كتب سليم النجار _ عمان
صدر عن ” دار هبة ناشرون وموزعون ” في عمان كتاب ” الانجيليون و ترامب و نهاية الخرافة ” ، للصحافي والكاتب السياسي رجا طلب ، ويعالج الكتاب بصورة اساسية شخصية الرئيس الاميركي السابق دونالد ترامب وضحالتها سياسيا وفكريا حيث كانت هذه الضحالة هي الطريق السهل والسريع للتاثير عليه ليتبنى اراء ما يسمي بالصهيونية – المسيحية تبنيا اشبه ما يكون بالعقيدة رغم شخصيته اللادينية ، ويتطرق الكتاب الى ابرز الوسائل والشخصيات التى ساهمت في تحفيز ترامب ليكون الرئيس الاميركي الاول في تاريخ الولايات المتحدة الذي يعلن انحيازه الكامل لصالح ” دولة اسرائيل ” بشكل سافر وبلا تردد او خجل وبلا اي اعتبار للمصالح الاميركية حيث تحول و بعد عدة اشهر من دخوله البيت الابيض الى مجرد دمية لدى الانجيليين الذين نجحوا في تتويج مايك بنس كنائب للرئيس والذي اصبح لاحقا من ابرز الشخصيات المؤثرة او الشريكة لترامب في عملية صنع القرارا داخل البيت الابيض بالاضافة الى جيراد كوشنير زوج ايفانكا ترامب والذي كان يوصف بانه كبير مستشاري الرئيس ترامب ، وكوشنير يعد احد ابرز المنحازين لدولة الاحتلال بشكل عام والى نتنياهو والليكود بشكل خاص بحكم يهوديته وصهيونيته المتطرفة .
وفي تفسيره لاسباب الكتابة في هذا الموضوع والربط بين دونالد ترامب والانجليين يقول رجا طلب في مقدمة كتابه ( لم يكن في ذهني على الاطلاق ان أكرس مشروع هذا الكتاب للحديث عن شخصية مثل شخصية دونالد ترامب ، هذه الشخصية المريبة والمثيرة للجدل والغريبة الاطوار ، التى قفزت وبدون مقدمات إلى واجهة مسرح الاحداث في اميركا والعالم بعد ان اصبح هذا ” الجاهل في السياسة ” و ” الشره ” في عالم الاعمال وتجارة العقارات رئيسا للولايات المتحدة .
ويضيف رجا طلب قائلا : عندما افاق العالم على نبا فوز ترامب بموقع رئيس الولايات المتحدة الاميركية فان الكثير من دوائر صنع القرار في العالم اصابها الغثيان بعد الرعب والخوف من هذه الشخصية وما يمكن ان تقوم به من اعمال وافعال اعتباطية وقرارات ستشكل تهديدا للامن والسلم العالميين ، وحاول الكثير من زعماء العالم التعامل مع هذا الخبر في الساعات الاولى على انه نكتة سمجة لا يجب التعاطي معه بجدية باي حال من الاحوال او انه مجرد كابوس ليس اكثر ) .
ومن خلال تسليط الضوء على علاقة ترامب باللوبي الانجيلي الصهيوني خلص الكاتب الى عدد من النتائج القادرة على دحض نظريات او فرضيات ترسخت في العقل السياسي العربي وكانها مسلمات او حقائق يقينية بشان الصهيونية ودولة الاحتلال ومن اهمها ما يلي :
اولا : الاحداث والوقائع الواردة في الكتاب تؤكد مدى تاثير الدين على صناعة القرار السياسي في الولايات المتحدة وتحديدا على شخص الرئيس والمقربين منه رغم ان الدستور الاميركي يُعرف اميركا بانها دولة ” علمانية ” تفصل الدين عن الدولة ، والدستور ذاته يؤكد في الفقرة السادسة منه ” أنه ليس من الوارد إجراء اختبار ديني لأي شخص يرغب في شغل أي وظيفة حكومية ” ، كما ان أول تعديل أدخل على الدستور الاميركي نص على أن الكونغرس لن يقوم بأي حال من الأحوال بتشريع قانون قائم على أساس ديني.
ثانيا : الانجيليون في الولايات المتحدة وبريطانيا في الاساس ليسوا متدنيين والاغلبية منهم من عديمي القيم والاخلاق التى يتحلى بها المسيحيون حول العالم وان دعمهم لدولة الاحتلال الاسرائيلي هو نتاج موروث تاريخي خرافي مركب ومشوه يجمع بين ” كراهيتهم لليهود والرغبة بالخلاص منهم عبر دعم ” اسرائيل ” من اجل استعجال عودة المسيح المخلص ، وبين تعزيز دورهم السياسي والاقتصادي بعد ان اصبحت دولة الاحتلال وتحديدا بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية قضية اميركية داخلية .
ثالثا : دحض النظرية القائلة ان هرتزل هو صاحب فكرة تاسيس الحركة الصهيونية ، وان الفكرة جاءت على اساس ديني ، حيث يشير الكاتب الى ان شخصية اللورد شافتسـبري ( 1801 _ 1885 ) هو اول شخصية ” صنعت الخرافة ” اي الفكرة الصهيونية وهي جاءت على خلفية ” الخلاص من اليهود في انجلترا ولاستثمارهم في خدمة بريطانيا العظمى سياسيا واقتصاديا ، وهو مخترع مقولة ( ارض بلا شعب لشعب بلا ارض ) وكان و بحكم وضعه السياسي والاجتماعي صاحب الثاثير الاكبر على الحكومة البريطانية لاستصدار وعد بلفور المشؤوم .
ويغلب على الكتاب انه مكثف للغاية ويعالج العنوان بصورة مختصرة وسلسة و بلا اسهاب او ” حشوات تفصيلية غير جوهرية ” وهو ما يجعله مغر للقراءة ، حيث يمكن للقارىء قراءته خلال ساعات معدودة ، كما انه كُتب بلغة رشيقة بعيدة عن التعقيد ، وباسلوب يجمع بين اللغة الصحفية والتحليل السياسي والربط بين الواقع والتوثيق التاريخي ، كما ان من ميزاته انه من بين الكتب القليلة في المكتبة العربية التى عالجت علاقة ترامب مع الانجيليين .
ويذكر ان المؤلف سبق ان اصدر في ابريل من عام 2018 كتاب ( الكويت والفجر الفلسطيني ) الذي يوثق تاريخ الوجود الفلسطيني في دولة الكويت ، وكيف احتضنت دولة الكويت حركة فتح وقياداتها منذ تاسيسها عام 1965 ، ومدى مساهمات الكويت دولة وشعبا في دعم النضال الفلسطيني .