هل يُجبِر إغلاق مكاتب (MBC) نهائيّاً في لبنان الوزير قرداحي على الاستقالة

التصعيد يتوالى سعوديّاً على خلفيّة تصريحات وزير الإعلام اللبناني الإعلامي جورج قرداحي الذي اعتبر حرب اليمن عبثيّةً وعُدوانيّة، فها هي قناة (MBC) تذهب باتجاه إغلاق مكاتبها نهائيّاً في لبنان، وذلك كما ذكرت صحيفة “عكاظ” السعوديّة.

إغلاق المكاتب للقناة المذكورة، تبدو عُقوبةً مُوجّهةً للإعلامي قرداحي نفسه، وإن كان أصرّ الرجل على عدم التبعيّة، وسيادة بلاده، ولعلّ قرار مُغادرة قناته التي عمل بها سابقاً من لبنان، لن يكون ضاغطاً إلى الدرجة التي تدفعه للاستقالة أو حتى الاعتذار الذي رفضهما، في بلدٍ أساساً يُعاني اقتصاديّاً، وعنده من ويلات أزمات البنزين، وغلاء الأسعار الذي تشغله عن رحيل القناة السعوديّة إلى العاصمة الرياض.

رئيس مجلس إدارة القناة السعوديّة المذكورة وليد بن إبراهيم، والذي كان من ضمن المُعتقلين في الحملة التي أطلقها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان ضد الفساد، استنكر تصريحات قرداحي واتهاماته التي وصفها بالمُغرضة كما نقلت عنه “عكاظ”، لكنّ القناة السعوديّة (MBC) وقناة “العربيّة” الإخباريّة تتحضّر بالأساس للانتقال من دبي للرياض، على خلفيّة استقطاب الأخيرة للشركات العالميّة، ومُنافسة دبي، وبالتالي أمر انتقال القنوات السعوديّة للرياض حاصِلٌ لا مفرّ، وقد يكون قرداحي قد سرّعه قليلاً من لبنان، وبصفته المُلام والمسؤول سعوديّاً عن تصريحاته كوزير إعلام، وقد يستطيع اللبنانيّون الخائفون من الطّرد من المملكة على خلفيّة تلك التصريحات، واستدعاء السفير اللبناني، الاطمئنان قليلاً، فالرياض لم تطرد سفيرهم بعد.

لماذا جرى الإفراج عن علي النمر؟

وفي الأنباء القادمة من السعوديّة أيضاً، وهي لافتة في توقيتها ومعانيها للمُراقبين في الشأن السعودي، حيث أعلنت السلطات إطلاق سراح الشاب علي النمر الأربعاء، ويكتسب الأخير أهميّته الخاصّة كونه ابن شقيق رجل الدين الشيعي البارز نمر النمر الذي أعدمته الرياض، وسبّب غضباً إيرانيّاً العام 2016.

وعلي النمر كان محكوماً بالإعدام وهو في سن 17 عاماً، وجرى تخفيف الحُكم عليه لاحقاً إلى السّجن عشر سنوات، حيث جرى إلغاء أحكام إعدام القُصّر بقرار من الملك سلمان بن عبد العزيز، وتُهمته حين جرى القبض عليه الخُروج بمُظاهرات في المنطقة الشرقيّة العام 2012، حيث بعض المناطق هُناك ذات أغلبيّة شيعيّة، تقول إنها تُعاني التهميش، والفقر، والحرمان.

وينظر لقرار الإفراج عن علي النمر، في سياق تحسين سُمعة المملكة في ملف حُقوق الإنسان، وخاصّةً بعد جريمة اغتيال الصحافي السعودي جمال خاشقجي الدمويّة في تركيا 2018، والتي لاحق سيطها العالمي سُمعة العربيّة السعوديّة بعد استحواذها على نادي نيوكاسل يونايتد لتلميع الصورة، حيث وصل الأمر لرفع يافطات تُذكّر بجريمة خاشقجي، خلال لعب النادي مُباراته الأولى بعد استحواذ السعوديّة عليه، إضافةً إلى المُحادثات والمُفاوضات التي تجري بين طهران، والرياض، قد يكون لها علاقة، نظرًا لتوقيت الإفراج عن النمر، ولعلّه أحد اشتراطات طهران، والتنازلات التي سيُعطيها الطرفين كضمانات وحُسن نيّة، وكمُقدّمة لإنهاء حرب اليمن، التي أنهكت الرياض مع تعرّضها لاستهداف شبه يومي من قبل حركة أنصار الله الحوثيّة، وصل لمقتل ضبّاط سعوديين (15) ما بين ضباط وجنود.

تجدر الإشارة إلى أن إعدام الشيخ نمر النمر، والذي اشتهر بجُرأته انتقاده لمُلوك السعوديّة، أدّى إلى قطع الأخيرة علاقاتها الدبلوماسيّة مع إيران، فيما يجري اليوم إطلاق سراح علي النمر ابن شقيقه، بينما لا تظهر الرياض أيّ نوايا أو علامات في الأفق للإفراج عن المُعتقلين “السنّة” لتحسين ملفّها الحُقوقيّ، أو حتى السّماح للمُفرَج عنهم بالسّفر خارج البلاد، ومن بينهم أُمراء، رجال أعمال، دعاة، وناشطات، تقول مُنظّمات حقوقيّة إن اعتقالهم غير مُستند لاتهاماتٍ واقعيّة.

ويظهر هذا الإفراج وفق وجهة نظر، وكأنّه استرضاء لطهران بالأكثر، إلا إذا كان يقول مُعلّقون مُقدّمة لسلسلة إفراجات تُقدّمها الرياض، وبعد جدل مُقابلة سعد الجبري مُستشار الأمير محمد بن نايف، والذي يتّهم الرياض باحتجاز أبنائه لإجباره على العودة، فيما التساؤلات لا تزال عالقة حول مصير بن نايف ولي عهد السعوديّة السابق الذي من المُفترض أنه تنازل سلميّاً لابن عمّه الأمير بن سلمان، ولم يظهر علناً مُنذ زمن مع ما يتردّد حول تراجع صحّته، والإقامة الجبريّة المفروضة عليه داخل قصره.

هل يملك “حزب الله” أموالاً في السعوديّة؟

وبالعودة إلى لبنان، وأزمة قرداحي الدبلوماسيّة، لا يبدو أن “حزب الله” مُدرج على قائمة التّساهل السعودي، أو يدخل ضمن مُحادثات الرياض- طهران، فمع أنباء الإفراج عن علي النمر، بالتزامن الأربعاء صنّفت المملكة مُؤسّسة “القرض الحسن” التابعة للحزب “كياناً إرهابيّاً”، واعتبرت السعوديّة، أن أنشطة المُؤسّسة مُرتبطة بما وصفتها بأنشطة حزب الله الإرهابي.

وكانت وزارة الخزانة الأمريكيّة قد سبقت السعوديّة وأدرجت المُؤسّسة على قائمة العُقوبات، ولا يبدو أن القرار الأمريكي قد ترك أثره على المُؤسّسة، ومن خلفه الحزب الذي تتعاظم قُوّته العسكريّة، ليترك القرار السعودي على إثر وقفه التعامل معها، كما أن حزب الله لا يتعامل مع البنوك الغربيّة، ليمتلك أُصولاً داخل المملكة، وقد تقتصر السلبيّات على الأفراد، حيث أعلنت الأخيرة تجميد كُلّ الأصول التابعة لجمعيّة “القرض الحسن”، وترفض بإصرار استقبال رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي، لرفضها تعاظم نُفوذ الحزب في لبنان.

رأي اليوم”- خالد الجيوسي