لطيفة القاضي
السفير الدكتور عبدالولي الشميري مؤلف وشاعر وسياسي ورجل أعمال، حصل على الدكتوراه في الأدب العربي وماجستير في الأدب المقارن دبلوم عالي في العلوم العسكرية ودورات تدريبية عديدة في مختلف التخصصات المهنية والعلمية.
له نحو عشرين مؤلفاً متنوعة، شغل مناصب سياسية أبرزها سفير اليمن في القاهرة حتى 2011. مؤسس ورئيس مؤسسة الإبداع للثقافة والآداب في صنعاء.المندوب الدائم للجمهورية اليمنية بجامعة الدول العربية٠ ولد في بادية شمير بمحافظة تعز سنة 1956 ٠تلقى دراساته العلمية في زبيد وتعز باليمن وأبها بالسعودية ولاهور بباكستان ولندن ببريطانيا والقاهرة بمصر.
الرتبة العسكرية (عميد). أسس منتدى المثقف العربي في القاهرة. أصدر مجلة المثقف العربي اللندنية بالقاهرة ويرأس تحريرها. كما أصدر مجلة تواصل القنصلية الثقافية العسكرية الشاملة ويرأس تحريرها ٠أسس مكتبتين ثقافيتين إحداهما بصنعاء بمؤسسة الإبداع، والأخرى بالقاهرة.
محاضر في عدد من الكليات والأندية والجامعات المصرية والعربية والبريطانية والإسبانية والإيرانية والمعاهد العليا.
عضو مشارك لأكثر من عشرين مؤسسة ومركز وجمعية ثقافية وأدبية وعلمية. شارك في مئات المؤتمرات القطرية والدولية وزار أكثر من ثمانين دولة
ألف موسوعة أعلام اليمن والتي تحتوي على تراجم وسير أعلام اليمن في مختلف العصور وتعتبر عمل فريد يساهم في توثيق تاريخ اليمن ويساعد الباحثين في تاريخ اليمن والمهتمين بالأدب والشعر و الإرث الثقافي لهذا البلد.
– من هوالدكتور عبد الولي الشميري..؟
أنا الدكتور عبد الولي بن عبد الوارث بن فرحان الشميري من بادية شمير ولدت في مديرية مقبنة من محافظة تعز في شهر أغسطس ٠1956
– من صاحب الفضل في اكتشاف موهبتك الشعرية وما العراقيل التي تعرضتُ لها في حياتك حتى تصل إلى ما تصبو إليه؟
علاقتي مع الشعر من صباي في قريتي حيث كانت بين يدي دواوين التصوف الشهيرة الرقيقة مجزأة في شكل ملازم خطية أو محفوظات شفهية من قصائد الصوفية المبدعين بالرقة والحب ومنهم قصائد من ديوان الشاعر اليمني المتصوف عبد الرحيم البرعي ثم شاعر التصوف البليغ عمر بن الفارض المصري ومن هنا بدأ الشعر في حياتي مع المتصوفين الربانيين في الأربطة العلمية وعلمائها في كل الربوع والديار من تريم إلى زبيد وزاد من ولوعي بالشعر الرقيق حب والدي رحمه الله للتصوف وإشعاره ولكني كنت أجد نزوعا أخفيه إلى الغزل وكنتُ اتغزل بالجمال والجميلة ونشرت لي قصيدة في جريدة الصباح بالحديدة وجريدة الجمهورية في تعز بأسماء مستعارة خوف الافتضاح في مجتمع قبلي ومتصوف، وحيث رأيت جميلة لا اتمالك دون أن أصف شغفي ولكني إما أخفيها أو أخفي إسمي عنها وبعضهن لا أعترف أنها من شعري خوفا من أن لا يتقبلها ذلك المجتمع أو أن تصل لسمع والدي رحمه الله الذي كان شديد التصوف والذكر والتلاوة والأدب، إضافة إلى أن المجاهرات يستنكرها ذلك المجتمع وقد أُسميها لشاعر مجهول وتنشر ويحفظها شباب القرى وتغنيها راعيات الغنم وفي حفلات النساء والأعراس وهذه لمحة قصيرة من بواكيري مع الشعر قبل أن تراني دواوين الشعراء الكبار التي تدفقت إلى اليمن تدريجياً فيما بعد كالشوقيات وديوان حافظ إبراهيم وكنت شغوفا بقصائد وصوت عمر أبو ريشة السوري٠
– كيف ترى العلاقات اليمنية المصرية وما العوامل المميزة التي تحدد العلاقات بين البلدين؟
مصر هي التي أيقظت اليمنيين اولاً بكل ملامح اليقظة الثقافية والعلمية ثم الطبية ثم السياسية من خمسينيات القرن الماضي وزرعت وهج التمدن والملامح التعليمية الرسمية حتى الجامعات وتحملت أعباء وتكاليف ثورات وتدريب وتعليم معظم الشعب اليمني٠ واليمن الجمهوري في كل القطاعات وما زالت جسور التعليم والموالاة والاحتواء الثقافي التعليمي والطبي قائمة ومتينة وحصانة ولن تستغني عنها اليمن٠
