إشهار كتاب الكلمة والقرار: حين اختار الأمن أن يُصغي للعقيد المتقاعد الخطيب

 

شهدت دائرة المكتبة الوطنية، مساء الثلاثاء، حفل إشهار كتاب «الكلمة والقرار: حين اختار الأمن أن يُصغي – الأمن الوطني والإعلام الأمني في زمن الربيع العربي» لمؤلفه العقيد المتقاعد محمد جميل الخطيب، بحضور نخبة من الشخصيات الأمنية والسياسية والوطنية والثقافية والإعلامية.
وتحدث في الحفل الذي ادارته الاعلامية ايمان ابو قاعود الدكتور محمد ابو رمان وزير الثقافة والشباب الاسبق، والكاتب السياسي والروائي رمضان الرواشدة، بحضور العين حسين هزاع المجالي والعين خليل الحاج توفيق.
وفي مستهل الحفل، قال الدكتور محمد أبو رمان إن كتاب «الكلمة والقرار: حين اختار الأمن أن يُصغي» لا يندرج ضمن التوثيق التقليدي لمرحلة الربيع العربي، بل يقدّم قراءة تحليلية معمّقة لإحدى أكثر الفترات اضطراباً في تاريخ المنطقة. وأوضح أن التجربة الأردنية شكّلت نموذجاً استثنائياً في إدارة الاحتجاجات بأقل كلفة ممكنة مقارنة بدول أخرى، ما أفرز مفهوماً محلياً لافتاً عُرف بـ«الأمن الناعم» القائم على الاحتواء والإصغاء واحترام المجتمع.
وبيّن أبو رمان أن أهمية الكتاب تكمن في كشفه كواليس صناعة القرار الأمني خلال تلك المرحلة، من خلال تحليل الأسس الفكرية والسياسية التي حكمت التعامل مع الحراك الشعبي، والإجابة عن أسئلة جوهرية تتعلق بكيفية اتخاذ القرار والاعتبارات التي وجّهته، مع إبراز الدور المحوري للرسائل الملكية في توجيه الأداء الميداني للأجهزة الأمنية.
وأشار إلى أن المؤلف وثّق بدقة تطور الإعلام الأمني في الأردن من مكاتب تقليدية إلى اتصال استراتيجي محترف في عصر الإعلام الرقمي، بما أسهم في بناء سردية إعلامية أمنية قادرة على إدارة المعلومات ومواجهة الإشاعات والتفاعل مع الرأي العام. وختم أبو رمان بالتأكيد على أن الكتاب يمثّل إضافة نوعية للذاكرة المؤسسية للدولة الأردنية، ومصدراً مهماً للباحثين وصنّاع القرار، داعياً إلى تعميم التجربة وتشجيع أعمال مماثلة توثّق التجربة الوطنية وتعزّز الوعي المؤسسي.
من جهته، قال الكاتب والسياسي رمضان الرواشدة إن كتاب «الكلمة والقرار: حين اختار الأمن أن يُصغي – الأمن الوطني والإعلام الأمني في زمن الربيع العربي» يُعدّ شهادة حيّة ووثيقة مرجعية نادرة توثّق الرواية الرسمية الأمنية الأردنية لمرحلة مفصلية من تاريخ الدولة، مؤكداً أنه من أبرز ما كُتب عن تجربة الأردن خلال أحداث ما سُمّي بالربيع العربي.
وأوضح الرواشدة، الذي واكب تلك المرحلة من موقعه مديراً عاماً لوكالة الأنباء الأردنية (بترا) ثم لمؤسسة الإذاعة والتلفزيون، أن ما ورد في الكتاب يتطابق مع ما كان مطّلعاً عليه من داخل الإعلام الرسمي، ما يعكس مستوى الشفافية والانفتاح الذي ميّز العلاقة بين الأجهزة الأمنية ووسائل الإعلام الرسمية والخاصة، العربية والأجنبية. وأشار إلى أن المؤلف قدّم عرضاً دقيقاً للبيئة الأردنية والظروف الإقليمية وطبيعة الحراك الشعبي ومطالبه السياسية والمعيشية، مستنداً إلى وثائق ومعطيات موثوقة.
