ضمن جولات جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين رعاه الله الاسيوية ( حيث أدى صاحب السمو الملكي الأمير الحسين بن عبدﷲ الثاني ولي العهد اليمين الدستورية نائبا عن جلالة الملك حفظه الله خلال مدة جولته الاسيوية) ، تأتي زيارة جلالته لليابان ، علماً بأن هذه الجولة الدولية تشمل أيضاً زيارة كل من دول سنغافورة واندونيسيا والباكستان ، وتهدف هذه الجولات الاسيوية الى تعزيز أواصر التعاون وزيادة الشراكات الدولية مع الأردن، لاسيما في المجالات الاستثمارية والاقتصادية .
و هذه الزيارة لجلالته هي الأولى ضمن الجولات الاسيوية الى دولة اليابان ، حيث ترتبط المملكة الاردنية الهاشمية بعلاقات دولية وثيقة قديمة مميزة دبلوماسياً ، منذ يوليو لسنة 1954م ، حيث تمّ انذاك افتتاح السفارة الاردنية في العاصمة اليابانية طوكيو ، ولاحقاً جرى أيضاً افتتاح السفارة اليابانية في عمّان عام 1974م ، و في عهد جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين فقد زار جلالته سابقاً اليابان 16 مرة ، ومنها زيارة عمل رسمية بتاريخ تشرين الثاني من عام 2018م ، وبالمقابل قام رئيس الوزراء الياباني السابق السيد ( شينزو آبي ) بزيارة رسمية الى العاصمة عمّان خلال الفترة ما بين 30 ابريل – 1 مايو عام 2018م ، حيث وقعت آنذاك عدة اتفاقيات لتعزيز وتشجيع التعاون في مجال الاستثمار بين كلا البلدين ، وأهم مجالات التعاون اليابانية حينها ، تقديم اليابان قرض دعم للموازنة العامة الاردنية بمبلغ 300 مليون دولار وعلى مدة ثلاث سنوات .
وفي هذه الرحلة الملكية الحالية المميزة التقى يوم الاثنين الماضي جلالة الملك عبد الله الثاني مع رئيس الوكالة اليابانية للتعاون الدولي ( جايكا) ، الدكتور ( أكيهيكو تاناكا ) في العاصمة طوكيو ، بهدف توسيع الشراكة بين الاردن والوكالة التي نشأت وما تزال مستمرة ونشطة منذ 40 عاماً ، حيث تمّ خلال اللقاء تسليط الضوء على عدة مجالات تعاون قائمة مع الاردن مثل تحلية ومعالجة المياه ومشروع تحلية ونقل المياه من العقبة الى عمّان ( مشروع الناقل الوطني للمياه )، وكذلك التباحث المشترك في مجال الطاقة والسياحة ومسألة تعزيز الشراكة وتوسيع نطاقها ، كما ثمن جلالة الملك دور وكالة جايكا وأيضاً جهود الحكومة اليابانية في تعزيز وترسيخ الشراكات الحيوية التنموية في عدة مجالات وقطاعات في الاردن .
والتقى جلالة الملك عبد الله الثاني أمس بتاريخ 10 تشرين الثاني من عام 2025م مع جلالة الإمبراطور الياباني ( ناروهيتو ) في القصر الإمبراطوري في طوكيو ، حيث أكد جلالتاهما على صلابة وعمق العلاقات الثنائية بين البلدين والمستمرة منذ 70 عاماً ، الى جانب علاقات الصداقة العائلية الملكية الهاشمية الاردنية الاصيلة والعريقة مع الاسرة الامبراطورية اليابانية ، كما عقد الملك عبد الله الثاني في هذه الزيارة المهمة أيضاً في طوكيو بتاريخ 11 تشرين الثاني من عام 2025م لقاءات مع قادة البرلمان الياباني ، وعلى هامش هذه اللقاءات تم كذلك اجراء لقاء منفصل لجلالته مع رئيس مجلس النواب الياباني ( فوكوشيرو نوكاجا ) ، و لقاء آخر مع رئيس مجلس المستشارين الياباني ، و كذلك مع رئيس لجنة الصداقة البرلمانية الاردنية اليابانية ، و قد تم خلال هذه اللقاءات تناول جوانب متعددة من العلاقات الثنائية القوية ، وأهم الملفات التي جرى مناقشتها ما يتعلق بالمستجدات المتسارعة في المنطقة بما في ذلك جهود تحقيق السلام في الشرق الاوسط و لاسيما في قطاع في غزة ، و التاكيد على ضرورة التزام جميع الاطراف بالاتفاق لانهاء الحرب فيها وضمان تدفق المساعدات الانسانية لأهل غزة . و الاشارة ايضاً الى أن السلام العادل في الشرق العربي هو السبيل و الطريق الوحيد لانهاء الصراع في المنطقة على أساس حل الدولتين واقامة الدولة الفلسطينية ، كذلك بحث اللقاءات سبل تعزيز الشراكة بين البلدين ، خصوصاً في المجالات البرلمانية وأيضاً المشاريع التنموية والاقتصادية التي نفذتها اليابان في عدة مدن من المملكة الاردنية الهاشمية ، حيث أعرب جلالة الملك عن تقديره للدعم الياباني لهذه المشاريع التنموية .
