العربي و المطبخ.. كامل النصيرات

أعرف أن كثيراً من الرجال يجيدون الطبيخ أكثر من نسائهم ..و بالنسبة لي فإن طبيخ الرجل أزكى بكثير من طبيخ المرأة إلا إذا كانت تلك المرأة هي أمّي ..الأعراس و الولائم الكبرى عادة ما يحيّد الرجال النساء عنها و لا يسمحون لها بالطبيخ ..حتى أن شاعراً مرهف الحسّ مثل غازي الذيبة ينتظره أبناؤه عندما يشمّر عن ساعديه و يدخل المطبخ ويعد لهم ما شاءوا من التخبيص الجميل ..
و اعترف لكم بأن مطبخي يبعد عني ثلاثة أمتار فقط ..ولا أعرف فيه إلا الثلاجة و الكولر و ميداليات الشاي و علبة القهوة ..ما عدا ذلك ؛ إذا ما حكمت عليّ الظروف أن أنفرد بالمطبخ للضرورة ..فإن المطبخ يتحوّل إلى مكان يصعب المشي فيه نتيجة الأشياء تهبط على الأرض و أنا أبحث عن صحن معيّن مثلا ..
لا أعلم من أين أتى العربي بثقافة العيب في دخول المطبخ ..ولماذا يخجل الكثيرون من تقشير البصل و تقطيع الثوم ..؟! لماذا العربي يصرّ على أن يأتيه طعامه إلى حيث يجلس ..وإذا وجد من يضع اللقمة في فمه فلن يوفر ذلك ؛ بالعكس سيكون سعيداً ..
العربي مهووس بالعنطزة و الفنطزة و العنجرة و الفشخرة ..العربي لا يتقن إلا طحن الكلام و عجن البطولات الزائفة و خبز المستقبل الذي لا يأتي ..لذا فهو طبّاخ فاشل في السياسة لأنه يرى الطبخ الحقيقي عيباً عليه ..
الطبخ تفاصيل دقيقة ..إذا أتقنها الرجل سيتحوّل إلى حنون و رومانسي ..لكن هيهات ..ترك المطبخ مملكة للمرأة ومضى يبحث عن مملكته في النوم و الكسل و السياسة و العنجرة و الهزيمة ..لذا ؛ أغلب النساء ملكات في البيوت و أغلب الرجال عبيد داخل البيت و خارجه ..!

كامل النصيرات
المقال المنشور اليوم في جريدة الدستور
للتواصل على الواتس (0799137048