بدأت حياتي الحزبية مع الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين عام ١٩٦٩ حيث كنت ادرس في ايطاليا واستمرت صلتي بالجبهة ،وكنت قيادياً مركزياً فيها ،حتى تشكيل حزب “حشد “كأحد فروع الجبهة في الأردن وخرجت من” حشد”
أنا ومجموعة واسعة من المناضلين والمثقفين ابرزهم رفيق الدرب والنضال ، سعادة المفكر العضوي جميل النمري ، بعد خلاف فكري وتنظيمي حاد: تركز على ضرورة استقلال ” حشد ” عن الجبهة الديمقراطية الأم بالإضافة إلى المطالبة بإعادة النظر في الإلتزام النظري الجامد بالماركسية- اللينينية والبناء السلطوي الستاليني للتنظيم الذي يعتمد المركزية المفرطة.
دخلت بعدها في عدة تجارب حزبية، برفقة التيار الذي انشق عن ” حشد “، دون الدخول بالتفاصيل، كانت كلها تجارب متعثرة.
بعد مخرجات لجنة التحديث السياسي التي كنت عضواً فاعلاً فيها، واصلت العمل الحزبي في الحزب الديمقراطي الاجتماعي وكان بقيادة الرفيق جميل النمري، ورفضت تسلم اي موقع قيادي واكتفيت برئاسة المجلس الاستشاري للحزب وتوفير الدعم المالي واللوجستي لقطاع الشباب.
ثم انه وبدفع من مراجع معينة طلب حزب قيد التأسيس (تيار التنمية والتحديث بقيادة العين مصطفى حمارنه) الاندماج مع الحزب. لم أكن مرتاحا لهذا والاندماج لم يكن على اسس سليمة، لكن اندفاعة ر. جميل المخلصة لوحدة التيار الديمقراطي، جعلته يقدم تنازلات مهولة لهذه المجموعة التي اخذت امتيازات اكثر بكثير من حجمها، والاهم ان هذا التيار حافظ على نفسه وقيادته واندفع لإستقطاب العناصر المتذمرة في الحزب بأساليب ووسائل ملتوية بما في ذلك التحريض على قائمة الحزب الانتخابية وتمكنت بعد الانتخابات النيابية من توفير اغلبية في المكتب السياسي الذي بات يدار من نفس الشخص الذي ينتمي في الأصل لمدرسة باسم عوض الله الاقتصادية السياسية واصبحت الاجندة الفعلية هي اقصاء القيادات المؤسسة للحزب ولفكر الديمقراطية الاجتماعية، واصبح الحزب بلا لون ولا طعم واقرب إلى هيئة ثقافية ملتحقة بالسياسات الحكومية بدل ان يكون معارضا نشطا من موقع الدفاع عن مصالح الفئات الشعبية وهي مبرر وجود الحزب والفكر الذي يحمله.
تحملت وجودي المرهق نفسياً وحملات الشيطنة والإساءات دعما لشباب الحزب وجيل المؤسسين. لكن انسداد الأفق الديمقراطي امام التغير ورفض آخر مبادرة للحوار طرحت للذهاب الى مؤتمر يصون وحدة الحزب بتحضيرات نظامية ومشاركة مختلف الهيئات التي تم تعطيلها مثل مكتب التنظيم وأمانة السر ومجلس الأمناء والاهم المجلس العام ( برلمان الحزب) الذي تم تجاهله نهاىيا وتجاهل حقه في الإشراف على ترتيبات المؤتمر بوصفه السلطة العليا في الحزب ( مضى اربعة اشهر على موعد انعقادة ما جعلني اتيقن ان النية هي التفرد والإقصاء وترتيبات قسرية تخطف الحزب نهاىيا .
من المؤسف ان التدخلات الخارجية احتضنت هذا الانقلاب، لأن الصورة تحتاج كما يبدو إلى احزاب داجنة فيها رائحة اليسار.
لست وحيداً من نفض يديه من مستقبل ومكانة الحزب واستقال فقد سبقتني ر. سمر دودين الأمينة العامة السابقة و الشيخ طلال ماضي رئيس المجلس العام و د. محمود العبابنة رئيس المحكمة الحزبية و ر. تمارا العزام مسؤولية المرأة وعضو م. س وعشرات الكوادر في فروع الحزب .
التجربة الحزبية الاردنية برمتها، في متاهة، فاقدة للمؤهلات التي تمكنها من النهوض. ولا زالت الطبقة السياسية الحاكمة، تخشي من ظهور احزاب وطنية مستقلة، تمارس العمل الحزبي، بشفافية وديمقراطية. ولا زالت البيروقراطية الاردنية، تتحكم بإدارة المشهد السياسي والبرلماني والحزبي؛ وتتعامل مع مؤسسات الدولة بفوقية ولا تحتمل ادنى استقلالية في الاجتهاد والتفكير والعمل حتى من شخصيات الدولة التي صدقت وآمنت بمشروع التحديث السياسي.