مـــوازنـــة 2022 اســتـنــدت عــلـى زيادة الإيرادات والنفقات وتجنب ضرائب جديدة

قال الخبير المالي زياد الرفاتي، تمثل الموازنة العامة للسنة المالية 2022 خطة عمل الحكومة والأهداف التي تسعى الى تحقيقها والاطار الزمني وأدوات تحقيقها لسنة قادمة والنتائج المتوقعة منها، والتي تأتي في ظل واقع حال لما فرضته جائحة كورونا التي اجتاحت العالم ولم تستثن دولة بعينها واستمراريتها من تأثيرات وتداعيات سلبية على الاقتصاد الأردني والموازنة العامة والمؤشرات المالية والاقتصادية والاجتماعية والاستثمارية وخصوصا فيما يتعلق بتوقعات الحكومة حول معدل النمو الاقتصادي.

وسلط الخبير المالي الرفاتي في دراسة له أعدها على ضوء خطاب الموازنة للعام 2022 الذي ألقاه وزير المالية أمام مجلس النواب في الثلث الأخير من عام 2021 للسير في اجراءات المناقشة والاقرار، سلط الضوء على قراءات الموازنة، موضحا أنها استندت على زيادة الايرادات وزيادة النفقات، وألا تكون انكماشية بتوسيع الانفاق وعدم فرض ضرائب جديدة، وتحفيز قطاع السياحة برصد مبلغ 71 مليون دينار ( التي هي رأسمالنا الحقيقي والثروة العظيمة للأردن وترفد الدخل القومي بالعملات الأجنبية وتساهم في حل مشكلة البطالة والحاجة لأن تكون كلفة السياحة في الأردن أقل من مثيلتها في دول الاقليم )، وتسجيل انكماش في الناتج المحلي الاجمالي بنسبة 1،63 % في العام 2020 الى نمو فعلي 2% في العام 2021 الى نمو مقدر 2،7 % في العام 2022، ومعدل تضخم مقدر 2،5% مقابل 1،5% في العام 2021.

وقال إن موازنة 2022 ستكون امتدادا لصعوبة موازنة 2021 لعدم التيقن من أن العجز سيقف عند المقدر له في الموازنة والبالغ (1،8) مليار دينار، والاستمرار في الاقتراض الداخلي والخارجي متجاوزا المستويات الامنة وما يشكله من ارهاق للموازنة المالية في خدمة الدين من الفوائد والأقساط.

مردفا، اذ لا يبدو في الأفق كبح جماح العجز السنوي المزمن الذي تعاني منه الموازنة العامة السنوية منذ عقود من الزمن وسيستمر لسنوات قادمة أخرى في ظل استمرار زيادة النفقات عن الايرادات، وعدم انخفاض رصيد الدين العام والذي يصل الى 34 مليار دينار أردني بما فيها المقترضة من صندوق استثمار أموال الضمان الاجتماعي وبنسبة 108 % من الناتج المحلي الاجمالي( موزعا ما بين 20 مليار دينار دين داخلي و14 مليار دينار دين خارجي) ، وما زالت ادارة الدين العام في تمويل عجز الموازنة مقلقة وأرقامها تتفاقم سنة بعد أخرى.

علما بأن ديون الصندوق على الحكومة تبلغ 6.5 مليار دينار وتشكل أكثر من 50% من موجوداته مما يظهر التركز في الموجودات.

وأكد الرفاتي ان الصعوبة في توقع حجم الايرادات وعدم التيقن من وقوف العجز والمديونية عند حدود معينة، تترك نتائج مؤلمة واثار بالغة وتسود حالة من عدم اليقين ان كانت معدات النمو ستتحسن، أو أن معدلات البطالة ستنخفض والتي وصلت الى مستويات غير مسبوقة بنسبة 24% و50% بين الشباب، علما بأن المعدل العالمي للبطالة بين الشباب يبلغ 15% والمعدل العربي 30%، وارتفاعها ينذر بمخاطر اجتماعية واقتصادية جمة.

