في الأسبوع الماضي أصيب ولي العهد الأمير الحسين بفيروس كورونا، وهذا ما تسبب في تزايد الكلام والإشاعات عن احتمالات لعودة الحظر والإغلاقات في الأردن.
ولي العهد طمأن الناس بأنه تجاوز المرحلة الخطيرة، وأن تلقي اللقاح يخفف نسبة الدخول للمستشفيات، ولكنه لا يمنع الإصابة، مؤكدا أن الإغلاقات تعتمد على الوضع الوبائي للبلد، ولا ترتبط بشخص.
أوشك فصل الصيف على الانتهاء، ونحن على أبواب الشتاء، ومنذ بداية الشهر الماضي أيلول ( سبتمبر) ألغت الحكومة كل التدابير والاستثناءات المتعلقة بفيروس كورونا، وعادت قطاعات العمل بكامل طاقتها، وألغي حظر التجول في كل الأوقات.
مر الصيف بسلام في الأردن، ولم تتجاوز نسبة الفحوص الإيجابية في الأسابيع الماضية حاجز 5 %، وهذا مطمئن، وآخر إحصائية في الأول من أكتوبر الحالي أظهرت أن نسبة إشغال أسرة العزل في المستشفيات لم تزد على 12 %، والعناية الحثيثة على 23 %، وأجهزة التنفس 10 %، ونسبة الفحوص الإيجابية كانت 2.85 %، والإصابات بلغت 778 إصابة.
ما يجب أن نعترف به أن حملة التطعيم تواجه تحديات، فرغم توفر اللقاحات فإن الإقبال خاصة في المحافظات محدود، وهناك اتهامات تتزايد بحدوث عمليات تلاعب في إعطاء المطاعيم، وهي ما تستدعي التحقيق، ووضع آليات رقابة تكفل السيطرة التامة، للوصول إلى كل من يساعد على إعطاء المطعوم بشكل وهمي.
أرقام وزارة الصحة تكشف أن عدد الذين تلقوا جرعتي المطعوم بلغ 3 ملايين و288 ألف شخص، ومن تلقوا جرعة واحدة بلغ 3 ملايين و 718 ألف شخص، في حين يوجد ما يقارب من ربع مليون أخذوا جرعة واحدة وتخلفوا عن أخذ الجرعة الثانية.
الإلزامية في إعطاء اللقاح مسار غير متبع في العالم، ولكن تحفيز الناس على تلقيه إجراء معمول به، وفرض قيود تدفع غير متلقي المطعوم لأخذه سياق تذهب له غالبية دول العالم.
بصراحة لا أعرف إلى أي درجة تمنع الحكومة الموظفين والموظفات غير المطعمين من الذهاب لعملهم دون إحضار شهادة PCR مرتين في الأسبوع، وإلى أي مدى يمنع المراجعون للمؤسسات العامة من الدخول إذا لم يكونوا قد تلقوا اللقاح؟
مشاهدتي خارج حدود المؤسسات العامة تظهر أن المطاعم والمقاهي والمولات لا تلتزم بالتأكد أن من يدخل إليها من المتلقين للمطعوم، وتطبيق «سند» لا يُستخدم، وحتى من يطلب الاطلاع على شهادة المطعوم لا يدقق بها.
أعارض كل إجراءات الحظر والإغلاق، ولا أجد لها مبررا، ولكنني مع الوقاية، والإبقاء على مسافات التباعد، ولبس الكمامة، والمضي في استكمال برنامج التطعيم الوطني لتحصين الناس، وتقليل مخاطر الإصابة.
كنت مع عودة مهرجان جرش، وأدعم كل الاحتفالات في البلاد من شمالها إلى جنوبها، ورغم ذلك فأنا مع الانضباط في المدرجات، والحزم في تطبيق إجراءات السلامة، والمشكلة ليست في خرق الناس للتعليمات، فهذا أمر معروف، وإنما في التطبيق الانتقائي للحكومة لإجراءاتها، واستذكار الأخطاء بأثر رجعي، وإنكارها للمسؤولية وتحميلها للآخرين، والتضحية بهم كأكباش فداء كما حدث في مهرجان جرش.
الحقيقة أن السياحة انتعشت قليلا، والمؤشرات الاقتصادية تتقدم ولو ببطء، وأي تراجع عن الانفتاح، أو العودة للتدابير الاستثنائية سيكون كارثيا ومدمرا.
الشتاء يدق أبوابه، ومثالا للمشكلات والتحديات المقبلة ما يعترض المطاعم والمقاهي، ومنها الاستمرار في إلزامهم بتقديم الأرجيلة فقط في أماكن مفتوحة، وهم يريدون حلا سريعا حتى لا يعودوا للمربع الأول.
حتى تنتهي جائحة كورونا رسميا في العالم، فالحلول المتوفرة هي الاستمرار في إعطاء اللقاحات، وتحصين المجتمع أكثر، ولجنة الأوبئة وافقت على إعطاء الجرعة الثالثة لمن مضى على تلقيه الجرعتين 6 أشهر، وعمره فوق 60 عاما، أو من الكوادر الصحية، أو يعاني من أمراض مزمنة، وهذا اتجاه مطلوب، غير أن الأهم أن يذهب للتطعيم من امتنع، ويقتنع الناس أن لبس الكمامة ما يزال مهما، والتوقف -على الأقل- عن عادة «التقبيل» التي عادت بقوة في حفلات الأعراس، وبيوت العزاء.
سافرت إلى أوروبا الشهر الماضي، وقبلها إلى دول الخليج، وما لفت انتباهي أنك لا تحتاج لتذكير الناس للالتزام بلبس الكمامة، فهم يفعلون ذلك طواعية، ونحن ما يزال هناك من يُنكر وجود الجائحة، ويعتبرها مؤامرة كونية علينا.
الغد