الثعلب إذ يغير جلده! (قصة أدبية)

 

ما زالت الضباع متعجبة، وما زالت الغابة تتقلب على جمر من الحدث غير المألوف فيها، كيف للثعلب بعد أن كان في قطيع الضباع أن يقلب الطاولة عليهم، هو ضبع، جلده جلد ضبع، سيرته سيرة ضبع، وشعره الكثيف رغم جزه شعر ضبع، ولكن أي الضباع هذا الذي يملك من الألوان عددا؟!
اجتمع الضباع، وقف شيخهم الأكبر مملوءا بالخذلان: أتذكرون عندما حذرتكم منه؟ أتذكرون وقد أوردت لكم تمام النقص من فصوله؟ وقصصت عليكم تردده على وكر الذئاب أحيانا والدببة أحيانا أخرى؟ كيف تثقون به؟ ومن يحميكم منه الآن؟
وأسرع أحمقهم ليرد: يا سيدنا ومولانا، أتنسى كيف أبلى حسنا عند طردنا الأسود المفترسة الضارية من الغابة؟ من كان ليخلصنا من زمرة الشر وعصابة البطش غير صاحب الذيل الطويل؟!


ثارت ثائرة شيخ الضباع: الأسود كانوا على بطش وظلم، والغابة كلها ضاقت بهم، ولكن انظر! فبعد الخلاص من لعنة تلك الوحوش ابتلينا بمثائلها، بل والكلاب حتى الكلاب استباحت حياضنا الآخذ بالتمزق هنا وهناك؛ فللأحصنة مراعٍ لا يدخلها أحد، والغزلان رغم وداعتها استوطنت الجبال واستعصت علينا ورائحة الأسود ما زالت تنبعث في كل الغابة، والسماء تعج بالصقور الملعونة الذين ينقضون علينا شيئا فشيئا، انظر حيث شئت، احسب الضباع وقد تخطفهم الموت وضاقت عليهم ساحة الصيد!
نظرت الضباع حولها، حسبوا حسبتهم وأعدوا عدتهم، واحد اثنان.. سنخلع الثعلب.. ثلاثة أربعة.. الثعلب لا يجيد غير تبديل الجلد.. خمسة ستة.. سنأتي به أينما كان..
وفي جلبة الجدل ولعنة العدة اسودت السماء من فوقهم مملوءة بالصقور الملعونة، وتعالت أصوات الكلاب وسط صمت مريع تقضم مراعي الغابة شيئا فشيئا، وظهر الثعلب زاهيا بهيا متغطرسا محمولا بمخالب نسر: رحبوا بي، سيدكم ووريث سيدكم، وأسدكم إلى يوم تبعثون!

يزن عيد الحراحشة.