الجاهة والسياسة.. عن أي إصلاح تتحدثون؟!!

أسامة الرنتيسي –

صدقت توقعات كثير من السياسيين والصحافيين الذين ينقلون جلسات البرلمان وراهنوا على أن جاهات نيابية ستتحرك “الاربعاء” لحسم نتيجة انتخابات رئاسة مجلس النواب والمكتب الدائم، وهذا ما حصل فعلا بعد أن أصدرت الكتل النيابية بيانا أكدت فيه التوافق على رئاسة مازن القاضي لمجلس النواب وانسحاب مصطفى الخصاونة، وبعد ان نجحت جاهة أخرى لها علاقة بحزب الميثاق بثني النائب علي الخلايلة عضو الميثاق من الترشح منافسا للقاضي عضو الميثاق أيضا.

أمس توجهت جاهة ميثاقية كريمة إلى منزل النائب علي الخلايلة ، وشربت القهوة السادة، على أن طلبهم مجاب، وسيتراجع عن قرار الترشح.

كما شربت الجاهة الأخرى قهوة انسحاب النائب مصطفى الخصاونة لمصلحة النائب مازن القاضي.

 إذا كانت عقلية الجاهة هي التي سترسم خريطة طريق الإصلاح في الأردن، فبئس هكذا إصلاح.

المعالجة السياسية كان يجب أن تتم من خلال وسائل إصلاحية ديمقراطية، أما التفكير بعقلية الجاهة، وتخجيل الخلايلة والخصاونة في بيتيهما، فهذا لا يسجل في باب الإصلاح السياسي، وبالعكس يسحب من الرصيد إن وجد.

لم يعد الشعب قادرا على هضم سياسات معاكسة لمتطلبات الإصلاح، ورموز تسعى بكل جهدها لإدارة دفة البلاد إلى الوراء، في الوقت الذي يقر فيه الجميع بضرورات التغيير، وتقديم الاستحقاقات المعيشية، والديمقراطية المؤجلة للشعب وفئاته الفقيرة والمتوسطة. الخطاب الإصلاحي حتى يجد طريقه للتطبيق لا بد من ترجمته إلى برنامج وخطط عمل ملموسة، وإدارة تنفيذية كفؤة، تمد يدها للاحتياجات الشعبية، وللخبرات الهائلة المتوفرة في أوساط المجتمع، للاستعانة بقدراتها على حل وفكفكة الاستعصاءات، تحديدا، المعيشية، والاقتصادية منها.

هذا الحديث يفتح على ضرورة الخروج على العقلية النمطية السائدة في تشكيل الحكومات وانتقاء المسؤولين عن المحاور الرئيسية في عمل الدولة وإدارة شؤون المجتمع، بالاقتراب من نبض الشعب وروحه الوثابة والطامحة إلى التغيير، فالمسألة هنا لا تتعلق بهذا الشخص أو ذاك، بقدر ما يجب أن يتجه التفكير الرسمي نحو الكفاءة والقدرة على إدارة هذا المحور أو ذاك، من دون تجاهل التجارب المريرة التي مرت بها الحكومات غير الفعالة، وغير القادرة على تحمل مسؤوليات وطنية كبرى.

في مثل هذه الظروف الدقيقة، وبعيدا عن السجال السياسي بشأن الأحزاب والكتل البرلمانية، وتشكيل الحكومات وصيغة التشاور المستحدثة مع الكتل النيابية، حيث لا وجود لمقومات حكومة برلمانية بأية صيغة كانت، ولا التشاور مع الكتل النيابية (التي تحولت إلى كتل حزبية لكنها ما زالت هلامية) يمكن أن يحل معضلة، غياب حكومة منتخبة على أساس وجود كتل سياسية حزبية متماسكة في البرلمان.

باختصار، وحتى يستقيم النقاش، وتستقيم معه التوجهات السياسية، لا بد من وضع محددات لمفاصل العمل السياسي  تعتمد بدرجة رئيسية على ثلاثية: الكفاءة والنزاهة، والقدرة والتخصص، والاقتراب من روح الشعب ومطالبه.

الدايم الله..