ان الاقتصاد الأردني ليس بمعزل عن الاقتصاد العالمي الذي يواجه ومعه اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي تحديات اقتصادية كبرى خلال العام 2022 من الديون العامة والتضخم العالمي ومخاطر جائحة كورونا المتواصلة وزيادة الطلب العالمي على المنتجات واحتمالات تراجع الطلب على النفط وهبوط أسعاره، ورسم العديد من الوسائل لمواجهة هذه التحديات ومنعها من التأثير بشكل كبير على اقتصاداتها.

وتشير توقعات صندوق النقد الدولي في أحدث تقاريره، الى اتجاه الاقتصاد العالمي لتحقيق نسبة نمو تصل الى 4،9% خلال العام 2022. ويمثل الركود الخطر الأكبر على الاقتصاد العالمي في العام 2022 أكثر من الركود التضخمي الذي يعني ارتفاع معدلات التضخم يصاحبها تراجع في معدلات النمو الاقتصادي وارتفاع مستويات البطالة.

ولم يعد فايروس كورونا هو الخطر الرئيس خاصة أن الدول والبنوك المركزية تمكنت من التصدي ومواجهة تداعيات الفايروس على مدار عامين.

مما يجعل ما تقدم الايرادات المقدرة في الموازنة العامة للدولة للعام 2022 تحت الضغوطات ومدى التيقن من تحقق مستهدفاتها وعدم تجاوز العجز المستهدف أيضا وما يتبع ذلك في ظل الاضطرابات الصحية والاقتصادية المحيطة.

بلغت التحصيلات الضريبية ( الدخل والمبيعات ) للتسعة أشهر الأولى من العام 2021 مبلغ 4 مليار دينار مقابل 3.5 مليار دينار لنفس الفترة من العام 2020 ومبلغ 3.2 مليار دينار لنفس الفترة من العام 2019، و تجاوزت التحصيلات الضريبية الفعلية في العام 2021 المستويات المقدرة لها لذلك العام.

وقد تحقق جزء منها استثنائيا من تسويات ضريبية مع المكلفين، يمكن أن تكون تسويات لتقديرات تخص سنوات سابقة ويظهر أثرها نتيجة التسوية بشكل كبير في السنة التي يتم فيها اجراء التسوية ولا تنعكس على السنوات اللاحقة لها بنفس الأثر العمل وتساهم في دفع عجلة النمو الاقتصادي، كما أن لضريبة الدخل البالغ تحصيلاتها 1.1 مليار دينار في العام2021 وفق فلسفتها ومفهومها دور تنموي أكثر منه لتغطية نفقات تشغيلية.

علاوة على تركز تحصيلات ضريبة الدخل من قطاعات محددة كالبنوك والتعدين والاتصالات والشركت المساهمة الكبرى، و ضريبة المبيعات تتركز من القطاعين التجاري و الاتصالات، أما الضريبة المقتطعة من صغار المكلفين و رواتب الموظفين فلا تشكل ثقلا في ذلك.

وقال الرفاتي لقد شكلت ضريبة المبيعات 44% من اجمالي الايرادات الضريبية في العام 2000 وارتفعت الى 71% في العام 2020، مما لذلك من تأثير على النمو الاقتصادي ويحد منه.

الأمر الذي يظهر التشوه في هيكلية الايرادات المحلية باعتمادها بشكل كبير على الضرائب كمصدر أساسي لها والتي من المفترض أن تتنوع مصادرها ولا تبقى الضرائب هي المغذي الرئيسي لها، وذلك من خلال تنويع المصادر ووضع الخطط والاستراتيجيات لتحقيق ذلك ضمن برنامج زمني محدد حتى ولو احتاج ذلك لعدة سنوات كونه يتطلب ذلك بطبيعته، ولكن علينا أن نبدأ.

وفي مجال مخصصات المشاريع الرأسمالية، فقد أظهرت الموازنة للعام 2022نموا مقدرا فيها بنسبة 43% مقارنة مع العام 2021 لتصل الى نحو 1.5 مليار دينار مقابل نحو 1.1 مليار دينار للعام 2021، وتشمل المشاريع المنبثقة عن برنامج أولويات الحكومة بمبلغ 274 مليون دينار، ومشاريع الشراكة مع القطاع الخاص بمبلغ 60 مليون دينار، والمخصصات المالية لمجالس المحافظات بمبلغ 110 ملايين دينار.

