هَلْ أَنْتَ حَقًّا مَحْظُوظٌ؟سعيد ذياب سليم

قُبَيْلَ بُزُوغِ الْفَجْرِ، اعْتَادَ أَنْ يَزُورَنِي زَوْجٌ مِنَ الْحَمَائِمِ.
أَسْمَعُ مِنْ أَحَدِهِمَا صَوْتَ هَدِيلٍ قَوِيٍّ لَحُوحٍ مُتَقَطِّعٍ، يَرُدُّ عَلَيْهِ هَدِيلٌ رَقِيقٌ تُسْمَعُ فِيهِ رِقَّةُ الْأُنْثَى.
يَتَبَادَلَانِ الْإِنْشَادَ بَيْنَ قَرَارٍ وَجَوَابٍ، بَيْنَ بَثٍّ وَشَكْوَى، ثُمَّ يَبْتَعِدَانِ عَنْ نَافِذَتِي إِلَى زَاوِيَةٍ أُخْرَى فِي الْجِوَارِ؛ حَائِطٍ، أَوْ شُجَيْرَةٍ، أَوْ عَرِيشَةِ عِنَبٍ، يَرْتَشِفَانِ نَدَى الصَّبَاحِ وَرَحِيقَ الْأَقَاحِي فِي سَعَادَةٍ يَغْبِطُهُمَا عَلَيْهَا مَعْشَرُ الْإِنْسِ، السَّالِكُونَ دُرُوبَ التِّيهِ بَحْثًا عَنِ السَّعَادَةِ، وَالْبَاحِثُونَ عَنِ النَّجَاةِ وَسْطَ الْكَارِثَةِ.
تَأَمَّلْتُهُمَا طَوِيلًا وَسَأَلْتُ نَفْسِي:
هَلْ أَمْلِكُ بَعْضَ حَظِّهِمَا؟
رُبَّمَا لِأَنَّ الطُّيُورَ لَا تَسْعَى لِتُثْبِتَ شَيْئًا لِأَحَدٍ، وَلَا تَقِيسُ قِيمَتَهَا بِمَا تَمْلِكُهُ أَوْ بِمَا يَرَاهُ فِيهَا الْآخَرُونَ.
فَالْإِنْسَانُ، عَلَى الْعَكْسِ، لَا يَكُفُّ عَنْ رُؤْيَةِ انْعِكَاسِ صُورَتِهِ فِي عُيُونِ مَنْ حَوْلِهِ، وَيَقِيسُ سَعَادَتَهُ بِمِيزَانِ الْمُقَارَنَةِ وَالِاعْتِرَافِ، لَا بِصَفَاءِ الْعَيْشِ.
تَذَكَّرْتُ حِينَئِذٍ مَا قَصَّهُ هِيرُودُوتُسُ عَنِ الْحَكِيمِ الْأَثِينِيِّ صُولُونَ، الَّذِي لَخَّصَ هَذِهِ الْمُفَارَقَةَ بَيْنَ ظَاهِرِ الثَّرَاءِ وَجَوْهَرِ السَّعَادَةِ.
فَبَعْدَ أَنْ أَتَمَّ إِصْلَاحَاتِهِ فِي أَثِينَا وَسَنَّ قَوَانِينَهُ الَّتِي أَرْسَتْ أُسُسَ الْعَدَالَةِ وَالدِّيمُقْرَاطِيَّةِ، خَرَجَ فِي رِحْلَاتٍ طَوِيلَةٍ لِلتَّأَمُّلِ وَالتَّعَلُّمِ.
وَخِلَالَ إِحْدَى تِلْكَ الرِّحْلَاتِ، زَارَ قَصْرَ كُرْوِيسُوسَ، مَلِكِ لِيدْيَا فِي آسْيَا الصُّغْرَى، الَّذِي كَانَ يُضْرَبُ بِهِ الْمَثَلُ فِي الثَّرَاءِ الْفَاحِشِ، إِذْ جَمَعَ مِنَ الذَّهَبِ وَالْكُنُوزِ مَا جَعَلَهُ يَظُنُّ نَفْسَهُ أَسْعَدَ أَهْلِ الْأَرْضِ.
