1948م).
– وعودة لتساؤلي ، هل سيكون التوسع الصهيوني قريبا وخلال سنوات محدودة ؟ وهل تستطيع (إسرائيل) حاليا أن يكون لها (لنقل ونفترض) مائتي ألف جندي في مصر ومائة وخمسين ألف جندي في سورية ومائة وخمسين ألف جندي في الأردن وثلاثين ألف جندي في لبنان ومائة وخمسين ألف جندي في العراق ومائة ألف جندي في السعودية ؟!.
– اجتهد وأقول ، إن جيش (الدفاع) الصهيوني لا يستطيع أن يسيطر حاليا على غزة (الصغيرة جغرافيا) (والكبيرة بطوليا) ، ويدعو الإحتياط ويدعو اليهود من خارج الكيان للإلتحاق به وتصر بعض القوى الصهيونية على تجنيد (الحريديم) لهذه الغاية ، فهل يستطيع تحقيق التوسعة أعلاه حالياً ؟!.
– واضح أنه لا يستطيع أن يحقق ذلك في المعطيات (القريبة) (المنظورة ) ، ولكن ذلك لا ينفي خطورة القادم ، فعمر الأوطان أكبر من أن يتم إحتلالها ولو بعد (مائة) عام .
– ومع ذلك ، فهل ينحصر الإحتلال (فقط) بوجود جنود على الأرض ؟ BOOTS ON THE GROUND (كما يقال في التعبير الغربي ) ؟!.
– إن للإحتلال عدة أشكال وألوان ، فقد يكون سياسيا ، وقد يكون ثقافيا ، وقد يكون فكريا ، وقد يكون ماليا ، وقد يكون إقتصاديا ، وقد يكون إجتماعيا ، وبحيث تنعدم الإرادة الحرة للدولة التي قد يتم إحتلالها ، ودعني أعطي مثالاً على ما أقول ؛ سبق (لنتنياهو) وأن دعا لتجريد حزب الله والفصائل الفلسطينية في لبنان وبعض القوى السورية من سلاحهم ، فسارعت بعض الأنظمة العربية إلى تبني هذا الطرح رغم خطورته وقساوته ، وروجت له ، إمتثالاً لأوامر (السيد) !! أوليس هذا شكلا من أشكال الإحتلال ؟!.
– أخلص إلى القول أن (إسرائيل الكبرى) ،وفي ظل كافة ما تقدم ، قد تكون حقيقة لا خيال ، ولو بعد عشرات السنين ، ما لم تحدث متغيرات جذرية يكون من شأنها تغيير المعطيات القائمة .
– أمّا ما يتوجب علينا فعله لمواجهة القادم ، فمحله مقال آخر .