منذ انحياز آخر سلاطينها (على دينار) للحكم العثماني ودارفور تقبع فى جغرافية السودان السياسية بقرار من دول المركز عندما قامت بريطانيا على وجه التحديد ترسيم خريطة السودان بعد انتهاء الحرب العالمية الكبرى، وهذا ما جعل من إقليم دارفور السوداني يمتلك خصوصية ثقافية مغلقة على امتداد مساحة إقليم دارفور الذى تقدر مساحته ب 1/4 مساحة السودان كما يقدر عدد سكانه بحوالي 7.5 مليون جلهم من قبائل معروفه بدويه، الأمر الذى جعل من هذا الإقليم الذي يمتلك خواص مغلقة اجتماعية مهيأ للاستثمار أمنيا من قبل السلطات السودانية التي راحت فى عهد الرئيس البشير لتؤسس من داخله فقط قوة استخبارية عسكرية عرفت ب “قوى التدخل السريع” لتكون موازية للجيش السوداني وليست متممة له، وهذا ما جعلها تحظى بعناية خاصة ورعايه استثنائية من قبل الرئاسة السودانية وجعلها ايضا قوه مؤثره نتيجة علاقاتها الأمنية في المحيط الخارجي عبر فتحها لقنوات استخبارية تسمح بتبادل المعلومات ضمن أطر إقليمية، كما تقوم بتدريب كوادرها وتأهيل قياداتها بطريقة نوعية الأمر الذي جعلها مركزية.
وكما جعل من دارفور التي تحمل عقيدة اجتماعية بعيدة الى حد ما مع العمق السوداني نتيجة الطبيعية الاجتماعية لهذا الإقليم وحالة الإغلاق الاجتماعي للسكان، إضافة لوجود سلطة من قوات التدخل السريع أخذت تشكل عنصر حماية بديلا عن الحكومة السودانية بالشكل كما فى المضمون العام، مما هيئ المجال لحالة استقواء على المركز بالخرطوم بعدما ضعف المركز بعد انفصال الجنوب السوداني وأدخلت الخرطوم بمعارك تصفية ذاتية جعلتها عرضة لتدخلات اقليميه ودوليه مازالت تتداخل بالفضاءات السودانيه وتهدد فى حال استمرارها بانفصال إقليم دارفور عن العمق السوداني في ظل الامتدادات الاقليمية التى تستهدف تأجيج المشهد وليس اخماده، لما يحمله هذا الاقليم من موارد طبيعيه غنيه شكلت مطمعا للدول القطبية والتي آخذت تتصارع بينها بأيدي سودانية للظفر بالمعادن النفيسة التي يحويها هذا الإقليم الغني من المواد الطبيعية.
ولعل دارفور التي تعني ” أرض الفور ” احدى القبائل الرئيسيه المشكلة لنسيجها الاجتماعي حيث (الفور، والمساليت، والزغاوة) إضافة لقبائل اخرى كانت تتشكل منها “سلطنة دارفور الإسلامية” بالسابق، وهذا ما جعل من هذا المعطى يساعد على ترسيم واقع انفصالي جديد لاسيما بعد انسحاب الجيش السوداني من مدينة الفاشر التي تعد عاصمة هذا الإقليم بالتزامن مع تسمية الإدارة الأمريكية مندوبا لها هو ممثل دونالد ترامب “بولص مسعد” لبحث إمكانية وقف مناخات التصعيد بعدما قامت المعارك الدائرة هناك بتهجير آلاف المدنيين مع تفاقم الحالات الإنسانية التي يعيشها سكان هذا الإقليم جراء عدم توفر الظروف الصحية وانعدام فرص توفير الغذاء، وهذا ما جعل من الأمم المتحدة تهيب بالجميع ضرورة وقف إطلاق النار لغايات إنسانية واعتبار إقليم دارفور إقليم منكوب.
ولعل إقليم دارفور يعتبر الإقليم الأغنى افريقيا بالمعادن الثمينة من يورانيوم وذهب اضافه للبترول، الأمر الذي جعله مطمع للصين وروسيا وأمريكا فإن مسائله تنامي مناخات التأجيج الداخلي يعزيه البعض لتغلغل المد الإقليمي والدولي في تغذية حالة الاحتدام والصراعات الداخلية الحاصلة والتي أصبحت معاركه تدار بالنيابه عن هذه القوى لنزع إقليم دارفور عن جغرافية السودان وحاضنته السودانية بهدف الاستيلاء على المعادن النفيسة التى يحويها، هذا الإقليم المضطرب نتيجة لاسقاطات إقليمية تستهدف تفكيك السودان فى خاصرته الغربيه حيث دارفور.
ان الأردن وهو يتابع عن كثب مجريات الأحداث المأساوية فى السودان، فإنه يأمل أن تتوقف حالة المعارك الدائرة من اجل ايجاد ارضية مصالحه سودانيه – سودانيه يصار لبلورتها من أجل وحدة الشعب السوداني ومن أجل وحدة ترابه ومن أجل المحافظة على ممتلكاته لتبقى خيرات السودان للسودانيين وتعاد للشعب السوداني اماله فى الامن والامان، بما يجعله قادر لاعادة اعمار السودان ويتم عبرها اعادة توظيف ارادة الشعب السوداني تجاه البناء والأعمار، وهو ما تحرص عليه القيادة الأردنية ويتمناه الشعب الاردني للأشقاء فى السودان، وهذا ما يتطلب من الجميع وقف القتال فورا في إقليم دارفور.