وقد شكلت مشاريع الطاقة والمياه والنقل نحو 12% من اجمالي النفقات الرأسمالية.

وفي هذا السياق، فانه من المفضل ابراز طبيعة هذه المشاريع وحجم كل مشروع ومصادر التمويل الأخرى ان وجدت وتوزيعها القطاعي والجغرافي وعدد فرص العمل التي ستخلقها، لتعم مكاسب التنمية وفرص العمل على محافظات مختلفة.

وكذلك بيان وتصنيف هذه المشاريع وحصتها من المخصصات الى مشاريع قائمة، أو مستكملة، أو جديدة.

حيث النظرة الى المشاريع الجديدة في توليد فرص العمل باعتبار المشاريع الرأسمالية احدى الركائز في ذلك.

وفيما يلي الموازنة العامة للعام 2022 بالأرقام :-

أولا :- الايرادات العامة.

بلغت الايرادات المقدرة 8،912 مليار دينار مقابل 8،141 مليار دينار، وبزيادة مقدارها 771 مليون دينار وبنسبة 9.5%.

وتتضمن تلك الايرادات منح خارجية بمبلغ 848 مليون دينار مقابل 840 مليون دينار للعام 2021.

ويعزى الارتفاع في تقديرات الايرادات العامة كما ورد في فرضيات الموازنة، الى التوقعات بنمو الايرادات الضريبية بمبلغ 590 مليون دينار وبنسبة 10.7% ونمو الايرادات غير الضريبية بمبلغ 173 مليون دينار وبنسبة 9.6% نتيجة التحسن المتوقع في أداء الاقتصاد الوطني والنتائج االمترتبة على التعديلات في التشريعات والاجراءات المالية.

وما سبق هو توقعات مرهون تحققها بالأداء الاقتصادي والمالي والتجاري والاستثماري والظروف المحيطة.

وقد بنيت التقديرات الضريبية على ما تحقق في العام 2021 من تحصيلات ضريبية مع اضافة النمو المتوقع عليها.

مع التنويه الى أن الايرادات الضريبية والتي تشمل الضريبة العامة على المبيعات وضريبة الدخل تشكل ركيزة أساسية في الموازنة وبنحو 70% من الايرادات المحلية

ثانيا : النفقات العامة.

بلغت النفقات العامة المقدرة 10،668 مليار دينار مقابل 9.870 مليار دينار للعام 2021، بزيادة مقدارها 798 مليون دينار وبنسبة 8%، موزعة كما يلي :-

ا- نفقات جارية بـ9.117 مليار دينار وتشكل 85 % من اجمالي النفقات العامة مقابل 8.790 مليار دينار للعام 2021، بزيادة مقدارها 327 مليون دينار وبنسبة 3،7%.

وتعزى الزيادة وفق الفرضية، الى زيادة رواتب الجهاز المدني، وتغطية كلفة الشواغر والاحداثات الجديدة، والزيادة الطبيعية على رواتب الجهازين المدني والعسكري.

وتشكل النفقات التشغيلية من رواتب وتقاعدات وادامة العمل نحو 70% ( الثلثين ) من اجمالي النفقات العامة، وفوائد الدين العام 15%، والنفقات الرأسمالية 15%.

ويتطلب مراجعة بنود النفقات الجارية والوقوف على النفقات التشغيلية منها في سبيل تحديد النفقات التي يمكن الغاؤها أو التخفيف منها أو ترشيدها، بحيث لا يؤثر ذلك بشكل جوهري على سير العمل والانجاز.

وكذلك ضبط ورفع كفاءة الانفاق العام ومقابلته بالمردود ووقف الانفاق غير المبرر حيث تقارير ديوان المحاسبة تشير الى ذلك.

وتتضمن النفقات الجارية أيضا فوائد الدين العام المقدرة بمبلغ 1.428 مليار دينار متراجعة بنحو 24 مليون دينار عن العام 2021 عبر استبدال القروض التجارية بقروض ميسرة حسب الفرضية التي بنيت عليها في الموازنة

وهو مرتبط بمدى توفر أسواق الاقراض الدولية لمثل هذا النوع من القروض الميسرة بأسعار فائدة منخفضة عن السابق وباجال سداد طويلة نسبيا قياسا بالقائمة وبالأحجام المستهدفة، وهذا الاجراء ان تم لا يترك اثرا ايجابيا في تخفيض رصيد الدين العام كونه يمثل احلال دين جديد محل دين قائم.

