رجل الأفعال قبل الأقوال..رزان الكعابنة

 

جلالة سيدنا الملك عبدالله الثاني ابن الحسين، الملك الهاشمي، رجل السلام والعدالة والكرامة والمساواة والحرية والإنسانية، نبراس الحق وعرّاب السياسة.
منذ بزوغ شمس الدولة الأردنية الهاشمية وحكامها هم الصوت والصورة والفعل لقضية الإسلام الأولى وقضية العرب. فكان أولى الشهداء الأردنيين قائدهم، وكان أول خطاب للملك الباني عن القضية الفلسطينية، واستمرت المسيرة حتى الملك المعزز، فهو في كل المحافل الدولية والعربية يتحدث عن القضية بحزم وثبات وإيمان وأمل بأن شمس الحرية والعدالة ستشرق على فلسطين العربية التاريخية.

تحدث جلالة سيدنا عن فقدان المجتمع الدولي للإنسانية وأخلاقياته، وشكك في مدى التزامه بمعايير الإنسانية التي وضعها. فقد كان أول اعتداء إسرائيلي على قطاع غزة بضرب المستشفيات فثار العالم بأسره، ومع مرور الوقت أصبح الأمر اعتياديًّا؛ حيث وقع أكثر من 700 اعتداء وحشي ودامٍ من قتل أطفال ونساء وتشريدهم واستخدام التجويع كسلاح.

بذل جلالته جهودًا دبلوماسية وسياسية جبارة عبر العديد من الزيارات الملكية إلى مختلف الدول ورؤسائها، معربًا عن قلقه من أن يتخذ العالم الأفعال الوحشية والقذرة وطرق القتل والدمار نهجًا في صراعاته. فقد كانت الحروب قديمًا للسطو والسيطرة على الأراضي، ولكن يبدو أن هذه المنهجية على الرغم من حدتها وقسوتها أرحم من مجازر الهولوكوست الإسرائيلية بحق المستضعفين في قطاع غزة المكروب.

قبل خمس سنوات، ومن على نفس المنبر، تحدث صوت الحق جلالة سيدنا الملك عبدالله الثاني، وها هو اليوم يعيد ويجدد ويذكر العالم بالعودة إلى ثوب الإنسانية، إلى القيم الدينية المنبثقة عن جميع الأديان السماوية. العالم خذل غزة، ولكن الأردن كان بصيص الأمل، وكان الرئة لفلسطين الحبيبة.

فمنذ بداية العدوان الإسرائيلي كان الأردن أول من كسر الحصار عن غزة، وبدأت المملكة منذ 6 تشرين الثاني 2023 باستخدام الأجواء سبيلًا لإيصال المساعدات إلى القطاع المحاصر. وحتى 19 آب 2025 بلغ عدد الإنزالات الجوية التي نفذها الأردن 158 إنزالًا، وبالتعاون مع دول شقيقة وصديقة بلغ مجموع المساعدات المُنزلة ما يقارب 778 طنًا من المواد الإغاثية والاحتياجات الأساسية إلى قطاع غزة. وحتى عندما أراد العالم إرسال المساعدات كان الأردن قدوته والأمين في إيصالها.

ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل واصلت المملكة الأردنية الهاشمية والجيش العربي الهاشمي والهيئة الخيرية الهاشمية إيصال المساعدات برًّا، حيث بلغ مجموع هذه الشاحنات أكثر من 8,664 شاحنة، وأعربت الهيئة الخيرية الهاشمية عن قدرتها على إرسال 200 شاحنة يوميًا في حال تيسير إدخالها من الجانب الآخر.

كما أرسلت الأردن مخبزًا متنقلًا بقدرة إنتاجية تبلغ حوالي 3,500 رغيف في الساعة لتخفيف أزمة الخبز، وشغّلت الهيئة الخيرية الأردنية مخبزًا يوميًا في جنوب غزة لإنتاج ما بين 35,000 – 40,000 رغيف يوميًا.

وعلى الصعيد الطبي، فقد استقبل الأردن عبر الممر الطبي الأردني، منذ انطلاق المبادرة في شهر آذار 2025، ما مجموعه حوالي 665 شخصًا، مع التأكيد على حقهم في العودة إلى وطنهم ورفض التهجير للغزيين.

قائد طب الميدان في الخدمات الطبية الملكية، العميد الطبيب أحمد الصبيحات، أشار إلى أن المستشفيات الميدانية الأردنية في غزة، التي تعمل بتوجيهات ملكية سامية من جلالة الملك عبدالله الثاني، استقبلت أكثر من 524,248 مريضًا، وأجرت العديد من العمليات الجراحية. كما وصل عدد الوفود الطبية المرسلة إلى غزة ستة وفود، مع توزيع المستشفيات في عدة مناطق وبجميع التخصصات الطبية لمساعدة المصابين والحالات الإنسانية.

وعلى صعيد إنساني آخر، أطلق الأردن مبادرة “استعادة الأمل” لدعم مبتوري الأطراف عبر توفير عيادات طبية مجانية لأكثر من 16 ألف مصاب وتأمينهم بأطراف صناعية تمكنهم من المشي خلال ساعة واحدة، نظرًا للظروف الصعبة التي يواجهها القطاع وعدم توفر المستشفيات. فحتى ألم الحل، فكر فيه الأردن.

وتستمر الجهود الدبلوماسية والسياسية لدعم فلسطين وإعادة حقها في الحياة والعيش الكريم. اليوم الأردنيون فخورون بقائدهم، وبحكمته وإنسانيته التي نباهي بها العالم، وفخورون بجيشنا العربي الباسل، من سلاح الجو إلى الخدمات الطبية الملكية ومديرية الإعلام العسكري، التي نكن لها كل الاحترام على إيصالها الحقيقة إلى جميع أنحاء العالم.