رَحَّبَ كُرْوِيسُوسُ بِصُولُونَ بِحَفَاوَةٍ عَظِيمَةٍ، وَأَرَاهُ خَزَائِنَهُ وَقُصُورَهُ الْمُذَهَّبَةَ وَمَظَاهِرَ مَجْدِهِ وَقُوَّتِهِ، ثُمَّ سَأَلَهُ بِزَهْوٍ لَا يَخْلُو مِنَ الْغُرُورِ:
“أَيُّهَا الْأَثِينِيُّ الْحَكِيمُ، مَنْ هُوَ أَسْعَدُ إِنْسَانٍ فِي الْعَالَمِ؟”
وَكَانَ يَنْتَظِرُ أَنْ يَسْمَعَ الْجَوَابَ الَّذِي يُرْضِي غُرُورَهُ:
“أَنْتَ يَا مَوْلَايَ، بِلَا شَكٍّ!”
لَكِنَّ صُولُونَ أَجَابَهُ بِثِقَةٍ وَهُدُوءٍ:
“أَسْعَدُ رَجُلٍ رَأَيْتُهُ هُوَ تِيلُوسُ الْأَثِينِيُّ، لِأَنَّهُ عَاشَ حَيَاةً فَاضِلَةً، وَرُزِقَ أَوْلَادًا صَالِحِينَ، وَمَاتَ شُجَاعًا فِي سَبِيلِ وَطَنِهِ، فَدَفَنَهُ قَوْمُهُ بِإِجْلَالٍ وَتَكْرِيمٍ.”
تَغَيَّرَ وَجْهُ كُرْوِيسُوسَ، لَكِنَّهُ كَتَمَ امْتِعَاضَهُ وَسَأَلَ ثَانِيَةً:
“وَمَنْ بَعْدَهُ؟”
فَأَجَابَ صُولُونُ:
“شَابَّانِ يُدْعَيَانِ كِلِيُونُ وَبِيتُوسُ، عَاشَا حَيَاةً تَقِيَّةً، وَمَاتَا مِيتَةً مُشَرِّفَةً بَعْدَمَا قَدَّمَا مِثَالًا فِي الْبِرِّ وَالتَّضْحِيَةِ.”
لَمْ يَحْتَمِلْ كُرْوِيسُوسُ الْمُفَارَقَةَ وَقَالَ غَاضِبًا:
“وَهَلْ تَعْتَبِرُنِي أَقَلَّ سَعَادَةً مِنْ هَؤُلَاءِ الْفُقَرَاءِ؟”
فَابْتَسَمَ صُولُونُ وَقَالَ كَلِمَتَهُ الَّتِي خَلَّدَهَا التَّارِيخُ:
“أَيُّهَا الْمَلِكُ، لَا تَقُلْ عَنْ إِنْسَانٍ إِنَّهُ سَعِيدٌ حَتَّى تَرَى كَيْفَ تَنْتَهِي حَيَاتُهُ؛ فَالسَّعَادَةُ لَا تُقَاسُ بِالْغِنَى، بَلْ بِالْخَاتِمَةِ الْحَسَنَةِ.”
مَرَّتِ الْأَعْوَامُ وَتَبَدَّلَ الزَّمَانُ.
شَنَّ كُرْوِيسُوسُ حَرْبًا عَلَى الْفُرْسِ بِقِيَادَةِ كُورُشَ الْعَظِيمِ، فَانْهَزَمَ وَأُسِرَ، وَأُمِرَ بِإِحْرَاقِهِ حَيًّا.
وَبَيْنَمَا كَانَتْ أَلْسِنَةُ النَّارِ تَقْتَرِبُ مِنْهُ، تَذَكَّرَ كَلِمَاتِ صُولُونَ، فَتَنَهَّدَ قَائِلًا بِصَوْتٍ مُتَهَدِّجٍ:
“آه يَا صُولُونُ… يَا صُولُونُ… يَا صُولُونُ!”
