دين أبوهم اسمه إيه؟!أسامة الرنتيسي

أسامة الرنتيسي

 أحد الأصدقاء المحسوبين على التيار الإسلامي ( أُقدره وأحترمه وهو زميل جامعة اليرموك المهندس ميسرة ملص) علَّق على استنكار حزب جبهة العمل الإسلامي التفجير الإرهابي الذي استهدف أحد مساجد أفغانستان ونثر جثث أكثر من 62 مصليا ومئات الجرحى، بأن هذا موقف مقدر من الحزب عندما نعلم أن المسجد للشيعة!
مدمرة لكل نفس، صور الجثث والأشلاء في مسجد قندهار سواء كان المصلون سنَّةً أو شيعة، ومرعبةٌ حَدَّ الفاجعة أن لا يشعر الإنسان بالأمان داخل دور العبادة، والمرعب أكثر أن يُقتل وهو راكع أو ساجد لرب العباد في لحظات روحانية لا يمكن أن يفكر فيها أن وحشا بشريا ينتظره ليقتله وهو بين يدي ربه.
الاتهام يوجَّه فورا إلى تنظيم داعش، مثلما اتُّهم في الأسبوع الماضي، بانفجار مماثل في مسجد بمدينة خان آباد، في ولاية قندوز، أودى بحياة خمسين شخصًا، فيما أصيب نحو 140.
المرعب أكثر أن يرتدي القاتل لباسا يعتقد أنه يقربه إلى رب العباد، ويرفع صوته عاليا مكبرا وهو يضغط على الزناد.. الله اكبر.. الله اكبر.
قالها بكل إبداع الشاعر المصري الجميل جمال البخيت….
دين أبوهم اسمه إيه؟!
دين أبونا يا محمد
أنت سِرُّه ومُبتداه
أنت إحساسه ومداه
دقة عارفينها ف قلوبنا لَمّا نَخشع للإله
لَمّا نطلب يوم رضاه
لَمّا نركع ..
لمّا نسجد ..
لمّا نفرح بالحياة ..
المشكلة أننا نشاهد ما يفعله داعش ونصمت عليه مثلما صمتنا عن القتل الوحشي الإسرائيلي في قطاع غزة، وصمتنا على بشاعة القتل والإرهاب في سورية والعراق وليبيا واليمن..
ليس جديدًا ذلك التخاذل العربي والهوان والذل، وليس غريبًا أن يبلع الناس ألسنتهم تُجاه أحداث مصيرية وحوادث تُغيِّر وجه الأرض والتأريخ، فقد جربنا ذلك في العصر الحديث، منذ احتلال فلسطين وإعلان قيام الكيان الصهيوني الاستيطاني وأعيدت الكَرَّة أكثر من مرة في حروب الخليج الأولى والثانية والثالثة.. والحروب الجديدة.
لا يزال بيننا مَن يطرح سؤالًا: ما هي مصلحتنا في الوقوف مع الغرب لمحاربة داعش ومَن على شاكلته؟! الجواب باختصار: بل هو في صميم مصلحتنا، لأن هذا السرطان الجديد، يعمل على تغيير نمط حياتنا، ويفرض تطرفه وجهله علينا.
فلقد خرج من بين أحشائنا، ولم ينتجه الغرب، إنما احتضنه، ودعمه، ووضعه على خط حياتنا ليهددنا به، فمهما حاول محتكرو الخبرة والمعرفة في الحركات الإسلاموية تأكيد أن هذه التنظيمات المتطرفة ليست صناعة صهيونية، فهم مخطئون، وسوف تثبت الأيام، أن الأجندة الداعشية الصهيونية واحدة، مهما اختلفت ساحات الحرب، ومهما اختلفت معها الاستراتيجية الأميركية والغربية، ولنا في قصة القاعدة وأسامة بن لادن أفضل الأمثلة، فقد صُنعت القاعدة في معامل الولايات المتحدة، وبعد أن انقلب السحر على الساحر، أصبح ابن لادن عدو أميركا الأول.
لا أحد يمرر علينا أن معركة داعش ليست معركتنا، ولا يتفصحن علينا أحد بطلب الحوار مع هذا التيار، لأنه أصلا لا يعترف بالحوار ولا يعترف بالآخر، ولا يعترف بإسلام أكثر من نصف المسلمين.
من يرفع صوته ضد محاربة داعش في كل مكان، هو في الحقيقة من المؤيدين لهذه الأفعال بحجة السُّنّة والشيعة، وهو في داخله مع القتل والسحل وجز الرقاب من الوريد إلى الوريد.
لنتصارح مع أنفسنا قليلًا، ونكشف عن نِيّاتِنا في الأقل أمام أنفسنا، بأن صمتنا ورفضنا للتخلص من داعش وأشكاله، جزء من المؤامرة علينا وعلى حياتنا المدنية.
فعلا… دين أبوهم اسمه إيه..
الدايم الله…