و أوضح جلالة الملك خلالة زيارته التاريخية للقادة والسياسيين اليابانيين على استمرار الاردن في نهج الاصلاح والتحديث ، وان الاردن يمضي قدماً في مراحل وخطوات تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي ، والتي سوف حتماً تساهم عملياً في تعزيز مستويات النمو والنهضة وتوفر فرص العمل في الاردن ، خاصة فيما يتصل بالتسهيلات التي تقدمها المملكة لتشجيع الاستثمارات الخارجية .
وأيضاً التقى جلالته بوزير الدفاع الياباني في طوكيو ، حيث تناول النقاش بينهما ابرز التطورات الاقليمية وآلية تعزيز وتوثيق التعاون العسكري بين الاردن واليابان ، والسعي الى تحقيق السلام في الشرق الاوسط ، و لا سيما في قطاع غزة ، و من جانبه أشاد وزير الدفاع الياباني بمدى عمق العلاقات بين البلدين ، مثمناً جهود ودور الاردن في السعي الحثيث لتحقيق السلام والاستقرار في الشرق الاوسط .
و لابد من الاشارة إلى مدى نشاط وفعالية منظمة ( جايكا ) في المشاريع التنموية مع الاردن ، ومنها توقيع شراكة رسمية مع منظمة جايكا لاطلاق مشروع نينجا ( NINJA ) تحت شعار الابتكار القادم مع اليابان ، و المتعلق بدعم الشركات الناشئة خاصة تمكين النساء و الشباب ، كما قدمت الوكالة اليابانية للتعاون الدولي (جايكا) دعم لجامعة البلقاء التطبيقة لتعزيز التعليم التقني ، يتضمن تجهيز المختبرات في كلية الهندسة التكنولوجية وكلية معان الجامعية بأحدث المعدات التقنية ، و اقامة برامج تدريبية للطلبة في مجال صيانة السيارات الهجينة الهايبرد و السيارات الكهربائية ، خصوصاً في إطار انتشارها الواسع اليوم في سوق السيارات العالمي بما في ذلك السوق الاردني ، كما وقعت منظمة جايكا مع دائرة الاراضي والمساحة الاردنية و المركز الجغرافي الملكي لتعزيز البنية التحتية الوطنية للبيانات المكانية ، و يركز الدعم المقدم من جايكا على تنمية الموارد البشرية وبناء القدرات ، بما في ذلك صيانة نظام وطني موحد للتنسيق الجغرافي يتماشى مع الإطار المرجعي الأرضي الدولي المعروف ( ITRF ) ، وهو مهم للإدارة السليمة للأراضي في الأردن ، اضافة الى دعم جايكا لمجالات الذكاء الاصطناعي في الاردن أيضاً ، و في المجالات السياحية والشراكة مع الاردن إذ جاء مثلاً دعم مشاريع في اقليم البترا ، وفي عمان مثل مشروع وسط البلد ومنطقة المدرج الروماني فيها .
وتأتي هذه الجولة الدولية المكوكية لجلالة الملك رعاه الله ، لتؤكد على استمرار وفعالية الحراك والدبلوماسية الاردنية الدؤوبة من جلالته لحث المجتمع الدولي على بذل المزيد من الجهود في دعم وضمان الاستقرار في منطقة الشرق الاوسط ونشر قيم السلام في عالم مشتعل بالحروب والصراعات ، فالسلام رسالة ملكية اردنية للعالم ، وذلك من أجل توفير مناخ دولي يشجع على التنمية والاستثمار خاصة في ظل التحديات والصعوبات الاقتصادية والسياسية التي تواجه المنطقة ، كذلك تأتي هذه الزيارة الملكية في سبيل دعم الاقتصاد الاردني وجذب الاستثمارات الدولية له ، خصوصاً في وقت تناقش فيه الموازنة العامة للدولة الاردنية في مجلس الامة الاردني ، وسط تطلعات وطنية بالاستمرار في تنفيذ الحكومة للتوجيهات الملكية في الاصلاح والتحديث الاقتصادي والاجتماعي وتحسين مستوى معيشة المواطن الاردني ودعم الشباب للانخراط في سوق العمل وتقليص البطالة .