تَعَجَّبَ كُورُشُ مِنَ الِاسْمِ، وَحِينَ عَلِمَ الْقِصَّةَ أَدْرَكَ حِكْمَةَ الْقَوْلِ، فَأَمَرَ بِإِطْفَاءِ النَّارِ وَإِطْلَاقِ سَرَاحِ كُرْوِيسُوسَ، وَاتَّخَذَهُ مِنْ بَعْدُ نَاصِحًا وَمُسْتَشَارًا لَهُ.
وَهَكَذَا أَدْرَكَ الْمَلِكُ الَّذِي ظَنَّ نَفْسَهُ أَسْعَدَ النَّاسِ، أَنَّ الثَّرْوَةَ لَا تَقِي صَاحِبَهَا شَرَّ التَّقَلُّبَاتِ، وَأَنَّ السَّعَادَةَ لَا تُقَاسُ بِمَا نَمْلِكُ، بَلْ بِمَا نَكُونُ، وَبِالطَّرِيقَةِ الَّتِي نُغَادِرُ بِهَا الْحَيَاةَ.
لَكِنْ… بَيْنَمَا نَجَا كُرْوِيسُوسُ مِنَ النَّارِ، لَمْ تَنْجُ نِيبَالُ مِنْهَا.
نِيبَالُ أُمٌّ عِشْرِينِيَّةٌ مِنْ غَزَّةَ، كَانَتْ تَحْتَضِنُ طِفْلَتَهَا كَمَا تَحْتَضِنُ الْأُمَّهَاتُ الْحُلْمَ بِالْحَيَاةِ.
كَانَتْ، مِثْلَ أَيِّ أُمٍّ، تَحْفَظُ فِي هَاتِفِهَا مَلَامِحَ السَّعَادَةِ كَمَا انْعَكَسَتْ عَلَى وَجْهِ طِفْلَتِهَا: الِابْتِسَامَةُ الْأُولَى، الْكَلِمَةُ الْأُولَى “مَامَا”، وَالْخُطْوَةُ الْأُولَى نَحْوَ حُضْنِهَا.
دَاهَمَتْهُمُ الْقَذِيفَةُ كَعَاصِفَةٍ مِنْ نَارٍ، اقْتَحَمَتِ الْبَيْتَ بِلَا اسْتِئْذَانٍ، فَدَمَّرَتْ وَبَتَرَتْ وَأَحْرَقَتْ، وَتَرَكَتِ الصَّمْتَ يَصْرُخُ بَيْنَ الرُّكَامِ.
وَمِنْ بَيْنِ الْأَشْلَاءِ وَالدَّمَارِ خَرَجَتْ نِيبَالُ ـ مَا تَبَقَّى مِنْهَا عَلَى وَجْهِ الدِّقَّةِ ـ تَنْزِفُ وَجَعًا وَحُرُوقًا وَتَهَتُّكًا فِي الْجَسَدِ.
وَحِينَ أَفَاقَتْ مِنْ غَيْبُوبَتِهَا، حَاوَلَتْ أَنْ تَتَحَسَّسَ مَوْضِعَ الْأَلَمِ، لَكِنَّهَا لَمْ تَجِدْ يَدَيْهَا.
صَرَخَتْ تَسْأَلُ الْأَطِبَّاءَ وَالْمُسْعِفِينَ:
“أَيْنَ أَضَاعُوا يَدَيَّ؟”
وَلَمْ تُجِبْهَا إِلَّا أَرْوَاحُ الشُّهَدَاءِ مِنْ حَوْلِهَا، جِيرَانُهَا الَّذِينَ عَادُوا لِيَطْمَئِنُّوا عَلَيْهَا.
كَفَّتْ عَنِ الصُّرَاخِ بِصَوْتٍ عَالٍ، وَظَلَّتْ تَصْرُخُ بِصَمْتٍ لَا يَسْمَعُهُ إِلَّا اللهُ.
