نديم عبد الصمد
انخفضت أجور العاملين في الكثير من المطاعم الأردنية (عمال المياومة أو غير المثبتين) إلى ما يقارب النصف، وتم الاستغناء عن الكثيرين منهم، وذلك ليس نتيجة استقواء مدراء المطاعم أو تعسفهم في حرمان العمال من حقوقهم، وإنما بسبب ساعات الحظر الطويلة، التي قلّصت من إيرادات المطاعم.
بعد الإعلان عن تمديد إجراءات الحظر الجزئي حتى منتصف أيار القادم، فقد عمال المياومة آخر آمالهم في تحسن الظروف الاقتصادية، بعد ما كان من المتوقع الإعلان عن “إجراءات تخفيفية” تقلّص ساعات الحظر الليلي وتزيد من حريتهم في التنقل وكسب العيش دون تخفيض أجورهم التي يتقاضونها مقابل الساعة الواحدة.
وكانت قد أعلنت الحكومة الأردنية في نهاية شباط الماضي، عن عودة العمل بحظر يوم الجمعة وقررت في العاشر من شهر آذار توسيع حظر التجوال الجزئي ليبدأ من السابعة (بدلا من العاشرة مساء) للأفراد، والسادسة (بدلا من التاسعة مساء) للمنشآت. لتعلن مطلع الأسبوع الجاري عن تمديد هذه الإجراءات حتى منتصف أيار القادم.
أدى التذبذب في إعلان الحظر الشامل والجزئي والتراجع عنه في أوقات أخرى سببا يمنع الشركات، وخاصة المطاعم، من استقطاب موظفين جدد للعمل معهم، خاصة وأن فترة التراجع عن القرارات بعد اتخاذها لم تتجاوز مدة الثلاثة أشهر؛ الأمر الذي يعني بالضرورة عدم تثبيت الموظفين خلال تلك المدة وسهولة الاستغناء عنهم لاحقا.
بقول راشد، إداري في أحد المطاعم العالمية التي تعمل في الأردن، “الشركات يخافوا من توظيف العمال بسبب القرارات الفجائية”، مما جعل المطعم الذي يديره يستغني عن 50% من الموظفين (غير المثبتين).
ويوضح راشد (اسم مستعار) ذلك في أن بقاء الحظر حتى الساعة السادسة مساء منع الزبائن من الحضور إلى المطعم الذي يفتح أبوابه للزبائن الساعة 12 ظهرا، وبالتالي انخفضت نسبة المبيعات إلى ما يقدر بـ30% مما اضطر إدارة المطعم إلى التخلي عن الكثير من موظفيها.
وحول السماح للمطاعم بتقديم خدمة التوصيل (الديليفري) يقول راشد إن بقاء هذه الخدمة لا يعتبر منفذا لاستمرارية العمل أو الحفاظ على الموظفين، إذ يستفيد من تقديم خدمة التوصيل مطاعم الوجبات والوجبات السريعة، لكن المطاعم التي تعتمد في خدمتها على تقديم “أجواء” داخل المطعم لا يعوضها التوصيل.
يؤكد على ذلك، عمر العواد، نقيب أصحاب المطاعم والحلويات، الذي علق على شكاوى بعض المطاعم والعاملين فيها وغير المستفيدين من خدمة التوصيل (الديلفري) بـ” هذول الهم الله”، مضيفا في حديثه لـ”المرصد” أن نسبة المستفيدين من “الديلفلري” كبيرة.
من جانب آخر، ظل راشد متفائلا خلال حديثه مع “المرصد”، بتحسن الأوضاع وتخفيف إجراءات الحظر، “بعد العيد في إجراءات تخفيفية بكل دول العالم، بدنا نصبر هذه الفترة، خاصة انه شهر رمضان ليس فرصة ذهبية لتحقيق الإيرادات أو الدخل بالنسبة للمطاعم اللي مثلنا”.
