عمّان- أثبتن أنهن عاشقات للتحدي، وأنهن محترفات وقادرات على تحقيق الإنجازات عبر الساحتين العربية والآسيوية، بل وحصد الجوائز، متخطيات النظرة المجتمعية، بكل ثقة وطموح على الأرض “المعبدة” بالمصاعب.
هن النشميات والواعدات والمحترفات في رياضة لعبة كرة القدم الأردنية، وجدن الرعاية والاهتمام، بطموحاتهن التي تجاوزت الحدود المحلية إلى العربية والعالمية، ولم تمنعهن التحديات من ممارسة الرياضة التي تعد من أساسيات التنمية ومظهر من مظاهر المشاركة المدنية الفاعلة، ومطلباً لمحاربة الفقر والتقليل من البطالة، فهي تحتاجها المرأة، كما الرجل، لزيادة الثقة بالنفس والعلاج الجسدي واللياقة البدنية.
الحديث عن نجاح المرأة الأردنية في الميادين الرياضية، ليس بمعزل عن نجاحها إدارياً كذلك، فالأردن هو الدولة الآسيوية الوحيدة التي يحتل منصب الأمين العام للجنة الأولمبية سيدة، كما ترأست المرأة بنجاح العديد من الوفود الرياضية في المحافل الدولية، فضلاً عن اقتحامها ميادين التدريب والتحكيم والعمل الإداري في الاتحادات الرياضية.
ذلك الحديث عن نجاحات وإنجازات النساء الأردنيات الرياضيات، وقدرتهن على تخطي الصعاب، جاء خلال لقاء “المرأة في احتراف الرياضة: التحديات والإنجازات”، ضمن سلسلة لقاء الأربعتين، التي تنظمه شبكة نساء النهضة في منظمة النهضة العربية للديمقراطية والتنمية (أرض)، وشاركن فيه عضوات من منتخب كرة القدم للسيدات، بينما أدارته الصحافية المختصة بالشأن الرياضي هبة الصباغ.
بداية اللقاء كان مع الصباغ التي رأت أن “لعبة الرياضة قليلاً ما يتم التركيز عليها، وخصوصاً رياضة كرة القدم، فكيف إذا كان الأمر متعلقاً باللاعبات اللواتي لا يتوفر لهن دعماً مناسباً، وخصوصاً القاطنات في المحافظات البعيدة”.
تقول الصباغ “خلال دراستي الجامعية كم تمنيت أن يكون في الأردن منتخباً للسيدات، وأن يتقبل المجتمع المرأة اللاعبة لكرة القدم، وهو ما تحقق في عام ٢٠٠٥ حين دخلت الكرة النسوية إلى الأردن بدعم من الأمير علي بن الحسين”.
وتجد أن “العادات والتقاليد هي التي تحد من تقدم الرياضة النسوية في الأردن العالم العربي، إذ إن معظم الأهالي تمنع بناتهم من ممارسة الكرة النسوية إلا من قلة محدودة، قياساً بالقاعدة الجماهيرية لكرة القدم في الوطن العربي”.
من جانبها، توقعت مديرة الكرة النسوية في الاتحاد الرياضي لكرة القدم، سولين الزعبي، أن “تصبح لعبة كرة القدم النسوية أكثر انتشاراً، بعد ما شهدته اللعبة إقبالاً كبيراً من الفتيات، اللواتي تصل أعدادهن ما يقارب 1000 فتاة”، لافتة إلى أن الأردن استضاف العديد من البطولات النسوية كان أهمها كأس العالم للسيدات لكرة القدم تحت ١٧ عاماً في العام ٢٠١٦ بمشاركة ١٦ منتخباً من جميع قارات العالم.
وتبين الزعبي أن الأندية الرياضية كانت تنظر للاعبات على أنهن “هاويات وليسن محترفات”، لكنهن عملن على تغيير هذه النظرة؛ بتحقيق الانتصارات وإحراز الفوز، خصوصاً أن أصبح لدينا 12 مركزاً للواعدات، تنتشر في محافظات المملكة، وتوفر الفرصة للفتيات الراغبات في لعب كرة القدم.
