طارق المومني
لم يكن الإعلام في أي مرحلة من المراحل إلا محط استهداف حكومي “ناعم وخشن ” وفي احايين كثيرة بتحالف مع السلطة التشريعية وبضغط منها ، ولكن بدرجات متفاوتة بين حكومة وأخرى ، فتلجأ تارة إلى تعديلات تشريعية ” قوانين وأنظمة وتعليمات ” واشتراطات قد لا تجد لها مثيلاً تُضيّق على الحريات للحد من ممارسات ما يسمى اغتيال الشخصية ونشر الإشاعات وتفرض قيوداً ورسوماً مالية بهدف التنظيم وضبط حالة الانفلات والفوضى وفق اسبابها الموجبة ، وتارة أخرى بممارسة ضغوط لحرمانها من مصادر الدخل وبالتالي عدم قدرتها على تغطية كُلفها التشغيلية ومن ثم اخراجها من السوق .
نقول ذلك مع تأكيدنا الوقوف إلى جانب الإعلام المهني الوازن والموضوعي وجُل أعلامنا كذلك بتفرعاته المختلفة ” مرئي ومسموع ومقروء والكتروني ” والذي يقوم بدوره الرقابي الحقيقي ويمارس رسالته الوطنية المقدسة بمسؤلية وحرفية عالية ، والذي يفترض أنه في مصلحة السلطات المختلفة في أي نظام ديموقراطي ، ما يستوجب دعمه وتسهيل مهمته وتشجيعه والغاء القيود عنه ، لا وضع ما يدفعه لترك الساحة ليشغلها من لا يمتُّون للمهنة بصلة ، وتكون النتائج كارثية يصعب تحملها ولا تملك أي جهة سلطة منعها .
ولعل الإعلام الالكتروني لعب دوراً مميزاً ولافتاً في الحياة العامة وساهم إلى حد كبير في رفع سقف الحرية ، وحمل رسالة الدولة إلى جانب وسائل الإعلام الأخرى ، وما جائحة كورونا إلا الدليل والبرهان على ذلك ، وإذا ما كان هناك تجاوزات وممارسات غير مهنية ، فإن حلها بالحوار تحت مظلة نقابة الصحفيين ، لا بالتضييق وفرض رسوم وضرائب وشروط تعجيزية غير منطقية ، للحد من حضورها وبالتالي اغلاقها وحرمان المواطن من حقه بتنوع وسائل الإعلام وتعددها .
ولا شك بإن بعض المواقع الالكترونية أصبحت مؤسسات ووفرت فرص عمل وملتزمة بالقوانين والأنظمة وتعمل بمهنية وحرفية، وكشفت عشرات قضايا الفساد وسوء استخدام السلطة وغيرها الكثير ، فضلاً عن ما تعانيه من رفع قضايا عليها وصدور احكام بآلاف الدنانير وهو ما يوجب دعمها، ودفع الأخرين ليسيروا على النهج ، فوجودهم ضرورة وحق دستوري ، ولا ننسى أن وسائل الأعلام الأخرى أصبح لديها مواقع الكترونية وحضور على وسائل التواصل الاجتماعي .
نقف إلى جانب المواقع الالكترونية وندافع عن حقها بالوجود والحضور ، ونرفض أي مساس بها أو التضييق عليها والحد من حريتها أو فرض رسوم غير منطقية عليها ، وندعو للحوار معها .