صقل د / عبد العزيز اللبدي قدراته اللغوية بشكل يسمح له بالتعبير عما يريد٠ وليس كل ما يريد، لكن شيئا واحدًا كان يتقلص مع كل يوم يمر، الأهو قناعاته، فكلما تعمق في قناعاته في المعرفة أكثر ، ازدادت شكوكه حول أمور كثيرة٠ حتى لم يعد هناك شيء يقينيَّ في حياته، وأصبحت لا تسمع منه قول بخصوص جل القضايا سوى كلمة سأفكر ، فكانت رواية وردة٠
حاوره سليم النجار٠
وردة كنعان
لماذا كتبت الرواية؟
لقد عشت في صور أثناء عملي في مستشفى الهلال الأحمر الفلسطيني، في مستشفى الجليل، وقد استوقفني وجود المغارات وسمعت حكايات الأهالي عن المغارات القديمة وبدأت بنسج الأحداث ، مع التعمق في البحث عن التاريخ والحضارة الكنعانية التي لا نعرفها ، والتي تبدو من عالم آخر في هذه الحضارة الغربية المهيمنة على العالم. فنحن لم نتعلم في المدارس أي شيء عن الكنعانيين سوى ربما اسمهم،فلا نعرف من أين أتو ولا كادا كان اسمهم قبل أن يصلو فلسطين، ومن كان في فلسطين عندما وصلوا، ولم نتعلم مدى ما توصلوا اليه عن الحضارة. أسئلة كثيرة بدأت تطرح نفسها خلال عملية البحث عن الكنعانيين.ولا مستواهم الحضاري بالنسبة للعالم في ذلك الوقت.
‐٢- اختيارك لأسم وردة للرواية لما؟
أنها مدينة صور،حيث تجري الأحداث، لتكريس أنها كنعانية، وأن الكنعانيين هم نفسم من سماهم اليونان بالفينيقيين نسبة للون الأحمر الذي اشتهروا به، وقد لونوا أشرعتهم، بحيث صار اليونان عندما يرون الشراع الأحمر يصيحون ” الحمر! الحمر“ باليونانية( الفينيقيون) قد جاؤو. وانتشرت التسمية، فظن الناس أن الفينيقيون هم شعب خاص ، وهناك من ينسبه للعرق الأوروبي الأبيض، مع أن أوربا كلها لم يكن يسكنها أحد في ذلك الوقت عدا اليونان الذين كان معظهم من أصول سورية عربية.
‐٣- افتتحت روايتك وردة بأشعار الشاعر العربي الفلسطيني توفيق زياد ما السبب في توظيف الشعر في روايتك؟
أنه الشاعر الفلسطيني الذي يعبر عن ما في داخل كل فلسطيني مقلوع من جذوره، ويعيش التشرد واللجوء والبعد عن وطنه رغماً عنه، ويهزه الحنين إلى زيتونه وينادي ” أجيبيني أنادي جرحك المملوء ملحاً يا فلسطيني“ وزباد يرتبط بالقضية الفلسطينية والتشرد الفلسطيني، وهو شاعر خالد في فلسطين.
-٤- بداية الرواية بكلمة اعتراف تعترف بماذا؟
إن تشابه الأحداث التي حدثت مع صور في زمن الرواية أو زمن الاسكندر المقدوني تشبه الأحداث في زمن الهجمة الأمريكية في العصر الحديث على العراق والعالم العربي، وقد تحدث تشابه في الأسماء وربما الأحداث، لذلك اقتضي التنويه!!
-٥- قال السارد في الرواية ما يلي( وإذا نظرنا إلى التاريخ ، نجد أن العرب ، أو الشعوب السامية المختلفة ، قد سكنت هذه المنطقة منذ قبل. التاريخ) هل توظيف التاريخ يخدم الرواية؟
هي رواية تاريخية، وإن حدثت بعض الانحرافات في بعض المقامات، والرواية في الأساس هي رواية تاريخية وتتحدث عن أحداث تاريخية، ويهمني أن أوكد عروبة المنطقة، وربما كانت هذه بداية فكرة الكتاب الأخير عن العرب“في البدء كان العرب“. والذي يكشف أن بداية الحضارة العالمية بدأت في الوطن العربي ، وأن جميع اللغات القديمة هي مراحل لتطور اللغة العربية الفصحى. وهي اللغة الرسمية في جميع البلاد العربية الحديثة.
-٦- قال سارد روايتك ما يلي( وماذا سيكتب التاريخ عنا؟ هل يصفنا بالأرهابيين كما يريد أعدؤانا لنا أن نكون؟ وانت ماذا تقول؟
إن الأعدا يصنفوننا في جميع الأحوال كما يروق لهم فنحن إرهابيون عند الضرورة أو أي شيء آخر يخدم مصالحهم، المهم أنه لا ينظرون إلينا بعين موضوعية أو إنسانية أو محايدة!! فنحن هو الآخر الذي يلقى عليه بكل الأحمال السيئة دائماً!!! وهذه عادة الشعوب الأوروبية المحتلة لأجزاء كثيرة من العالم ضمن عصر الاستعمار والهيمنة الغربية عى العالم. ولكن لا يوجد ثابت في التاريخ، ولعل الأحداث الأخيرة في غزة بدأت بتغيير الصورة والصورة الغربية التي سادت في القرن العشرين ، عن وحشية العرب وأحقية إسرال في الوجود والهيمنة على الشعوب العربية المتخلفة، قد بدأت تتغير ليصبح التاريخ أكثر حيادية، وأكثر فهماً للواقع.
