الالية الفنية لعمل عدادات المياه في ظل شح المياه المهندس احمد بكر

رايت انه من واجبي العلمي والفني ان أبدي رايا علميا كوني حاصل على درجة الماجستير المتخصص في إدارة شؤون المياه من فرنسا واعمل في هذا المجال لما يزيد عن ثلاثون عاما ، خاصة بعد ما اثير من ردود فعل متباينة بعد لقاء وزير المياه والري بخصوص عدادات المياه وتواجد الهواء في شبكات المياه مؤخرا.

فأنا مطلع على الجهود الجبارة التي يقوم بها العاملون في قطاع المياه طوال سنوات في سبيل إيصال شربة المياه النظيفة إلى منازل المشتركين هذا من جهة، ومن جهة أخرى مطلع على حجم الدعم والاهتمام من الحكومة المقدم على اثمان المياه ، فالأردن يعد من أفقر دول العالم بالمياه وبنفس الوقت من ارخص دول العالم في اثمان المياه ، فتكاليف البحث عن مصادر المياه ومعالجتها وجرها وصولا إلى منازل المواطنين تبلغ أضعاف مضاعفة من الأموال المستردة من المشتركين ثمنا لتلك المياه ،فجهود المعنيين في البحث عن مصادر جديدة وتنفيذ مشاريع الحصاد المائي من حفائر وسدود ومشاريع انشاء أنظمة المياه وكذلك مشاريع التقليل من فاقد المياه وتأهيل شبكات وأنظمة المياه لا تتوقف ، كل ذلك في سبيل الاستفادة من اي قطرة ماء، والجميع يعلم أن المواسم المطرية لم تعد كالسابق والتغير المناخي الحاصل والارتفاع الملحوظ على درجات الحرارة مما زاد في نسب تبخر المياه السطحية ،وقد بات هاجس إيجاد مصدر دائم للمياه ضرورة ملحة تؤرق المسؤولين على أعلى المستويات، واخص بالذكر هنا سيدي صاحب الجلالة مليكنا المفدى الذي لم يترك جهدا على المستوى الدولي إلا وقام به من أجل تذليل العقبات أمام تنفيذ مشروع الناقل الوطني ( تحلية المياه من البحر الأحمر في العقبة ونقلها إلى عمان ) هذا المشروع العملاق حجما وتكلفة تصل لعدة مليارات من الدنانير ، وقد تكللت جهود سيد البلاد بالنجاح خاصة وان الحلم اوشك ان يكون حقيقة.
ان جميع شبكات المياه حول العالم يتواجد بها كميات متفاوته من الهواء ،هذا الهواء يتسرب إلى داخل شبكات المياه بعدة طرق ومنها اثناء القيام بأعمال تمديد وصيانة الخطوط وغسلها وكذلك في الخطوط التي تفرغ من المياه ،ولهذه االأسباب يقوم مصممو شبكات المياه بوضع هوايات على خطوط المياه الرئيسية من أجل التخلص من الهواء المتسزب إلى داخل الشبكات ولولا وجود تلك الهوايات فالإحتمال كبير ان تتفجر خطوط المياه والعدادات بسبب ضغط الهواء المتواجد داخل الخطوط عند ضخ المياه داخل الشبكات، يتم التخلص من معظم الهواء المتواجد داخل الشبكه عند طريق تلك الهوايات الرئيسية التي يتم تركيبها أثناء تمديد شبكات المياه وحسب التصاميم الفنية المعدة لتلك الشبكات ،وإن تبقى جزءا ضئيلا من الهواء المتواجد في الشبكة يسير مع المياه باتجاه عدادات السادة المشتركين ، وبالإمكان مشاهدة وسماع صوت الماء المختلط بالهواء عند فتح صنابير المياه بعد العداد .
هنا في الأردن تواجد الهواء داخل شبكات المياه يكون أكثر منه في شبكات المياه لدول أخرى، وهذا يرجع بالطبع لشح المياه في الأردن الذي يلزم القائمين على إدارة المياه بوضع برنامج لتوزيع كميات المياه المتوفرة لكي يستفيد منها عامة المواطنين ،فاثناء ضخ المياه على منطقة معينة حسب برنامج التوزيع المعد ، تمتلئ انابيب تلك المنطقة بالمياه، وعند انتهاء مدة التوزيع لتلك المنطقة، يتم إيقاف ضخ المياه عنها ، فتفرغ الانابيب من المياه ويحل الهواء مكان المياه في الخطوط الفرعية المزودة للمشتركين، وعند استئناف ضخ المياه في دور التوزيع التالي فمن الطبيعي ان يندفع الهواء المتواجد في الانابيب أمام المياه المضخوخة باتجاه العداد ، طبعا هذه الظاهرة ليست بعامة، وإنما هي محصورة في بعض منازل المشتركين في المياه والقاطنين في أماكن مرتفعة جغرافيا او في نهاية الخطوط، أما عدادات المياه فهي عدادات معتمدة دوليا ومحليا من عدة جهات ومنها الجمعية العلمية الملكية ومؤسسة المواصفات ومن حق اي مشترك يشك في صلاحيه عداده ان يعلم خدمات المشتركين في شركة المياه التابع لها حيث يصار إلى فحص العداد فنيا في مختبر فحص العدادات ويعالج الموضوع فورا بناءا على تقربر فحص ذلك العداد بكل عدالة.

