يقولون عنها «ست بيت»، وكأنها لقب فخري يُمنح مع وسام الكسل الذهبي!
يخيَّل للبعض أنها تجلس على كنبة فاخرة ومريحة، تمسك فنجان القهوة بيدٍ، وريموت التحكم بالأخرى، بينما الطعام يطهى لوحده، والغسيل يتنظّف وينشف ويُكوى بقوة الخيال، والأولاد يُربَّون أنفسهم تلقائيًا ببرنامجٍ ذاتيّ التطوير وبنفس الريموت.
لكن الحقيقة مختلفة تمامًا: هذه “الست” تحمل تسعة أشهر، وتضع مولودها وسط أوجاعٍ لا يتحمّلها جبل، ثم تُرضع وتسهر الليالي وتربّي وتطبخ وتغسل وتجلي وتنظّف وترتّب البيت، وكأنها مؤسسة متعددة الأقسام تعمل بلا تمويل ولا عطلة أسبوعية.
هي المديرة التنفيذية لشؤون الفوضى، والممرضة المناوبة 24 ساعة، والطباخة، والمربية، ووزيرة الداخلية لشؤون الأعصاب العائلية.
ومع كل ذلك، يقال عنها بلطفٍ مؤذٍ: «محظوظة… مابتشتغل تجلس في البيت “ست بيت”!»
يا للعجب! لو علموا أن “جلوسها” ذاك هو أعظم أنواع الحركة، وأن صمتها ليس راحة بل هدنة قصيرة قبل جولة جديدة من المعارك اليومية.
هي لا تنال راتبًا، لكنها تدفع ثمن التعب من صحتها ووقتها وصبرها — وتخرج في النهاية بابتسامة المنتصر الذي لا أحد يعلم أنه خاض حربًا.
وأخيرًا، مطلوبٌ منها أن تكون “أنجلينا جولي” عشان “أبو كرش” يرضى.
تحية إلى كل “ست بيت” تُدير العالم من مطبخٍ وغرفة معيشة، تُرمّم الأرواح قبل الجدران، وتحوّل الفوضى إلى حياةٍ تُشبه الدفء.
هي لا تعمل؟ بل تعمل كلّ الوقت، فقط بلا إعلان توظيف، ولا راتب، ولا ضمان، ولا حتى مكافأة….”إنها أمك، وزوجتك، وابنتك، وعمتك، وخالتك، وجدتك… كل نساء حياتك مجتمعات هنا.”إنها ست البيت.