وبيّن الرواشدة أن الكتاب وثّق باحترافية عالية الأسلوب الذي انتهجته الأجهزة الأمنية في التعامل مع الاحتجاجات، والخطة الإعلامية التي جرى إعدادها وتكييفها مع تطورات الأحداث اليومية، ما أسهم في تجاوز تلك المرحلة الحساسة بأقل كلفة ممكنة ودون خسائر بشرية تُذكر. ولفت إلى أن الكتاب يبرز بوضوح مفهوم «الأمن المجتمعي» و«الأمن الناعم» القائم على ضبط النفس واحترام حق المواطنين في التعبير السلمي، إلى جانب حماية الأرواح والممتلكات العامة والخاصة.
وأكد الرواشدة الدور الحاسم للتوجيهات الملكية، ولا سيما رسالة جلالة الملك عبد الله الثاني إلى مدير الأمن العام في آذار 2011، في إدارة المشهد الأمني وتعزيز الثقة بين الدولة والمجتمع. ودعا إلى تعميم الكتاب ونشره في المدارس والجامعات والمؤسسات الإعلامية والأمنية داخل الأردن وخارجه، معتبراً إياه إضافة مهمة للمكتبة الأردنية ومرجعاً أساسياً للباحثين وصنّاع القرار، ومهنئاً العقيد المتقاعد محمد جميل الخطيب على هذا الإنجاز النوعي ومتطلعاً إلى إصداراته القادمة.
وفي كلمته خلال حفل الإشهار، عبّر مؤلف الكتاب العقيد المتقاعد محمد جميل الخطيب عن اعتزازه بهذا العمل، مؤكداً أنه لا يقدّم سيرة ذاتية، بل يوثّق مرحلة وطنية بالغة الحساسية عاشها الأردن خلال سنوات الربيع العربي، حيث كانت الكلمة أحياناً أخطر من الحدث، والقرار أثقل من اللحظة، في ظل تحديات غير مسبوقة واجهت الدولة والمجتمع معاً.
وأوضح الخطيب أن التجربة الأردنية لم تكن وليدة الصدفة، بل نتاج رؤية قيادية حكيمة قادها جلالة الملك عبدالله الثاني، الذي وضع محددات واضحة أبرزها صون حرية التعبير واعتبار دم المواطن خطاً أحمر، وهي توجيهات شكّلت مرجعية أخلاقية وسياسية أسهمت في ترسيخ نهج «الأمن الذي يُصغي» ويحمي الوطن دون صدام مع مجتمعه.
وأشار إلى أن الكتاب يقدّم سرداً موضوعياً لتلك المرحلة دون تهويل أو تبرئة، موثقاً تكامل أدوار مؤسسات الدولة في حماية السلم الأهلي، مع تركيز خاص على تجربة الإعلام الأمني بوصفه أداة سيادية ناعمة في إدارة الأزمات، مؤكداً أن الكلمة مسؤولية وطنية في زمن الشائعات، وأن الإعلام الأمني ليس جهازاً دعائياً بل جزء من بنية الدولة الحديثة القائمة على الثقة والحوار واحترام الإنسان.
وأكد الخطيب أن الاستقرار الذي تحقق كان ثمرة جهد جماعي شاركت فيه القيادة الهاشمية، ومؤسسات الدولة، والأجهزة الأمنية، والقوات المسلحة، إلى جانب وعي المجتمع الأردني. وأوضح أنه أهدى الكتاب إلى جلالة الملك عبدالله الثاني، وإلى مديرية الأمن العام وكل من خدم الوطن بإخلاص، موجهاً شكره للمتحدثين والقائمين على الحفل، ومعلناً عن عملين قادمين يوثّق أولهما تجربته الأممية في جنوب السودان، فيما يتناول الثاني الإعلام الأمني كقوة ناعمة في مواجهة التحديات الرقمية والمجتمعية.