وعن ما اشار اليه وزير المياه والري على شاشة التلفزيون الأردني في برنامج ستون دقيقة، انا على يقين تام بأن الوزير يولي شكاوى المواطنين المتعلقة بالمياه عناية كبيرة بحكم عملي ، فقد أراد الوقوف على هذه الظاهرة بنفسه وتقييم مدى تأثيرها على فواتير السادة المشتركين ، فقام بتركيب هوايه قبل العداد داخل منزله ، وقد أفاد وبصراحته وشفافيته المعهودة بأنه وبعد تركيب تلك الهواية لاحظ انخفاض في قيمة فاتورة المياه، وطالما ترك الوزير قرار تركيب الهواية بيد المشتركين أنفسهم ، كما هو متروك لمشتركي الكهرباء بشراء اللمبات الموفرة للطاقة ( إذا رأو ان ذلك مجديا لهم ) ، فمن الواضح أن الإنخفاض الذي لاحظه على فاتورة المياه كان ضئيل، وانني اثني على ما اشار اليه بشكل علمي وفني بأن مشروع الناقل الوطني سيحد من هذه الظاهرة بشكل كبير عند توفر المياه
والبدء بتزويدها للمشتركين بشكل متواصل عن طريق الانسياب الطبيعي وليس عن طريق الضخ المباشر في الشبكات وإلى أن يتم الانتهاء من تنفيذ مشروع الناقل الوطني، فبإمكان المشتركين
الذين يعانون من هذه الظاهرة إغلاق محبس المياه بعد العداد في منازلهم عند انتهاء دور توزيع المياه، وإعادة فتحه عند وصول المياه في دور التوزيع التالي ،
كذلك ينصح السادة المشتركين بعدم تركيب مضخة منزلية عند العداد لأن ذلك سوف يفاقم من تلك الظاهرة عندما تقوم تلك المضخة بشفط المياه من خط التزود بالمياه مباشرة وغالبا ما تترك تلك المضخة شغالة حتى بعد انتهاء دور التوزيع وأحيانا قبل بدء دور التوزيع. مما يلحق الضرر في عداد المياه فضلا على مرور الهواء من خلاله.
حمى الله الأردن وشعبه العظيم
وقيادته الفذة وأطال الله في عمر مولاي صاحب الجلالة مليكنا المفدى.

 

المهندس احمد بكر
خبير مياه

+962797432440