عندما تبدع حفيدة شهرزاد عفن أحمر للروائية تبارك الياسين ؟!

 

 

كتب / حسين عبد العزيز

كل يوم يصدر عمل جديدة للمرأة ، لتكتب وتسجل فيه فهمها ونظرتها إلى الأشياء المحيطه بها إن كان فى الفضاء الخاص أو فى الفضاء العام الذى يحيط بها ، وهى تعمل على روايتها نجدها راغبه فى أن تنقل لنا نحن القراء هذا العالم بكل ما به من متناقضات ذاتية أو عامه .
الروائية والفنانه التشكيلية الأردنية ” تبارك الياسين ” كانت من هذا النوع الذى يعمل على تقديم عالم متداخل الأحداث ، وليس واضح الرؤى والمعالم . فالحس الوجودى موجود فى الرواية من خلال الشخوص التى تظهر لنا وقد علمنا أنها تعانى أزمة وجودية ، تجعلها غير قادره على التكيف مع أحداث الواقع ، الذى به حربا ، وكذلك ما يحدث فى المسرح وأحداث المسرحية والحياة الخاصة للابطال .
كل هذا نجده فى متن الرواية ، التى لا يجب أن ننسى عنوانها ونحن تندمج مع أحداثها . فأشخاص الرواية يعملون فى فرقة مسرحية اى لهم حياتنا حياة المسرح . وحياة الواقع ، حياة المسرح يقوم بالدور المكتوب مع محولة إعادة تأليف الدور كل يوم ، بالتمثيل المسرحى يختلف عن التمثيل السينمائى ، بالسينما يقوم المثل بالدور كما يرى المخرج الذى بين يديه الورق المكتوب من خلال السيناريو والحوار ومن النادر أن يسمح المخرج للمثل أن يقوم أن يقول شئ ليس فى الورق الذى بين يديه . أما المسرح فالوضوع مختلف حيث كل يوم هناك نص جديد يقوم به المثل فى ظل المخرج الذى يعلم أن الممثل يضيف ما يرى أنه مفيد للنص ، والممثل عينه على الجمهور الذى يتفاعل بما يقدمه الممثل ، وكلما كان الممثل متكمن من أدواته فإنه يحسن التعامل مع الجمهور ، ونحن لدينا أكثر من نموذج لكنى سوف أشير إلى نموذج واحد لكى أوضح ما أود ما أشير إليه . وأنا أتحدث عن رواية عفن احمر ، حيث أن مسرحية ” كأسك ياوطن ” لدريد لحام فيها ما أشرت إليه أن المثل البطل كان يؤلف نصا جديدا كل يوم بل كان يؤلف نصا كل يوم وهو يقف على خشبة المسرح ، وهو بالمناسبة هو مؤالف النص مع المؤلف والشاعر محمد الماغط

٢
وهكذا نجد السرد الخاص بالمؤلفة يتشابك مع سرد وحكى البطلة ممثلة المسرح التى تعانى من أزمة وجودية مثل كل ممثلى المسرح على مستوى العالم ..
فنجدها تحكى لصديقتها فى المسرحية جزء من حياتها مع امها التى كانت تحكى لها حكايات لكنها للأسف نست تلك الحكايات ونقراء جزء من الحوار

( استقظت جود وهمست بصوت خافت
_ حلمت فى امى ، كانت تغنى لى اغنية جميلة .
_ ماذا كانت تغنى ؟
_ أغنية كانت تغنيها لى قبل النوم ، مع إننى كنت أحب الحكايات أكثر
_ هل تحفظين الحكايات ؟
بحزن أجابت سماح
_ للاسف لا احفظ أية حكاية
_ ألم تكن أمك تقص عليك حكايات قبل النوم
_ كلا لم تفعل ابدا
_ أنا سأحكى لك حكاية
سرق أحدهم حبة قمح لرفيقه ، فطالبه فيها ، فقال له رفيقه :
_ هى حبة قمح ، ما قيمتها ؟!
فرد قائلا :
قمحتى أم القموح
قمحتى ما بتروح
قمحتى ب كف طحين
كف الطحين ب تقريصة
التقريصة ب رغيف
والرغيف ب جاجه
والجاجة ب خروف والخروف ب جمل
والجمل ب عروس
ونوس يا سراجى نوس
والقمحة جابت عروس .