وَهُنَا تَسَلَّلَ إِلَى ذِهْنِي سُؤَالٌ مُرٌّ:
هَلْ كَانَتْ نِيبَالُ مَحْظُوظَةً بِنَجَاتِهَا مِنَ الْمَوْتِ؟
أَمْ أَنَّ الْمَوْتَ كَانَ، فِي وَجْهٍ آخَرَ، نَجَاةً لَهَا مِنْ حَيَاةٍ بِلَا ذِرَاعَيْنِ، وَمِنْ ذَاكِرَةٍ مُعَلَّقَةٍ عَلَى جِدَارٍ احْتَرَقَ؟
تَتَمَنَّى نِيبَالُ يَدًا وَاحِدَةً تَحُكُّ أَنْفَهَا، تَرْفَعُ خُصْلَةً عَنْ عَيْنِهَا، تَضُمُّ طِفْلَتَهَا وَلَوْ لِلَحْظَةٍ.
السَّعَادَةُ، فِي مَعْنَاهَا الْبَسِيطِ الْآنَ، صَارَتْ يَدًا وَبَعْضَ أَصَابِعَ.
فَمَنْ يَمْلِكُ أَنْ يَمْنَحَ نِيبَالَ السَّعَادَةَ؟
حَتَّى وَلَوْ كَانَتْ يَدًا صِنَاعِيَّةً؟
وَهَلْ لِجَائِزَةِ نُوبِلَ بَنْدٌ يُنْصِفُ ضَحَايَا الْحَرْبِ، كَمَا يُمْجَدُ صُنَّاعُهَا بِلَقَبِ “أَبْطَالِ السَّلَامِ”؟
عَادَتْ نِيبَالُ ـ طِفْلَةٌ عِشْرِينِيَّةٌ ـ إِلَى بَيْتِهَا بَيْنَ رِعَايَةِ أُمِّهَا الْعَجُوزِ وَطِفْلَتِهَا الصَّغِيرَةِ، بِثَلَاثَةِ أَجْيَالٍ مِنَ النِّسَاءِ يَجْتَمِعْنَ فِي صَمْتٍ طَوِيلٍ، فِي انْتِظَارِ أَنْ تَدُقَّ السَّعَادَةُ صَفِيحَ عَرِيشَتِهِنَّ.
وَرُبَّمَا يَجِدُ الْقَارِئُ فِي هَذَا الْمَشْهَدِ أَقْصَى دَرَجَاتِ الْأَلَمِ الْإِنْسَانِيِّ، حَتَّى لِيَبْدُوَ أَنَّ لَا عَزَاءَ بَعْدَهُ، وَلَا مَعْنَى يُسْتَخْرَجُ مِنْ رَمَادِهِ.
لَكِنَّ فِي تُرَاثِنَا قَصَصًا كَانَتْ تُرْوَى لِتُذَكِّرَ الْإِنْسَانَ ـ فِي غَمْرَةِ مُصِيبَتِهِ ـ بِأَنَّ الرِّضَا لَيْسَ تَجَاهُلًا لِلْأَلَمِ، بَلْ تَسْلِيمٌ عَمِيقٌ بِأَنَّ لِلْمَعْنَى وُجُوهًا لَا تُرَى.
وَمِنْ تِلْكَ الْقَصَصِ الْغَرِيبَةِ فِي ظَاهِرِهَا، الْعَمِيقَةِ فِي جَوْهَرِهَا، حِكَايَةٌ تُرْوَى عَنْ رَجُلٍ ابْتُلِيَ فِي جَسَدِهِ كُلِّهِ، وَمَعَ ذَلِكَ لَمْ يَفْقِدْ لِسَانَ الشُّكْرِ وَلَا يَقِينَ الْإِيمَانِ.
يُقَالُ إِنَّ رَجُلًا كَانَ يَسِيرُ فِي طَرِيقٍ، فَمَرَّ بِرَجُلٍ كَسِيحٍ، أَعْمَى، شُلَّتْ أَطْرَافُهُ، لَا يَتَحَرَّكُ مِنْهُ إِلَّا لِسَانُهُ. ، وَكَانَ يَسْمَعُهُ يُرَدِّدُ:
“الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي عَافَانِي مِمَّا ابْتَلَى بِهِ كَثِيرًا مِنْ خَلْقِهِ، وَفَضَّلَنِي تَفْضِيلًا.”
