بقلم الخبير السياسي والدستوري المحامي الدكتور زياد العرجا
في الوقت الذي يشهد به الاردن مرحلة جديدة من الاصلاح السياسي الذي يقوده جلالة الملك ومن خلال مخرجات اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية، لتطالعنا بعض الجهات الاعلامية بما يسمى ( وثائق صندوق باندورا ) والتي زعمت بأنها نتاج بحث استقصائي لمجموعات صحفية دولية ، وبعيدا عن جدليات التوظيف السياسي للمعلومات الواردة او ما سيرد مستقبلا والتي نشك في مدى دقتها واهداف نشرها او اعادة النشر بوصفها معلومات قديمة وغير جديدة وبعيدا عن مدى المسؤولية والتبعات القانونية والاخلاقية لعمليات النشر والتوظيف السياسي والتساؤلات حول الأسس العلمية ومنهجية الاستقصاء الذي يمكن تفنيده من قبل مؤسسات محترفة بالعمل الاستقصائي والبحثي والاعلامي والقانوني.
فلاشك بان هنالك تزامنا مشبوها من حيث التوقيت بنشر هذه الوثائق وما بين التوجيهات الملكية المتعاقبة بضرورة اجراء اصلاحات دستورية وسياسية واقتصادية والاعلان عن النتائج لمخرجات اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية والاشاعات ودعوات الفتنه من تقارير مشبوهة ومدفوعة و مغرضه لزعزعة امن واستقرار الوطن، وبعد ان استطاع جلالة الملك ان يعيد الاردن الى دوره المحوري والفعال بالمنطقة العربية والعالمية، وبعد ان سجل الاردن صمودا اسطوريا في مواجهة كافة المحاولات التي كانت تستهدف الاردن واضعاف دوره الجيوسياسي، وتحديدا في فتح آفاق اكبر للتقارب العربي ورفض كل المخططات التي استهدفت القضية الفلسطينية وتحديدا ما سمي بصفقة القرن.
وسائل الإعلام الأجنبية التي قد تكون مدعومة من اطراف عربية هدفها المساس بأمن واستقرار الاردن لم تكتفي بنشر ما سُمّي بوثائق باندورا وتعلق بعض منها بممتلكات خاصة لجلالة الملك بل ذهبت إلى حدّ الترويج والتمويل لتلك المعلومات المخادعة.
فالتسريبات المقصودة ورغم الضخ الإعلامي الكبير لها من قبل بعض الجهات التي لا تريد الخير واستمرار الأمن والاستقرار بالأردن، والتمويل والإعلان الممنهجين لم تلق صدىً شعبيا كما أريد لها، ويرى المراقب لصيغ تلك الأخبار بأنها كانت تستهدف الأردن ملكا وشعبا حيث اللغة المواربة والتضخيم المبالغ فيه.
ومن الواضح أن تلك الأكاذيب تستهدف أولاً : علاقة الملك بالشعب وذلك من خلال بناء الشكوك حولها، وهي العلاقة التي لا تهتز حيث يجمع الأردنيون على الأسرة الهاشمية كصمام أمان للدولة الأردنية بقيادة جلالة الملك. وهذا ما اكد عليه الأردنيين من خلال تجديد ثقتهم بجلالة الملك، وانهم يضعون أنفسهم في خط المواجهة للدفاع عن المقدسات والثوابت الدولة الأردنية مهما حاول المغرضون فيها عبثا.
وتستهدف بالدرجة الثانية : الدول والهيئات والمؤسسات الدولية الراعية والداعمة للبرامج التنموية والإنسانية، ولكن بيان وزير الخارجية للولايات المتحدة الامريكية جاء ليؤكد ” أن مساعدتنا للأردن تصب في مصلحة أمننا القومي المباشر، كما تجري مراقبة وتقييم لجميع برامج المساعدات بعناية للتأكد من تنفيذها وفقاً للغرض المقصود منها”، وأكد وزير خارجية الولايات المتحدة الامريكية ” أن الأردن يساعد في مواجهة التحديات الإقليمية، ويؤمن حدوده ويساعد على المشاركة في أنشطة التحالف ضد داعش”.
الديوان الملكي الهاشمي تحدث في منتهى الشفافية بخصوص تلك الوثائق، مشيراً إلى أن تلك المعلومات المنشورة غير دقيقة، و ”أنه جرى توظيف بعض آخر من المعلومات بشكل مغلوط، شوه الحقيقة وقدم مبالغات وتفسيرات غير صحيحة لها”.
فإن ثقتنا برأس الدولة الأردنية ونزاهة ونظافة جلالة الملك راسخة لا تتزعزع ونقف معه في مواجهة أي تداعيات تستهدف النيل من سمعة الأردن أو محاولة التأثير على حلفائه ومدى دعم المؤسسات الدولية للدولة الاردنية. ولن يفت في عضد المجتمع الاردني وتماسكه أي حملات إعلامية مكشوفة تستهدف تقويض العلاقة التاريخية ما بين الشعب ومؤسسات دولته وعلى رأسها مؤسسة العرش ونؤكد على أنه لا يوجد لدينا ما نخفيه او نخشى من الافصاح عنه او يتم تداوله مما ولد ميتا لكن هذا البيان جاء للرد على أوهام أي جهة تتصور بوجود فرصة للعبث بمجتمعنا الاردني الواعي القادر على تشخيص الحالة وبيان الغث من السمين.
مواجهة الاخبار الكاذبة والمضللة لا يتم بالتعتيم، ومحاولة الحجب، ومنع التداول، فمهما بلغت امكانات الدول وقدراتها والجدار الحديدي الذي تفرضه على شعوبها، فإنها لن تنجح البتة في الحيلولة دون انتشار هذه الشائعات والتسريبات واحيانا الحقائق، وخاصة اذا تبنت هذه المعلومات وسائل اعلام عالمية كبيرة وموجهة ، بحجم ال بي بي سي الواشنطن بوست وغيرها، وهنا لا داعي لان نذكر بحقيقة ان العالم اصبح قرية صغيرة .
الاردن ليس جزيرة معزولة عن العالم، وما ينشر عنه في اي وسيلة اعلام، وبصرف النظر عن اللغة التي تستخدم، فانه سرعان ما يترجم للعربية ويجري تداوله محليا وعلى نطاقات مختلفة وواسعة، بعضها قابل للنشر، وبعضها الاخر يجري تداوله بينيّا عبر شبكات التواصل الاجتماعي والتطبيقات المختلفة.