في عدد “الأنباط” الورقية الصادر يوم الخميس الماضي، 16/أيلول/ سبتمبر/2021م، وتحت عنوان “البرلمانية الأُردنية مع آسيا تبحث مع السفير الأذري أوضاع المنطقة”، نُشر خبر مُسهب ولافت للانتباه تناول أساسيات هذا اللقاء، الذي يُعتبر بحق واحدًا من علامات التعاون السياسي العالي المُستوى بين البرلمانيين وسعادة السيد السفير إيلدار سليموف، كما يؤكد عُمْق وازدهار التبادلات الثنائية في مختلف المَناحي وعلى صُعد غاية في التنوّع والتعدّد، بين عاصمتي الدولتين القديمتين والعريقتين قِدَم وعَرَاقة التاريخ البشري، عَمَّان العَمّونيَّة وشقيقتها باكو القزوينية.
هذا الخبر كان له ردود أفعال كثيرة في أوساط أُردنية مختلفة صَديقة ومُحبة لأذربيجان وعلاقات الأُردن الأخوية مع الدول الإسلامية والعربية، بخاصة تلك التي تتمتع بعضوية “منظمة التعاون الإسلامي”، القائمة على تنظيم وتنسيق وتعزيز وتعميق الصِلات الأنفع والأكثر جدوى وإدرارًا للنجاحات بين هذه الدول وتأكيد طابعها الأخوي بالذات، ويصل عددها إلى نحو 57 دولة، يَفوق تعداد سكانها المليار والخمسمئة مليون نسمة، وهو ما يُشكِّل دعمًا ومؤازرة مباشرة من هذه البلدان لبعضها البعض في السَرّاء والضَّراء، ولأجل تذليل مختلف الِصعاب التي قد تتعرض إليها في هذه أو تلك من السنين والمِحن، ما يَدعم مواقف أذربيجان في احترام سيادتها الكاملة على أرضها المُحرَّرة من الاحتلال الأرميني الطويل الذي دام نحو ثلاثة عقود، ويُثبِّت مستقبلها الاستقلالي ككل مستقبل لكل دولة عربية وإسلامية وأجنبية تتطلع إلى الحفاظ على كيانها الذاتي وكيان أذربيجان موَحَّدًا ومتصلة أراضيه بين بعضها البعض، وتتمتع مختلف القوميات والمواطنين في تلك البلدان بحرية التنقل بين مدن وطنهم ومحافظاته، دون خشيةٍ أو وجلٍ من عدو غاشم، أو دخيل ولص يَتدثّر بالعتمةِ البرانيّة لأجل الإضرار بالبشر والحَجر والمُستقبل الآمن للشعوب، التي ضمنها وفي المَكانة الأولى منها الآن، الشعب الأذري وأذربيجان، التي تقدِّم الشكر تلو الشكر، وآيات التقدير والعِرفان لكل مَن وَقَف ويقف إلى جانبها مُنافِحًا عن حقوقها في إطار القانونين الدولي والإنساني، وقرارات منظمة الأمم المتحدة.
نقرأ بتمَعّن بالغ وسرور وغبطة في كلمة رئيس “جمعية الصداقة البرلمانية الأردنية مع دول آسيا وأوقيانوسيا”، النائب عبدالرحيم المعايعة، عن التقاطعات والتفاهمات بين البلدين والشعبين التي تمتد إلى رِحابٍ واسعة، أولها أهمية الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس الشريف، وموقف جلالة الملك عبدالله الثاني تجاه القضية الفلسطينية وتحقيق الأمن والاستقرار في منطقة “الشرق الأوسط”، أضف إليها الروابط السياسية القوية المَبنية على الصداقة المتينة بين قيادتي البلدين، والاتفاقيات ومذكرات التفاهم العديدة، وتنفيذ البرامج المشتركة بين الجانبين في فضاءات عدّة، منها الطاقة، والثقافة، والسياحة، والزراعة وتشجيع الاستثمارات. كما أشار السيد المعايعة إلى أهمية تعزيز العلاقات التجارية والاقتصادية والبرلمانية بين البلدين الصديقين، خاصة في ظل الظروف الصعبة جراء جائحة كورونا. كما يلفت الانتباه إلى الوضع المتميز لتبادلات الأردن مع أذربيجان، وهو ما دعا رئيس وأعضاء هذه “الجمعية البرلمانية” الأردنية، للإعراب “عن تقديرهم للمستوى الرفيع الذي وصلت اليه العلاقات الأردنيّة الأذريّة في العديد من المجالات والتي يعود الفضل فيها إلى حرص القيادتين السياسيتين في البلدين الصديقين على تطويرها وتعزيزها، مؤكدين أنها قائمة على الاحترام المتبادل والتنسيق المستمر حول مختلف القضايا ذات الاهتمام المشترك”.
سعادة السيد السفير إيلدار سليموف، شدَّد في حديثه على أن بلاده تؤكد موقفها تجاه الوصاية الهاشمية على المقدسات في القدس، ودور جلالة الملك المستمر في تحقيق السلام الشامل والعادل في المنطقة. كما “أكد ضرورة تطوير وتوسيع العلاقات مع الأردن، خاصة في مجال التعاون الاقتصادي، وأشار إلى أن الزيارة الملكية الأخيرة إلى أذربيجان رَكّزت على تدعيم البِناء على هذه العلاقة السياسية وترجمتها إلى تعاون اقتصادي استثماري.. كما نوَّه السفير سليموف إلى أن الزيارات المتبادلة بين قادة البلدين “ستعمل على دعم وفتح آفاق جديدة للتعاون الاقتصادي”، و”تحفِّز القطاع الخاص ورجال الأعمال على الاستفادة من الفرص والمجالات المتاحة”.
وليس ختامًا، نرى بثقة أن باكو وعَمّان تُعليان وترفعان مَنسوب المشتركات والتفاهمات، وتوسيع مساحتها باستمرار، إذ أن البلدين يشتركان في الدين، والعادات والتقاليد، ويُعَظِّمان لغة الضَّاد التي تجمعُنا جميعًا مسيحيين ومسلمين، فهي لغة القرآن الكريم، وتنشط أذربيجان بتدريس العربية المُنتشرة في الكثير من مؤسساتها المدنيّة والدينيّة، مدارسها وجامعاتها، ومعاهدها، مُصلّياتها وجَوامعها، ونتطلع إلى تدريس اللغة الأذرية في جامعاتنا الأُردنية والعربية، ووصول طائرات البلدين إلى مطاراتهما مُحمَّلةً بالسياح والزوار ورجال الأعمال والطلبة وغيرهم، أضف إلى كل ذلك مشتركاتنا في بيتنا الآسيوي الحَاني، وعواطفنا الشرقية، والتاريخ المُشترك لشعبينا وأُمَمِنَا الإسلامية والأمَّتين العربية والأذربيجانية بمسلميها ومسيحييها وهذه كلها تنمو وتينع في تربتها الخصبة وتزدهر ساعةً بعد ساعةٍ، ويومًا في إثر يوم.
*كاتبة وإعلامية أردنية / روسية حاملة لأوسمة دولية.