بهذه العبارة الطريفة التي تمزج بين الواقع والضحكة، خطفت الاستشارية النفسية الأسرية والتربوية حنين البطوش الأنظار بعد أن نشرت منشورًا ساخرًا على منصّاتها الرقمية، موجّهة رسالة خفيفة الظل للمتزوجين في ظل الغلاء المتصاعد.
المنشور الذي انتشر خلال ساعات، جاء بنبرة تجمع بين النصيحة المباشرة وروح الدعابة، إذ قالت البطوش مخاطبة المتزوجين:
“عزيزي المتزوّج…
الدنيا ولّعت غلا، لا أنت قادر تعدّد ولا تلحق تحط عينك على غيرها.
حِبّ مرتك وريحنا… خلّينا نعيش 😂”
هذه الكلمات البسيطة، رغم خفّتها، حملت رسالة أعمق مما يبدو، إذ تسلّط الضوء على واقع اقتصادي خانق يعيشه كثيرون، وعلى الضغوط التي قد تؤثر في العلاقات الزوجية، وبين غلاء المعيشة والبحث عن الاستقرار، تأتي نصيحة البطوش لتقول بأسلوب فكاهي: إن الحفاظ على الزوجة والعلاقة أولى من مطاردة أحلام لا تناسب الواقع.
وقد لاقى المنشور ردود فعل واسعة، بين من اعتبره “أفضل نصيحة زوجية لهذا العام”، وبين من أعاد مشاركته مع تعليقات طريفة تعبّر عن واقع كل بيت، كما أشاد البعض بقدرة البطوش على تحويل موضوع حساس إلى رسالة لطيفة تصل دون أن تثير حرجًا أو خلافًا.
وتؤكد البطوش في معظم محتواها أن المزاح الواعي يمكن أن يكون وسيلة فعّالة لإيصال رسائل عميقة حول العلاقات، وأن التوعية لا تحتاج دائمًا إلى لغة معقدة أو خطاب مباشر، بل إلى أسلوب قريب من الناس، يعكس يومياتهم ويُلامس ضغوطهم.
وتؤكد البطوش البعد النفسي للنص يعكس، استخدامًا ذكيًا للفكاهة كآلية دفاعية تساعد الأفراد على التخفيف من الضغوط الاقتصادية القاسية، إذ يُستخدم الضحك هنا لتقليل القلق ومنح الشخص شعورًا أكبر بالسيطرة على واقعه، كما يعيد النص توجيه الانتباه نحو ما هو أساسي في حياة الزوج، بالدعوة إلى التركيز على العلاقة الزوجية بدل الهروب أو البحث عن حلول غير واقعية، انسجامًا مع القاعدة النفسية التي تقول: عندما تشتد الظروف، يصبح الاحتواء العاطفي هو الملاذ الأول. وإلى جانب ذلك، تحمل الدعابة تلميحًا واضحًا لاحتياجات عاطفية عميقة غير مصرح بها؛ فهي رسالة مبطنة تدعو الزوج للعناية بعلاقته لأنها مصدر الأمان النفسي والاستقرار الحقيقي
وقالت البطوش أن البعد الأسري للنص يعكس دعوة واضحة إلى تعزيز الروابط الزوجية في مواجهة الأزمات، إذ تُظهر التجارب أن العلاقات تتعرض للاهتزاز تحت الضغط المالي، بينما يشكّل الأمان العاطفي—not المادي—الركيزة الأهم لاستقرار الأسرة، كما يقدّم النص رسالة واقعية تدعو لإدارة الحياة الزوجية بوعي بعيدًا عن المجازفة، من خلال الاهتمام بالشريك، وتعزيز التواصل، وحماية الأسرة من التفكك، وإدراك أن البحث عن علاقات بديلة لا يقدم حلولًا بل يضاعف الأعباء، وإلى جانب ذلك، فإن العبارة “ريحنا… خلّينا نعيش” تحمل بعدًا اجتماعيًا يشير إلى مسؤولية الفرد تجاه أسرته ومجتمعه، مؤكدة أن القرارات الزوجية لا تنعكس على الشخص وحده، بل تمتد آثارها إلى المحيط كله.
أما بالنسبة للبعد الاجتماعي أضافت البطوش، بأنه العلاقة المباشرة بين الواقع الاقتصادي المتصاعد والقرارات المرتبطة بالحياة الزوجية، موضحًا كيف يمكن لغلاء المعيشة أن يعيد تشكيل ديناميكيات العلاقات ويقلّل من احتمالية الإقدام على الزواج الثاني أو الدخول في ارتباطات خارج إطار الأسرة، كما يحمل النص نقدًا اجتماعيًا لطيفًا لفكرة التعدد، إذ يعيد تقديمها في سياقها الواقعي باعتبارها خيارًا لم يعد ممكنًا أو منطقيًا في ظل الظروف الحالية، وفي جوهره، يعزز النص قيم الاستقرار والوفاء، داعيًا إلى علاقات أكثر التزامًا ونضجًا، تُقدّم فيها مصلحة الأسرة على النزوات العابرة وتُصان الروابط الأساسية باعتبارها أساس قوة المجتمع.
المنشور، رغم بساطته، فتح بابًا واسعًا للنقاش حول إدارة العلاقات الزوجية في ظل التغيرات الاقتصادية، وكيف يمكن للزوجين أن يبقيا قريبين رغم الظروف… أو كما قالت البطوش:
“حِبّ مرتك وريحنا… خلّينا نعيش.