ما يحدث اليوم ليس مجرد اعتداء عابر ولا عملية عسكرية محدودة، بل هو إعلان فجّ عن زمن جديد أرادت فيه إسرائيل أن تجعل من الأرض العربية مسرحًا مفتوحًا لبطشها، تضرب حيث تشاء، ومتى تشاء، دون أن ترتجف يدٌ أو يعلو صوتٌ في هذا العالم الذي صُمّت آذانه وتخدّرت ضمائره.
أمس كانت الدوحة، عاصمة القرار، تستباح في وضح النهار، حيث طالت الصواريخ اجتماعًا سياسيًا على أرض سيّدة ذات سيادة. واليوم تُغرق النيران سفينة في تونس، البلد الحر الذي لم يرضخ يومًا لعدوان ولا خضوع. وامتدت يد الغدر إلى قلب صنعاء، مدينة الحضارة والعروبة، لتُحرق حجارتها ويُروّع أهلها.
أي وقاحة هذه؟ أي جنون ذاك الذي يجعل دولة محتلة تظن نفسها فوق القانون، تضرب العواصم، تهدد البحار، وتستبيح أجواء وسيادة الدول العربية كما لو أنّ الأمة أرض سائبة بلا حامٍ ولا كرامة؟
إنها ليست حربًا على فصيل أو مقاومة، بل حرب على العروبة كلها، على شرف الأمة وحقها في الحياة. صمت العالم لم يعد صمتًا بريئًا، بل هو شريك معلن في الجريمة. كل عاصمة لا تحتج، كل منبر لا يصرخ، كل قلم لا يكتب، هو جزء من هذه المؤامرة على أوطاننا.
ما جرى في قطر وتونس وصنعاء ليس حوادث متفرقة، بل حلقات في سلسلة سوداء، يراد منها كسر إرادتنا وترويضنا وإذلالنا. ولكن التاريخ يعلّمنا أنّ الشعوب التي تتعرض للاستباحة، هي ذاتها التي تنهض من تحت الركام لتصوغ مستقبلها بدمها وإرادتها.
فليعلم العدو، وليعلم كل من يقف وراءه، أنّ الأمة العربية لن تكون ساحة مستباحة، وأنّ ساعة الغضب آتية لا ريب فيها، وسيأتي اليوم الذي تُكتب فيه نهايات الطغيان بمداد من نار وعدالة .