وما أسرع أن نجد الراويه تأخذ القارئ إلى منطقة مغايره تمام حيث عملية ولاده تتعرض لها زوجة نجيب التى تتلوى على الأرض . وهنا نعيش لحظات قاسية كما نرى فى الواقع المصرى او فى الافلام المصرية التى قدمت لنا هذا الموقف بكل ما فيه .. ومن منا يمكن أن ينسى عملية الولاده التى كانت فى فيلم الحفيد

وهنا نجد أن الراوية تستخدم كل امكانياتها فى تشكيل عمل روائى يستحوز على القارئ .وهنا لبد أن أقف قليلا لكى اذهب الى الفن التشكيلى الذى هو أكبر من خطوط والوان والروائية هى فنانه تشكيلة اى عملها قائم من خلال الريشة والألوان وهى قد نجحت فى تشكيل روايتها من الفرقة المسرحية التى تتدرب على مسرحية مشهور للغاية وهى

الفصل٣ المومس الفاضلة سارتر
هنا نجد أنفسنا نعيش تجربة أو بروفات تلك المسرحية المشهورة عالميا .
فبناء الرواية يكاد يكون قائم على مسرحية سارتر .. الذى هو عمل مسرحى مشهور للغاية .
و سماح هى بطلة الرواية وبطلة المسرحية . وتفشل فى أداء الدور .. هل بسبب عنوانها أم بسبب حياتها المعقدة و التى بها مشاكل المجمع.. والتى تمام تكون بسبب العنصرية التى تخرج من البيت ثم تنتشر فى المجتمع كله .وكله تشمل كله
وبما إن المؤلف وجودى فنصه كذلك وبما أنه كذلك فوجود الموت شيء طبيعى لأن الموت قرين الفلسفة الوجودية . حيث لا يمكن أن نتحدث عنها ولا نتحدث عنه .. ونجد برهان بطل النص .. هذا الإنسان الحالم بعالم أفضل ووطن اجمل وحياة يستحقها الإنسان الذى وجد نفسه داخل تلك الحياة غير واضحة المعالم
وفجأة يجد نفسه داخل المعتقل .. وفى المعتقل يجد أسئلة جديدة ومختلفة
اتثاء التعذيب . لأن المعتقل كما الحياة لبد أن يوجد تعذيب من نوعا ما وفى كلتا الحلاتين لا يوجد تفسير لما يقع لنا من تعذيب خارج وداخل المعتقل ..
وعندما يخرج من المعتقل يتعامل أو ينعت سماح بالامس . وهى ترد عليه بأنه زير متعدد العلاقات

والآن يمكن أن البراميل المتفجرة تعد هى محرك الأحداث بالنسبة لشخوص الرواية ،فنجد إبراهيم هذا الشاب الذى ذهب إلى العراق ليجاهد .. وبعد فتره يعود إلى إلى أهله ليقص عليهم ما وجده هناك .. واخذ يشرح وهو يضعنا فى مشهديه لحجم الدمار والخراب الذى أصاب العراق بيد العرب وكما حدث الآن فى سوريا بيد العرب أيضا تحت بند الجهاد الذى نحن لا نعرف معناه
ان الأحداث تقع فى مدينه سورية اسمها حمص . والجميل فى الرواية هو ديمقراطية الروائية التى تركت الأشخاص تعبر عن ذاتها بمنتهى الحرية .. من خلال فلسفة الحكى الاعتراف الذاتى وهذا هو الذى جعلنا نتعامل مع الرواية بهدوء ورويه حتى يتم الاستمتاع بالرواية

 

 

ونقرأ جزء من الحوار الذى كان بين البطل والبطلة التى تقول فى ردها على البطل الذى يدافع عن النص
_ هل هذا كل ما أثارك فى المسرحية ، الإدعاء إن كانت فاضلة أو لا ؟! ولا ترين فيها عبثية الحياة وكيف تنقلب الأدوار .. ممارسة القوى وسلطته على الضعيف .. ألم يزعجك كيف تم قتل الزنجى بدم بارد !!

قاطعته فورا وأكملت
_ بلى ، ولكن أشعر أنى مجرد أداة هنا لك . أنا مجرد دُمية هنا . لماذا هذه المسرحية ، ولماذا هذا الدور .
لم ينظر إليها .. نظر نحو المقاعد وقال :
يقول سارتر ” الأداة تؤدى إلى الأداة ”
وبهذا نعرف ونفهم أن أزمة ابطال الرواية .الذين يعملون فى أداء مسرحية وجودية من تأليف فيلسوفها الأول جان بول سارتر
وهذا تمضى حياة ابطال الرواية كحياة ابطال المسرحية .
كل هذا واللغة المستخدمة فى بناء الرواية لا يمكن فصلها عن الرواى أو عن الابطال. حيث تمهى كل شئ مع بعضه البعض ليقدم لنا عفن احمر . اى واقع عفن نعيش فيه مرغمين . فنشتكى ونبكى ولا نعمل على تعديل وقعنا بالعمل وانما نتحدث وننظر .ونكتفى بهذا . ومع ذلك مازلنا نعيش نأكل ونشرب ونمارس الجنس الذى ينتج عنه اولاد لا نهتم بهم ولا بتحسين حياة التى كنا السبب فى وجودهم فيها .