بقلم : الكاتب والمحلل الأمني د. بشير الدعجة
شاهدت مقاطع فيديو انتشرت على منصات التواصل الاجتماعي لدورية شرطة نجدة اثناء القاء القبض على أحد الأشخاص… وعدت المقاطع عدة مرات من زوايا مختلفة…
وكخبير أمني استطيع ان احللها بالآتي :
افراد الدورية تقدموا باتجاه الشخص وطلبوا منه الامتثال لأوامرهم والتوجه معهم إلى سيارة دورية النجدة كونه مشتبه به… وهنا رجال الدورية يغطيهم قانون اصول المحاكمات الجزائية بحيث يحق لهم الاستيقاف للتأكد من هوية الشخص ان كان مطلوبا ام لا او يُحيز مايمنع القانون حيازتة… وكذلك التوقيف وإلقاء القبض اذا ما شعرت الدورية ان هذا الشخص لديه ما يمنع حيازته او تم التعميم عليه ومركبته او وضع نفسه محل الشبهة…
افراد الدورية كما شاهدنا طلبوا من الشخص مرافقتهم الا انه رفض… ودار تفاوض معه لفترة من الزمن إلا أنه أصر على عدم الرد عليهم…. وهذا كان خطأ من هذا الشخص… فالمفروض ان يذهب معهم… وفي المركز الامني يتم التحقيق معه… فإن لم يكن بحقه اي تهمة يجرمها القانون يترك وشأنه دون أي إجراء قانوني او إداري… ويحق له تقديم شكوى كونه تضرر وتعطل…
بعد رفضه الرد على طلبهم… شاهدنا احد افراد الدورية يتقدم نحوه وانهال عليه ضربا وبعدها أصبحت هنالك مقاومة من قبل الشخص ومحاولة السيطرة عليه من قبل افراد الدورية باستخدام قدر من القوة المناسبة للسيطرة عليه…وهذا اجازه القانون لاستخدام قدر من القوة التي تفي في السيطرة على الموقف… ويتوقف عن استخدامها فورا حال السيطرة..
اتوقف عند هذه الجزئية لتحليلها… كان من الأفضل في بداية استخدام القوة (من احد افراد الدورية) ان يتسم بضبط النفس والهدوء… ومحاولة القناعه التوجه معهم… لأن وقت التفاوض السابق قبل استخدام القوة لم يكن كافيا لاقناعه… أما بعد ان خرج من مركبته وقام بمقاومتهم.. فإن القوة التي استخدمها افراد الدورية للسيطرة عليه كانت مناسبة مع هذا الموقف… حيث انتهى استخدام القوة بعد ان تم السيطرة عليه ولم يتم الاعتداء عليه بعد ذلك…
سمعت الشاب يقول لا استطيع التنفس… اعتقد الإجراء الأنسب – وحسب تقديرات الموقف من قبل افراد الدورية… ان يطلب له سيارات إسعاف والتحفظ عليه… و مرافقته من قبل بعض افراد الدورية إلى المستشفى ويبقى تحت الحراسة حتى ينتهي من العلاج والعودة به إلى المركز الامني المختص للتأكد من وضعه ان كان ارتكب جرما ام لا… و للمركز الأمني من يقرر ذلك بعد إتمام التحقيق معه… هذه الجزئية التي ذكرتها بخصوص (النفس) يقدرها افراد الدورية… كونهم في مسرح الأحداث ولست انا او غيري….وعطفا على القاء القبض عليه والسيطرة عليه تماما… شاهدت تدخل عدد لا بأس به من المواطنيين المتواجدين في مكان الحادثة حيث تقدم بعضهم محاولين تخليص الشاب من يدي الدورية ممكن تعاطفا معه… وهنا ارتكب هؤلاء أخطاء يحاسبهم عليها القانون كتعطيل رجال الأمن العام من القيام بواجباتهم… ومحاولة تخليص (تهريب) احد المطلوبين.. وممكن تهم أخرى-ان وجدت- قد يسندها إليهم المدعي العام…
لذلك كان من الأفضل لهم عدم التدخل في عمل رجال الأمن العام وتعطيلهم… وأنصح كافة المواطنيين باي موقف مشابه مستقبلا… عدم زج انفسهم بمثل هذه الأفعال لأنك لا تعرف ما هي الأفعال او التهم الموجه لأي شخص يتم القاء القبض عليه من قبل الشرطة… وبذلك تصبح طرفا متهما في اي قضية او حادثة مشابهة…
أعود إلى الفيديو فبعد تجمهر بعض المواطنيين حول رجال الأمن العام لتخليص الشاب من حالة القاء القبض… اطلق احد افراد الدورية عيار ناري في الهواء لإبعادهم واخافتهم… وكذلك حماية له ولزملائه….
وهنا استطيع القول… ان ما قام به رجل الأمن العام لحماية نفسه وزملائه… إجراء أمني سليم مئة بالمئة… لانه قد يتعرض رجال الدورية عند اصرار المواطنيين تخليص الشاب إلى الاعتداء عليهم بسلاح ناري او سلاح ابيض او باي أداة أخرى او الضرب… فالمواقف الأمني كان يتطلب تفريقهم واخذ كافة احتياطات السلامة والامن لأفراد الدورية… ولو حدث هذا الموقف مع إحدى الدوريات في أمريكا او اوروبا لكانت هنالك خسائر بأرواح ممن حاولوا تخليص الموقوف… لكن نحمد الله اننا في الاردن لا تلجأ الشرطة لمثل ذلك… ولا تصدر الأوامر لدوريات الشرطة بذلك…
اما بالنسبة لشتم الذات الإلهية التي اعتقد انني سمعتها بالمقطع الثاني من الفيديو .. فهذا تصرف لا يقبله الدين ولا الأخلاق… لذلك لا بد من تقديم فاعلها المحاكمة بجرم شتم الذات الإلهية…
خلاصة القول… ان القانون يأمر الشاب بالرد على رجال الدورية والذهاب معهم… وان تعرض للظلم يستطيع التقدم بشكوى بحق الدورية…. وكان من الأفضل أن يستمر رجال الدورية بالتفاوض معه واقناعه بتسليم نفسه والذهاب معهم…. مع عدم اغفال ما كان يدعيه بانه يتعرض لضيق نفس… فكان من الأفضل – وهذا يعود لتقدير الدورية – من صدقه ام لا… ان يتم اسعافه وانقاده من ضيق النفس تحت الحراسه لحين تعافيه…
الخطأ الأكبر تدخل بعض المواطنيين بعمل رجال الأمن العام واعاقة عملهم – وهذا كما اسرت- يعاقب عليه القانون… وهو ما هيَّج الحادثة وازمها…
اما إطلاق النار من قبل الدورية… فهو إجراء سليم لحماية انفسهم من الأشخاص الذين حاولوا تخليص الشاب
(بغض النطر ان كان مذنبا ام لا)…
وهنا أثمن واثني قرار مدير الأمن العام اللواء الركن حسين الحواتمة الحكيم والمتأني بفتح تحقيق في الحادثة ليأخذ كل ذي حقٍ حقه… سواء افراد الدورية… او الشاب – ان كان مظلوما -… اما المتدخلين بالحادثة فلا بد من مساءلتهم قانونا… هذا تحليلي لما شاهدته وسمعته بمشاهد فيديو الحادثة…. وللحديث بقية.
#د. بشير الٌدّعَجَهْ