موسى جميل
كل شتاء، تتكرر الكارثة ذاتها : شوارع تغرق، سيارات تغرق معها، مواطنون محاصرون، ووعود إعلامية بلا نهاية عن “جهوزية الأجهزة الخدمية”.
المواطن يسمع ويقرأ، لكنه لا يرى إلا الفشل في كل زاوية وشارع عند أول اختبار حقيقي للأمطار.
غرق الشوارع لم يعد حادثًا طبيعيًا أو ظرفًا موسميًا، بل أصبح مرآة قاسية لفشل مزمن واستنزاف للبنية التحتية.
وسائل الإعلام تمطرنا بالصور والمقاطع عن الجهوزية، والمسؤولون يرددون خططًا وشعارات، لكن على الأرض الواقع يقول شيئًا واحدًا: كل شتاء نفس الكارثة، والشوارع تتحول إلى أنهار هائجة، والمدينة كأنها مسرحية كوميدية سوداء.
السؤال الذي يفرض نفسه: إذا كانت الأجهزة جاهزة كما يعلنون، فلماذا تتحول كل شوارعنا إلى مستنقعات في كل موسم؟
ليست الأمطار وحدها هي السبب، بل الضغط السكاني والتوسع العمراني العشوائي الذي أكل آخر مساحات الأرض القادرة على امتصاص المياه، وحوّل المدن إلى كتل حجرية خانقة عاجزة عن استيعاب حتى مطر متوسط الشدة.
شبكات الصرف والمجاري؟ قديمة، محدودة، عاجزة عن أداء أبسط الوظائف، وكأنها صممت لتفشل مع كل شتوة.
غرق الشوارع لم يعد مشكلة موسمية، بل أصبح اختبارًا قاسياً لجدية المسؤولين في إدارة المدن.
فالمواطن لم يعد يصدق الوعود الإعلامية، فهو يريد أفعالًا حقيقية تنقذه من الفيضانات بدلًا من الشعارات الجوفاء.
إلى متى؟ كل سنة، نفس الأزمة، نفس الأعذار، نفس الشوارع الغارقة… فهل سيستمر مسلسل “الجهوزية الإعلامية”، أم سيظهر أخيرًا المسؤول الذي يرفع المدينة من الزجاجة المائية ويعيد للمواطن حقه في الشوارع الصالحة للحياة؟