‐ ٧- لماذا اخترت لشخصيتك الرئيسة في الرواية تخصص التاريخ؟
ربما لأتعمق من خلاله في التاريخ، فهذا ليس تخصصي كما تعلم.فأنا طبيب واختصاصي جراحة عامة، وقد أحسست من خلال التحضير للكتابة بقدر الظلم الذي يرتكبه العالم الغربي في الحديث عن نقيضه الشرقي!! وهو الذي بنى حضارته الغربية الحديثة على قواعد عربية إسلامية، وقد كان غزو العراق، وما صاحبه من فظائع غربية ضد العراقيين والحضارة العراقية العربية القديمة أثر في نفسي لما أحدثته (الحضارة!!) الغربية في التراث العربي القديم الذي وجد قبل وجود أوروبا والغرب كله!! بآلاف السنين!
‐٨- ماذا تقول عن شخصية ابوحسين في الرواية؟
ابو حسين هو نائب قائد القطاع الأوسط وهو الذي يقوم بعمل العلاقات العامة والتحدث مع الأجانب والوفود الزائرة. وهو شاب مثقف يدرس في الجامعة العربية في بيروت بالانتساب، وعلى صلة بالزوار الأجانب، وهو بالتالي يمثل الثورة الفلسطينية في لبنان في ذلك الوقت.
‐٩- فاطمة شخصية نسائية في الرواية كانت تقول( بدور المرأة في الأسلام وفي التاريخ الفلسطيني)، ما هو تعليقك على ذلك؟
دور المرأة في الإسلام واضح، وهو دور لا يختلف عن دور الرجل، مع الاختلاف التشريحي . ولكن الدور السياسي والعقلي لا يختلف . وإن حاول الرجال نزع هذه الصفات الفكرية عنها. وهو تطور يسير في الاتجاه الصحيح، فكلما زاد التعليم وتقلصت الفجوات بين الجنسين تذوب الفوارق، ونعود إلى تناغم اجتماعي متوازن أفضل.
لقد كرم الإسلام المرأة ومنحها حقوقاً لم تكون موجودة في كثير من المجتمعات قبل قرون . تتلخص أدوارها ومكانتها في ما يلي:
كفل الإسلام للمرأة حقوقاً وواجبات متوازنة ومتكاملة مع الرجل، مؤكداً على كرامتها الإنسانية ومساواتها في التكاليف والجزاءات. كالمساواة الروحية والإنسانية: الحقوق المالية: تتمتع بذمة مالية مستقلة، وحق التملك، وحق الميراث، وحق الكسب والتصرف في أموالها بحرية تامة.الدور الأسري والاجتماعي: هي ركيزة الأسرة، فالأمومة لها مكانة عظيمة (الجنة تحت أقدام الأمهات)، وهي شريكة الزوج ورفيقته في الحياة، ولها حق اختيار زوجها دون إجبار.التعليم والعمل: طلب العلم فريضة عليها كالرجل، ولا يمنعها الإسلام من العمل الشريف والمتناسب مع طبيعتها وضوابطها الأخلاقية.المشاركة العامة: شاركت النساء في عهد النبوة في التمريض في الغزوات، ونقل المعرفة الدينية
في الغزوات، ونقل المعرفة الدينية، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
تُعد المرأة الفلسطينية رمزاً للصمود والتضحية، وشريكاً كاملاً في الهوية الوطنية والنضال ضد الاحتلال، حيث جمعت بين ليونة الأم وصلابة الجبل. النضال والمقاومة: لعبت المرأة دوراً أساسياً في مواجهة الاحتلال، بدءاً من الدعم اللوجستي وإسعاف المرضى والجرحى، وصولاً إلى المشاركة المباشرة في المظاهرات والمواجهات المسلحة، سواء كشهيدة أو أسيرة أو مقاتلة. كانت المرأة حارسة للهوية الفلسطينية من خلال التمسك بالتراث والعادات، وتربية الأجيال على العزة وحب الوطن وتاريخه، وغرس روح المقاومة في الأبناء جيلاً بعد جيل. كان للمرأة تحرك مؤثر منذ وقت مبكر، حيث أسست جمعيات نسائية مثل جمعية السيدات العربيات والاتحاد العام للمرأة الفلسطينية التي نظمت أول مظاهرة في فلسطين في العشرينات وبعد وعد بلفور،ولعبت أدواراً قيادية في تنظيم الانتفاضة الأولى، التي قادتها النساء إلى حد كبير على الصعيد الاجتماعي والاقتصادي والسياسي. واكتسبت المرأة الفلسطينية صفات القوة والصبر من الظروف القاسية التي عاشتها، من فقدان الأحباء، والاعتقالات، وهدم المنازل، مما جعلها أيقونة للقضية الفلسطينية.
تتجلى عظمة المرأة في قدرتها على التوفيق بين التوجيهات الإسلامية التي تكرّمها وتصون حقوقها، وبين متطلبات الواقع المرير والتاريخ النضالي للشعب الفلسطيني، لتكون سنداً وعوناً في كل الميادين.
– من قرأ الرواية يشاهد أن السرد مباشر وبدا انه خطاب سياسي مباشر هل هذا مفيد في إبداع رواية؟
الحقيقة هو أني كنت متأثراً بالكتابة الألمانية، واللغة الألمانية في ذلك الوقت، والبعيدة عن الشعر كما أني لست شاعراً، ولا أديباً ، وطيلة دراستي للطب في ألمانيا كنت علمياً، ولم أهتم بجماليات اللغة العربية. ولكن هذا لا يعفي من الاهتمام بالأدب العربي. ويختلف الكتّاب في اهتمامهم بالأدب والشاعرية حسب الموضوع، وحسب الموهبة . ولكنها رواية تاريخية، وتلتزم بالتاريخ ومستوى العلم في ذلك الوقت، وأرجو أن تعجبكم رغم ذلك!!