دُهِشَ الرَّجُلُ وَقَالَ لَهُ:
“يَا هَذَا، مَمَّ عَافَاكَ اللهُ؟ وَأَيُّ عَافِيَةٍ بَقِيَتْ لَكَ؟”
فَقَالَ الْمُبْتَلَى مُطْمَئِنًّا:
“يَا أَخِي، عَافَانِي مِنَ الْكُفْرِ، وَشَرَحَ صَدْرِي لِلْإِيمَانِ، وَأَعْطَانِي لِسَانًا ذَاكِرًا، وَقَلْبًا شَاكِرًا، فَبِأَيِّ نِعْمَةٍ بَعْدُ أَكْفُرُ؟”
فَبَكَى الرَّجُلُ وَقَبَّلَ رَأْسَهُ، وَقَالَ:
“وَاللَّهِ لَقَدْ لَقَّنْتَنِي دَرْسًا مَا عَلَّمَنِيهِ أَحَدٌ مِنْ قَبْلُ.”
حِينَئِذٍ تَذَكَّرْتُ زَوْجَ الْحَمَائِمِ عِنْدَ نَافِذَتِي،
وَهُمَا يَرْحَلَانِ مَعَ أَوَّلِ شُعَاعٍ مِنَ الضَّوْءِ.
أَدْرَكْتُ أَنَّ السَّعَادَةَ لَيْسَتِ امْتِلَاكًا بَلِ انْعِتَاقٌ، لَيْسَتْ مَا يُرَى فِي الْعُيُونِ، بَلْ مَا يَسْكُنُ الْقَلْبَ حِينَ يَهْدَأُ مِنَ الْمُقَارَنَةِ. وَرُبَّمَا لِلسَّعَادَةِ وُجُوهٌ كَثِيرَةٌ؛
فَبَعْضُهَا وُلِدَ مِنَ الرِّضَا، وَبَعْضُهَا مِنَ الِامْتِنَانِ، وَبَعْضُهَا مِنْ حُبٍّ يُوَسِّعُ الْقَلْبَ، أَوْ وَطَنٍ يَحْتَضِنُ، أَوْ عِلْمٍ يَفْتَحُ بَابَ الدَّهْشَةِ.
غَيْرَ أَنَّهَا جَمِيعًا تَشْتَرِكُ فِي طُمَأْنِينَةٍ لَا تُشْتَرَى، بَلْ تُكْتَشَفُ فِي الْقَلْبِ سَاعَةَ يُسْدِلُ الْمُقَارَنَةَ وَيَسْتَسْلِمُ لِلْمَعْنَى.

وَصَدَقَ صُولُونُ حِينَ قَالَ:
“لَا تَقُلْ عَنْ إِنْسَانٍ إِنَّهُ سَعِيدٌ حَتَّى تَرَى كَيْفَ تَنْتَهِي حَيَاتُهُ.”
مَا أَعْجَبَ حَالَ الْإِنْسَانِ!
كَثِيرًا مَا يَغْلِبُ الرِّضَا وَقْعَ الْمُصِيبَةِ، فَيَغْدُو الْأَلَمُ طَرِيقًا إِلَى صَفَاءٍ لَا يُنَالُ بِغَيْرِهِ،
وَتَتَضَاءَلُ الْأَشْيَاءُ الَّتِي كَانَ يَعُدُّهَا مِلْكًا أَمَامَ لَحْظَةِ حُرِّيَّةٍ خَالِصَةٍ مِنَ التَّعَلُّقِ.
وَكَمْ يَبْدُو الْقَدَرُ سَاخِرًا حِينَ يَجْعَلُ الْمَوْتَ نَفْسَهُ، فِي نِهَايَةِ الْمَطَافِ، عَلَامَةً عَلَى اكْتِمَالِ السَّعَادَةِ.
فَالْقَدَرُ وَحْدَهُ هُوَ مَنْ يَكْتُبُ الْفَصْلَ الْأَخِيرَ مِنْ قِصَّةِ الْإِنْسَانِ.
سعيد ذياب سليم