الدكتور سهيل الصويص –
عندما نطالع اليوم بأن نسبة الوفيات في الأردن مقارنة بعدد السكان هي الأولى إقليمياً فهذا يجب أن ينزل كالصاعقة على رؤوسنا في بلد 83.3% من سكانه تحت سن ال 44 . فما الذي يحدث في مملكتنا حيث رغم عشرات التصريحات والدراسات لا أحد يتحرك لعلاج الخلل الذي لم يعد بسر لاحد ولا يملك مسؤولوا الصحة سوى الترحم على ضحايا يتساقطون دون توقف .
46 ضحية يوم 5 ديسمبر رقم يفترض أن يحرك ضمير مسؤولي الصحة في بلد اَخر ففي هذا اليوم المشؤوم شهدنا ارتفاعاً خيالياً في نسبة الفحوص الإيجابية وعلى ثلاثة أيام متتوالية 10.26%-10.72%-10.42% وهي التي لم تكن سوى 6.02% في 5 نوفمبر و 3.98% في 5 أكتوبر و 3.73% في 5 أيلول .
ما الذي حصل في 5 ديسمبر ليحصد الفيروس 46 من الأرواح فالوفيات لم تكن سوى 14 في 5 نوفمبر و 9 في 5 أكتوبر و 8 وفيات فقط في 5 أيلول ؟ وكيف يمكن تفسير الارتفاع الهائل في أعداد الإصابات أيضاً في اليوم ذاته حيث وصلت ل 4555 ولترتفع بعد يومين ل 6392 وهي التي لم تكن سوى 1048 في 5 أيلول و 1068 في 5 أكتوبر و 2080 في 5 نوفمبر ؟
لم يعد بيد منظري الصحة حجة عواقب الحفلات التي انتهت خطورتها بعد أسبوعين من حفلة 4 نوفمبر وكذلك التحجج بانعدام التطعيم لدى غالبية المصابين التي ليست بتبرير كاف فالإصابة لدى غير مطعم قد تكون أكثر احتمالية لكن ذلك لا يعني أن نعيد المصاب مكفناً لأهله وهذا الصباح بلغت نسبة المطعمين في الأردن 41.04% ( 4.187.105 أردني ) في المرتبة 123 عالمياً ولا يجب أن ننسى بأن 23.8% من الأردنيين تحت سن العاشرة لا يشملهم التطعيم وشريحة أعمار تحت سن ال 14 تعادل 34.4% من الأردنيين .
لماذا هذا التدهور والمتحور الجديد لم يغزو بعد مملكتنا ؟ نحن نتحدث عن بلد 5.5% من سكانه فقط فوق سن ال 60 وهذه هي الشريحة المعرضة للوفيات وليست شريحة الأعمار تحت ال 19 سنة والتي تعادل 44.3% من السكان فأين الخلل ؟
كيف لنا تحليل موضوع الوفيات علمياً وبمصداقبة ووزارتنا الكريمة تخفي أعمار الضحايا فهل هي مجرد صدفة بريئة فحسب دراسة فرنسية شهيرة تعادل نسبة الوفيات تحت ال 55 سنة 16% من مجموع الوفيات فقط وفي الأردن 91.7% من الأردنيين تحت سن ال 55 فمن يموت من الكورونا في بلدنا بربكم خبرونا ؟
أي أردني لن يرتعش ولن يتحسس رقبته وهو يطالع بأنه في يوم 5 ديسمبر حيث سجل الأردن 4555 إصابة جديدة مع 46 وفاة سجلت فرنسا 42.252 حالة مع 49 وفاة فقط وسجلت بريطانيا 51459 إصابة مع 41 وفاة فقط !! عندما تعادل الإصابات عشرة أضعاف ما لدينا وتتساقط ضحايا بعدد أكبر في الأردن فهذا أمر خطير لا يجب مواصلة السكوت عليه والجلوس في منصة المتفرجين نشاهد الأكفان تمر أمام أعيننا ونمارس سياسة النعامة أم أن الحكمة والمصلحة الوطنية تستدعي طلب النجدة من فريق من المختصين ؟
فمن يتساقطون ويواصلوا الرحيل هم أهلنا ووزارة الصحة تفتقر لأخصائيي إنعاش التنفسية ولفريق إنعاش متمرن وهذا ليس بسر إطلاقاً والنتائج المتواصلة منذ عامين خير دليل وهنا يكمن أمل إنقاذ مرضى الكورونا الأبرياء ونحن نصرخ منذ عام بضرورة إصلاح بؤرة الخطر دون أن تتجاوب الوزارة فإلى متى ستتواصل عملية التضحية بالأبرياء ولا نصعي سوى لتطمينات وابتسامات على شاشات التلفزيون ؟ صراخ سعد الخرابشة يوم أمس وهو الذي لم يعد يحلم بمستقبل سياسي يثير الخوف وهو واحد من خبراء الأوبئة الغائبون والمغضوب عليهم فكم نفتقر لهؤلاء ولعزمي محافظة وقد غدونا دون لجنة أوبئة تم وأدها يوم إعادة تشكيلها والفريق القيادي الذي يتحكم بصحة الأردنيين ومستقبلهم لا يضم أي متخصصين وخبراء واَخرهم تبخر في الأسبوع الماضي .
ألم تحن بعد لحظة تقديم العون لمن ينتظروا مصيراً أسود ؟ ونحن وقد فقدنا الأمل بالإنقاذ من الطاقم الصحي القيادي الذي لا يملك الخبرة لا بالأوبئة ولا بالإدارة والوقت يمضي والأمل يتبخر ولا نعرف على أي رقبة ستتوقف عجلة الروليت في الفجر فلم يعد لنا من أمل سوى جلالة الملك فالضحايا في أردننا كما أظهرته أرقام 5 ديسمبر الرسمية يفوقوا أمثالهم في بريطانيا وفرنسا رغم أن لديهم عشرة أضعاف تعداد الإصابات التي نسجلها وغدونانحتل المرتبة الأولى إقليمياً في أعداد الوفيات مقارنة بعدد السكان ومن يتهددهم الموت في الغد هم أبناء جلالته من الأردنيين الجالسين في حجرة انتظار المصير القاتم يانتظار المنقذ والحلول موجودة ولا يكفي سوى من يأمر بإخراجها من الأدراج .