– لك عشرين كتابا في الشعر والادب والثقافة والسياسة والتاريخ هل يمكنك أن تحدّثنا عن الشعر العربي، فالكل يرى أنه يمر بحالة تقهقر في ظل الظروف والتحولات التي نَمِر بها؟
الشعر العربي حالياً لم يجد في ظل أوضاع الأوطان المحزنة من يكشف عن المواهب ولم تجد مؤسسات كفؤه تحتضنها لهدف الإبداع فقط ومع اختفاء المنابر الشهيرة والأسمار والمناظرات وخفوت مجالس كبار الشخصيات والمحبين والمثقفين بالشعر كما كانت في كل ريف ومدينة وزاد في خِذْلان الشعر المعاصر إطفاء شهرة المواهب الكبرى في كثير من الأقطار وبروز الشعر المهتري الذي لا يصلح أن يطلق عليه شعراً، وتعدد العاجزين البكم شعر المدعومين من ممدوحيهم ووسائل إعلامهم ولأسباب لا عَلاقة لها بالإبداع الشعري واللغوي… وهدم المال العربي قيم كثير من المواهب وكثرت مؤخراً المسميات الغريبة الحديثة للبيت الشعر والمضامين التي كانت تجمل وتزين الكُمّةُ بحسب موقع ورودها والتراكيب العروضية التي جعلت البيت الشعري له رنين وإيقاع موسيقي مدهش وجميلاً عبر العصور وللاسف كل تلك المقومات انتحل ديوانها وسطا غير الموهوبين عليه حقاً فاختفت جماليات القصيدة الأصيلة التي جاءت من موهبة حقيقية وليست من صنعة أو شُريت بمال أو وظيفة ولكن المواهب الإبداعية الحقيقية لم تمت “مازال في الفلك كواكب ومواهب وإنما تنتظر الإفاقة وعودة النبلاء”٠
– ألا تشعر بأن هناك تبايناً بين الشعر المعاصر وفي الأزمنة الغابرة؟
ليس تبايناً فقط، لقد كان الشعر هو الذي يقدم الشاعر ذاته وعصره ومكانه وزمانه ويصف يومياته وإنسانه ويخلد أسماء الرابي والوهاد والنبات وموارد المياه وطبائع الليل والنهار والمرأة والرجل والحروب والقرى وأهلها حتى بعض الحيوانات وحتى لم يتجاهل ذكر الطفل الرضيع والمرأة وحملها والأنواء والمواسم والكواكب والقمر والشمس وذلك بأساليب وقدرات وثقافات حتى وصفيات بعض النبات فتكشف القصيدة عن مستوى الشاعر وتدفقات موهبته وكنوز معارفه كما تصف صراحة الحبيبة والحبيب وتذكر الأسماء والقوم والمهن والمعارك والسخاء والبخل بالفاظ وجمل لا تصلح غيرها مكانها وإن وضعت فلن تكون كذلك إضافة إلى بيان وبديع وسبك لا يستطيع غير الشاعر الحقيقي الموهوب الإتيان كذلك وغيره يأتي دورهم حسب قوة الذائقة والملكة في القدرة على الحفظ والتداول والنشر والأسمار حيثما حل وارتحل، لذلك سمي الشعر بديوان العرب ويخلد الشعر الجزل البليغ المتكامل أسم الشاعر عبر العصور وآلاف السنين وأضحى سمة متجددة تظهر وتختفي على اتساع ثقافة وذوق إنسان العصور حتى اليوم يظهر نوابغ ومواهب بالغة التدفق والإبداع والنبوغ بين حين وآخر وفي بعض الأقطار تظهر وتوجد وبإمكانية عصرهم وثقافاتهم المتعددة ونوع معاصريهم وبيئاتهم وهذا عن الشعر الذي نعرفه شعرا وأحببناه من عهد الصبا والشباب والخطى نحو الشيخوخة أما ضجة وضجيج الوسائل الإعلامية الحديثة بما يسمى اليوم شعرًا حديثًا أو معاصراً أو أحدث وبما تسمى مدارس جديدة أو بأي من الأسماء ومسميات جديدة لا يسهل حفظها ولا الحفاظ عليها ولا نشرها وليس لها ارتباط رقيق ولا دقيق ولا صريح بانسان مجتمع اليوم وعصره فتظهر موجات فردية أحياناً ذات الأعمار القصيرة بمسميات شعرية ثم تتلاشى
– قمت بتدقيق العديد من المخطوطات فعملت على إعداد(موسوعة أعلام اليمن) حدثنا كيف قمت بهذا العمل الضخم؟
