– هَل تَعلم يا أَبي بأَنّني لَم أَعُد أَحلم أَثناء النَّوم؟!
– لَم تَعُد تَحلُم؟! لِماذا؟!
– لا أَدري ولكنّني ومنذ مُدّة لَم أَعد أَحلُم بأَي شيء، ورجع الأَب بذاكرته وفكّر مليًّا ليستنتج أَنّه هُوَ أَيضًا توقّف عَن الحُلم مُنذ فترة طَويلة!
– هَل يا بُني أَنّني أَيضًا ومنذُ فترة طويلة لَم أَحلم نهائيًّا وسأَل الأَب باقي أَبنائه وزوجته ليستنتج بأَنّهم جميعًا قَد توقّفوا عَن الحُلم مُنذ فترة
احتار الأَب وأَبنائه وظنّوا أَنّ هذه المُشكلة مُختصّة بعائلتهم فقط فَخرج الأَب وبدأَ بِسُؤال الجيران والأَصدقاء ليستنتج أَنّهم جَميعًا أَيضًا لا يحلمون مُنذ فترة!!
الجميع لا يَحلُمْ؟!! مَن الذي سرق أَحلامنا؟!
– قالت فتاة صغيرة: فلنحاول أَن نَنَم هذه اللَّيلة باكرًا ونُحاول أَن نحلُم ومَن يَحلُم عليه أَن يُخبر الجميع، فَعلّها تكون ظاهرة طارئة ولا يوجد استهداف أَو لصٌّ يسرق الأَحلام..
وفي اليَوم التّالي اجتمع الجميع وللأَسف.. الجَميع لَم يَحلُم أَيضًا هذه اللَّيلة!!
– ما الحَل؟! قال أَحدهم، – لنذهب إِلى الحكيم ليرشدنا إِلى سارق الأَحلام.
وسار الجميع باتّجاه منزل الحَكيم..
– حكيمنا الغالي، نحن نُعاني مِن هجر الأَحلام لنا مُنذ فترة ولا ندري مَن سرقها أَو لِماذا هجرتنا هي؟! فَهل نَحنُ مُستهدفون؟! وهَل هُناك مَن يَحلُم في هذا العالم؟! أَم أَنّ الجميع يُعاني مِن فقدانه للأَحلام.
– غريب يا أَعزّائي أَنّكم لَم تعرفوا مَن يسرق أَحلامكم فاللّص واضحٍ أَمام عيونكم ولكّنكم ترفضون رُؤيته…
هَل عرفتم مَن هُوَ سارق الأَحلام؟!
نَظَر كُل فرد إِلى مَن يقف بِجواره ظنًّا أَنّه هُوَ مَن سَرق حُلمه.
– السّارق يا أَعزّائي هُوَ الكَسل وهُوَ عدم الثِّقة بالنّفس وعدَم الرّغبة بتحقيق الأَحلام.
فالأَحلام إِن طالت، تملّ الانتظار وتذهب لآخرين يحقّقونها ليُصبح واقعًا حيًّا وليس مُجرّد خيال فكسلكم وتوانيكم عَن العمل هُوَ اللّص الأَكبر.
أَنتَ يا سامر بِماذا كُنتَ تَحلُم؟!
– كنتُ أَحلم أَن أُصبِح طيّارًا أَجول في السّماء وأَزور كُلّ البُلدان.
– وماذا فعلتَ لحُلمك؟! هَل درستَ كثيرًا؟! هَل وصلت اللَّيل بالنّهار لتحصل على مُعدّلٍ يُؤهلك لتحقيق حلمك؟!
– كَلّا، للأَسف لَم أَجتز الاختبار المُؤهل للطيران لعدّة مرّات وبَعد ذلك اضطررتُ للعمَل في مَكان لا أُحبّه ومهنته لا أَنتمي لها.
– وأَنتِ يا فرح بِماذا كنتِ تَحلُمين قَبل توقّف الأَحلام؟!
– كُنتُ أَحلم أَن أُصبِح سيّدة أَعمال أَمتلك العديد مِن المشاريع أَتنقّل بينها.
– وهَل تَحقّق حلمك؟! – للأَسف كَلّا
– هَل تعرفين السَّبب؟! – كلّا
– أَمّا أَنا فأَعرف السَّبب، السَّبب هُوَ أَنّك لَم تعملين بِجِد ولَم تكملي تعليمك ولَم تجمعي النّقود ولَم تملكي الجرأة عَلى البِدء بأَي مشروع مُستقل.
– وأَنتَ يا يوسف أَخبرني عَن أَحلامك؟!
– كُنتُ أَحلم أَن أُصبِح مُزارعًا وأَن أُطوّر الزّراعة في الأُردن.
– وماذا فعلتَ لتحقيق ذلك الحُلم؟! هَل درست الهندسة الزِّراعيّة؟! هل التحقت بدورات للهندسة الجينيّة؟! هَل عَمِلتَ في مزرعة…؟!
أَنتَ لَم تَقُم بأَي شيء مِن هذه الأَشياء وكرّر الحكيم السُّؤال للموجودين وأَنتَ… وأَنتَ… وأَنتِ…
جميعكم لَم تقوموا بأَيّ شيء يُحقّق أَحلامكم وغَضِبتُم عِندما سُرِقت منكم..!!
فالسّارق يا أَحِبَّتي هُوَ كسلكم وتوانيكم عَن بذل الجهد ويَأسكم غَير المُبرّر..
الأَحلام تَحتاج لأَشخاص مُتيقّظين، أُناس يُحبّوا المُستقبل والإِنجاز والحَياة… هيّا لنعقد العزم على تحقيق الأَحلام حتّى تعود لنا..
لندع الحُزن واليأس جانبًا ولنبدأ كُلّ يَوم بِداية كُلّها أَمل وعزم بالإِنجاز، عَليكم أَن تأخذوا القرَار بالبدء مِن جديد، بِداية تَحقّق أَحلامكم وبِداية يملؤُها العمل والإِرادة…
غادر الجَميع وسعادة تغمرهم وكُلّ شَخص منهم قَد قَرَّر أَن يَبدأ اليوم مِن جديد…
وكأنّه إِنسان وُلِدَ مِن جَديد، فاليَوم الذي تَكتشف فيه خطأك هُوَ ولادة جديدة، ولا يَهُمّ التّأَخّر ما دُمتَ وصلتَ للحَقيقة..
ولكن يا تُرى هَل عادت لَهُم أَحلامهم؟!!