تقول: “اليوم أنا في اتحاد كرة القدم الأردني، أعمل إدارية وأوفر الدعم والمساندة لليافعات، كما حصلت على شهادة لتدريب كرة القدم، وأعمل مدربة للأطفال”، مؤكدة أهمية تعزيز الوعي لدى معلمي المدارس، لأهمية درس التربية الرياضية، وتحديداً رياضة كرة القدم للفتيات، وأن يلتحقن بنوادي الواعدات مجاناً نظراً لدعم الاتحاد العام لهن.
أما مديرة المنتخبات النسوية في الاتحاد الأردني، سوسن الحساسين، والتي كان من بين أحلامها دخول المنتخب الوطني، اعتبرت أن “لاعبات المنتخب على قدر كبير من المسؤولية، ولديهن قدرات كبيرة واحترافية لافتة”.
وترى الحساسين أن “تقدم ونجاح للكرة النسوية الأردنية لا بد أن يبدأ من الصفر من خلال بناء فرق نسوية في المدارس ابتداءً، ومن ثم تعميم الفكرة على المحافظات والمدن الكبيرة لتوسيع قاعدة اللعبة في الأردن”.
وأشارت إلى أن الكرة العربية النسوية في منتخبات مصر والمغرب وتونس هي الأكثر تنظيما مقارنة بمنتخبات آسيا العربية، مبينة أن الأردن سبق له أن تأهل لأول مرة إلى كأس أمم آسيا للسيدات عام 2014 كأول منتخب عربي، ساعياً بهذه التأهل الاستفادة من منظومة البطولات العالمية.
بدورها، اعتبرت مديرة مركز سمو الأمير علي للواعدات، شهناز جبرين، أن “لعبة كرة القدم الخسارة فيها دافعاً كبيراً للنجاح، فهناك من ينتظر نجاحنا ويعلق علينا آمال كبيرة”، مؤكدة أن النجاح الذي وصل إليه منتخب السيدات اليوم لا يحسب للاعبات فقط، فهناك من يخطط ويدعم ويتابع من وراء الكواليس.
وبرؤيتها، فإن الأمل بتعزيز شعبية اللعبة في المملكة وتوسيع قاعدتها، ودعم الكرة النسائية واحتضان البطولات العالمية، يتحقق بتوفير موارد مالية كافية لإنشاء ملاعب جديدة وتحسين البنية التحتية لهذه الملاعب وتكثيف الوعي المجتمعي بأهمية هذه اللعبة وتميزها على مدى الحياة.
عموماً، كانت تلك أبرز ما تحدثن به المحاضرات في اللقاء، في المقابل كان للمشاركات من السيدات والفتيات تعليقاتهن وتوصياتهن بشأن أهمية التطلع لأوضاع اللاعبات واللاعبين من ذوي الإعاقة وتوفير كافة أشكال الدعم لهن/ لهم، إلى جانب الاستثمار بالرياضة، لكونها أحد الاستثمارات المهمة للدول المتقدمة، ليس فقط لما تحققه المنتخبات من سمعة وقدرة تنافسية للدولة، وإنما، أيضاً، لأنها تقلل من الفاتورة الصحية وضعف البنية الجسدية للمجتمع.
ووجدن، أيضاً، أن يكون للقطاع الرياضي النسوي حضوراً في اللقاءات والمنتديات التي تدعم مشاركة المرأة في كافة القطاعات المدنية والسياسية، وغيرها، فضلاً عن أهمية إعادة النظر في قضية أجور اللاعبات، خاصةً أنهن ينتمين لقطاعٍ حيوي ومهم وجدير بالاهتمام.
وأوصن بضرورة أن يكون هناك تسويق حقيقي للعبة كرة القدم النسوية، خصوصاً أنها لا تلقى نفس الرواج الذي تتلقاه لعبة الرجال كنوع من التنميط أن هذه اللعبة مقرونة بهم، أو الانطباع أنها ليست بتلك الكفاءة والمتعة.
ولم تكن قضية دعم الرياضة من قبل الإعلام والقطاع الخاص والمجتمع المدني والاتحاد الرياضي بمعزل عن أحاديث المشاركات، اللواتي أكدن على ضرورة أن تلتفت هذه القطاعات بـ “جدية” لتحديات القطاع الرياضي الذي هو مهم وحيوي وينمي قيم الانضباطية والعمل الجماعي والروح الرياضية لدى أفراد المجتمع.