“موسوعة أعلام اليمن ومؤلفيه” في عشرين مجلداً ضخماً طبعت في بيروت ونشرت في عدد كبير من معارض الكتب الدولية وأصبحت في المكتبات العلمية العامة الشهيرة كمكتبة الكونجرس والمكتبة البريطانية الكبرى ومكتبة الإسكندرية ومكتبة فرانكفورت وبرلين وباريس ودار الكتب الروسية٠ أما الوطن العربي فقد ولجت كل الدول وشاركت في المكتبات التجارية وانتشرت أكثر من خلال موقعها والتطبيقات الألكترونية ونزلت بكميات كبيرة في شتى الدول وأصبحت على أرفف مكتبات الكليات والجامعات تلك نعمة علي وعلى الأعلام ٠
وقد بدأتها بأقدم وأكبر الإعلام في اليمن سيدنا هُود رسول الله أول الأنبياء بعد سيدنا نوح عليه السلام وقبل ثمود وقبل صالح وقبل عصر إلى الأنبياء سيدنا إبراهيم عليهم جميعاً الصلاة والسلام تلك ومن ذلك العصر كانت بداية وزمن موسوعة أعلام اليمن وتقدر زمنيا بأكثر من 20 ألف سنة مروراً بازمان الحضارات القديمة الضاربة في القدم وملوكها ونقوشها ابتداء من حضارة معين ثم سبأ وذريته والملوك والدول المتسلسلة عبر الأزمان وما فيها من ديانات وآلهات وأرباب حتى وصلت بها إلى نهاية العقد التاسع عشر ومستمر في تدفق المعلومات والتصحيحات والإضافات فهي موسوعة الإنسان على أرض اليمن قبل العصور٠
– هل يمكن أن تودع أسرارك للمرأة؟
الأسرار كالكتاب مقسمة أنواع وفصول وعناوين وموضوعات فمنها ما يودع عند المرأة دون تخوف ولا قلق ومنها مالا يقال للمرأة ولا لغيرها٠
– ما قولكم في الرواية المعاصرة؟
الرواية المعاصرة في الأدب العربي لم تبلغ حد روايات بديع الزمان الهمذاني أومقامات الحريري البصري ففي مقاماتهم ابتكار وعلم وإبداع، لكن الروايات العربية المعاصرة كثيرة والأجود المثير منها قليل جداً ونادرة وأن وجدت فهي ضعيفة وتكاد تكون انسحبت من عالم الثقافة الأدبية العربية أو لبقايا السينما فقد فهمها معاصرون خطأ وأنها مصدر ثروة وشهرة بينما كانت في قمة الزهو والمترجمات في عصور التمدد الحضاري والتأثر والتمازج بين الحضارات والثقافات بين محاكي الثقافة العربية والفارسية ابتداء من كليلة ودمنة فما بعد ومع الأدب التركي التصوفي بين قونيا مكان الرواية التركية الجميلة المترجمة لعشرين لغة جلال الدين بن الرومي الشهيرة وإلى حلب وبغداد وفي عصر الدول والإمارات وقبل بدايات الجمهوريات في تمازج تاريخي بديع في مصر لروائيين أكفاء في القرن الأخير فنالوا بها شهرة عالمية وظهر بعدهم حديثو المراس قليلوا المواهب وأعدادهم عشرات ابدعوا روايات بديعة كان لها الحظ في ظهور المسلسلات والأفلام السينمائية ٠٠
– ماذا يعني لك:-
– البحر– روح الجسد الأرض وعلى شاطئه التقط أنفاسي وقلمي وأوراقي وأرسل العينين تصطاد جواهر الصور ولآلئ الخيال فتنجب قصيدة ٠
– الوطن– كل مفردات ومعاني الحب وطن٠
– القصيدة– بوجداني ها هي اوتاري وازهاري وقيثاري هي لساني ومعزفي وأنغامي في الشجو والشجن وستظل وطفولتي في ريف جبلي من بادية شمير كلما فيه عصافير وبلابل وحمام وعنادل وأزهار وشلالات ومرعى ومأوى في كنف أمومة حنونة وقلم من شجر اليراعة ٠
– الطفولة– تجتاحني وتبكيني بذكرياتها وأقاصيصها وهي أنا حتى الآن ٠
– المساء؟– مساءاتي :كلها على ضوء القمر أو شمع يتقد بزيت وحولنا وشوشات الشجر وعملي في تلك اللحظات الحفظ لما تعلمت نهاراً وتكرار السابق حتى لا أنساه ،أو مراشقات شعرية لصبايا القرية في بدايات الغزل
_ _ أوصي الجيل المعاصر ومن بعده بعدم هجر الكتاب والصفحات وعدم الاكتفاء ثقافياً بالدوائر الصوتية فقط فالقلم والحبر والورق ومجالس الأسمار والاستماع للثقافة السماعية وادخار الكتب المطبوعة هي جامعة العلوم الخالدة عبر العصور فالمكتبة يَنبوع المعرفة والثقافة منذ ألهم الله الإنسان بالقلم والحروف ، وكم ساعات في اليوم والليلة للقراءة تعني كم مسافات تقطع في طريق المعرفة مع حسن اختيار الكتاب والكاتب٠