في الوقت الذي استغنت فيه إدارات بعض المطاعم عن العديد من عمالها، ظل سائد (اسم مستعار) يعمل في فروع أحد المطاعم الكبيرة في محافظة الزرقاء، بعدد ساعات قليل وبراتب شهري أقل يصل إلى 160 ديناراً، بعدما كان يتقاضى (220) ديناراً بناء على عدد الساعات اليومية التي يعملها، “من وين أجيب مصاري؟ أنا المسؤول عن البيت، حتى إذا بدي اشتغل شغل ثاني ما بقدر في ظل الحظر المستمر”.
يقول سائد أن إدارة المطعم، وتفاديا لصعوبة الأوضاع الاقتصادية التي خلفها الحظر المسائي، حرمت الموظفين من العمل الإضافي والذي كان يشكل دخلا إضافيا على الراتب، كما أجبرت العاملين على اعتبار يوم الحظر (الجمعة) يوم إجازة على حسابهم الشخصي. في الوقت الذي يعتبر فيه هذا اليوم “إجازة” للإداريين في المطعم على حساب الشركة، بحسب سائد، الذي اعتبر أنه يدفع قيمة هذا الحظر من جيبه.
لم تنته معاناة سائد عند انخفاض راتبه بنسبة كبيرة، فلقد منعه حظر يوم الجمعة من الحصول على إجازاته خلال أيام الأسبوع، الأمر الذي يعني عدم قدرته على تموين المنزل، “والله ما أنا عارف شو بدي أعمل برمضان، إذا الوضع استمر بهذه الحالة”، يقول سائد لـ”المرصد العمالي”.
وكان قد قرّر رئيس الوزراء، في 14 آذار، تحديد ساعات الدّوام الرسمي للموظّفين في القطاع العام ما بين السّاعة الثامنة والنّصف صباحاً وحتى الساعة الثانية بعد الظهر، حتى إشعار آخر.
فيما أعلنت وزارة العمل لاحقا أن بلاغ رئيس الوزراء لا ينطبق على العاملين في القطاع الخاص، وقالت في بيان صحفي أنها “تأمل” من القطاع الخاص أن يحذوا حذو القطاع العام بخصوص هذه الإجراءات.
في هذا الجانب، يقول عماد المالحي، منسق الحملة الوطنية للدفاع عن عمال الأردن – صوت العمال لـ”المرصد” إن معظم عمال المطاعم يعملون في المياومة ويحصلون على أجورهم باليوم الواحد، مضيفا أنهم محرومين من أدنى حقوقهم العمالية.
وبحسب بيان أصدرته الحملة، يوم أمس، اعتبرت أن قرار تمديد الإغلاق حتى منتصف أيار سيضاعف من معاناة العمال وصغار الكسبة وعموم الفقراء، وأنه سينعكس بشكل سلبي على القطاعات الإنتاجية الصناعية، والتجارية، والخدمات وانعكاساتها الخطيرة على العمال بشكل عام وعمال المياومة بشكل خاص، وكذلك صغار التجار.
وعلى عكس ما جرت العادة، فإن نقابة أصحاب المطاعم والحلويات، لم تصدر أي بيان توضح فيه موقفها من تمديد إجراءات الحظر الجزئي، إذ يقدر عمر العواد، نقيب أصحاب العاملين في المطاعم، الأوضاع الصعبة للعاملين في المطاعم، لافتا في ذات الوقت إلى ان حال العاملين في المطاعم لا يختلف عنه في القطاعات الأخرى، مقترحا أن يتم إعطاء المواطنين ساعة إضافية بعد إغلاق المنشآت حتى يحصلوا على حاجياتهم من الأسواق، “الحالة الصحية مقلقة في الأردن”، يقول عواد.
ويبلغ عدد المطاعم في الأردن 22 ألف مطعما، يعمل فيها 350 ألف عامل، أغلق منها ما يقارب 4 آلاف مطعم نهاية العام الماضي.
المرصد العمالي الأردني-