ب- نفقات رأسمالية بـ1.551 مليار دينار وتشكل 15% من اجمالي النفقات العامة مقابل 1.080 مليار دينار، بزيادة مقدارها 471 مليون دينار وبنسبة 43%.

وفي هذا الصدد، فاننا نرى أن يتم استخدام أسلوب الموازنة الموجهة بالنتائج والأهداف، أي أن يتم ربط الانفاق الرأسمالي المتوقع بالنتائج والأهداف المرجوة من الانفاق ومساهمته في تحقيق التنمية وحفز النمو الاقتصادي، بحيث يتم ترتيب الأولويات للمشاريع حسب الأهمية.

ثالثا : العجز المقدر للعام 2022.

بلغ عجز الموازنة المقدر بعد المنح مبلغ 1.756 مليار دينار وبنسبة 5،2% من الناتج المحلي الاجمالي المقدر للعام 2022، مقابل 1.729 مليار دينار وبنسبة 5.4% من الناتج المحلي الاجمالي الفعلي للعام 2021.

أي أن العجز بالأرقام المطلقة قد زاد بمبلغ 27 مليون دينار، بينما انخفض كنسبة مئوية بنحو 0.2% وهو انخفاض بسيط ومرتبط ذلك بتحقق التقديرات للناتج المحلي الاجمالي للعام 2022 على ضوء أداء الاقتصاد.

رابعا : موازنة التمويل المقدرة للعام 2022.

بلغت موازنة التمويل المقدرة 7.5 مليار دينار، سيتم اقتراضها من الداخل والخارج واستخدامها لتغطية عجز الموازنة البالغ 1.8 مليار دينار والباقي 5.7 مليار دينار لاطفاء سندات اليورو بوند وسندات محلية بالدولاروقروض من مؤسسات دولية، واطفاء سندات وأذونات محلية وسداد أقساط قروض داخلية وهذا الجانب فيه مزاحمة للقطاع الخاص في الحصول على التمويل من القطاع المصرفي المحلي.

أي ستبقى المديونية ونسبتها في تصاعد وستزداد بتمويل عجز الموازنة، مما يشير الى حالة غير صحية في الموازنة.

ان الهدف الرئيسي من الاقتراض كما هو ظاهر سداد ديون ستستحق في العام 2022، بينما يفترض من الحصول على القروض طويلة الأجل توجيهها للمشاريع الاستثمارية والاستراتيجية ذات القيمة المضافة وتجلب الايرادات، بناءا على دراسات جدوى التي تحدث التنمية المستدامة وتحفز النمو الاقتصادي وتخلق فرص العمل وتسهم في التخفيف من البطالة.

وعدم توجيهها لتمويل النفقات الجارية والاستهلاكية التي تغطي احتياجات قصيرة الأجل حيث أسهم هذا الاجراء في وصول المديونية الى مستوياتها الحالية والمقلقة وهذا يؤثرعلى التصنيف الائتماني للدولة في الخارج.

وأنه يجب العمل على المقام في معادلة الدين العام الى الناتج المحلي الاجمالي الذي هو مؤشر الحالة الاقتصادية بتحفيز النمو والانتاج الذي يعتبر الأساس عن طريق تقديم الحوافز وخفض الضرائب والرسوم الجمركية وكلف الطاقة وكلف التمويل، فكلما زاد الناتج المحلي في المقام واستقر أو انخفض الدين العام في بسط المعادلة حتى ولو ارتفع بمستويات طبيعية فان نسبة الدين العام تنخفض تدريجيا.

و يمكن بناء شراكة استراتيجية مع صندوق الاستثمار الأردني الذي تساهم فيه البنوك المحلية بالاستفادة من الصندوق لتمويل المشاريع الرأسمالية..

كما يمكن توجيه المنح الخارجية التي تكون خارج الموازنة العامة الواردة الى المملكة عن طريق وزارة التخطيط وغيرها للانفاق الرأسمالي داخل الموازنة لا سيما في قطاعات الطاقة والمياه والنقل والطرق والتنمية المستدامة.