كلمة وانغ يي وزير الخارجية الصيني في الجلسة الافتتاحية لاجتماع مجلس وزراء خارجية الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي

كلمة وانغ يي في الجلسة الافتتاحية لاجتماع مجلس وزراء خارجية الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي

يوم 22 مارس عام 2022، إسلام أباد

 

يسعدني جدا أن أحضر الجلسة الافتتاحية لاجتماع مجلس وزراء خارجية الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي وإلقاء الكلمة فيها بناء على الدعوة، وهذه المرة الأولى التي يحضر فيها وزير خارجية صيني اجتماع مجلس وزراء خارجية المنظمة، الأمر الذي يجسد بجلاء الرغبة الصادقة من الصين والعالم الإسلامي في تعزيز التواصل والتعاون فيما بينهما، ومن شأنه أن يرتقي بالعلاقات بين الجانبين إلى مستوى جديد بكل التأكيد.

تعتبر الحضارة الصينية والحضارة الإسلامية من الحضارات العريقة التي لها تأثير مهم في العالم. وصمد التواصل الممتد لأكثر من ألف سنة بين الجانبين أمام اختبار تغيرات الأوضاع الدولية، كما يتمتع هذا التواصل بأرصدة تاريخية كبيرة وأسس شعبية قوية. وظلت الصداقة اتجاها رئيسيا في العلاقات الثنائية، وظلت المساواة أساسا يتفاعل عليه الجانبان، وظل الكسب المشترك هدفا للتعاون فيما بينهما.

نظل منذ زمن طويل نتبادل الاحترام والثقة وندعم الهموم المحورية للجانب الآخر. لن ننسى ما قامت به الجزائر من تقديم مشروع قرار مع الدول الأخرى وما قدمته قرابة 30 دولة إسلامية من الدعم الثابت، الذي من خلاله “حملت” هذه الدول الصين إلى الأمم المتحدة. وفي المقابل، لم تتردد الصين ولم تكن غائبة في دعم القضية الفلسطينية التي تكون في مقدمة اهتمامات العالم الإسلامي.

نظل نتضامن ونتبادل المساعدة ونسعى إلى التنمية المشتركة. بعد حدوث الجائحة، قدمت الدول الإسلامية دعما ثمينا للصين في اللحظة الأولى، وقدمت الصين 1.3 مليار جرعة من اللقاح وكمية كبيرة من المستلزمات الوقائية إلى 50 دولة إسلامية في حينها. وقد أصبح “الحزام والطريق” جسرا بين الجانبين ورابطة تربطهما في طريقهما إلى التنمية والازدهار، حيث وقعت الصين لغاية اليوم وثائق التعاون مع 54 دولة إسلامية، ويبلغ عدد مشاريع التعاون الكبرى قرابة 600 مشروع بقيمة 400 مليار دولار أمريكي، مما يعود بالنفع على نحو ملموس على شعوب الجانبين.

نظل نتعلم ونستفيد من بعضنا البعض ونحافظ على الحضارات المتنوعة في العالم. وقد قدم كل من الحضارتين الصينية والإسلامية مساهمات عظيمة للحضارة البشرية في التاريخ، وتعرض كل منهما للظلم منذ العصر الحديث، أما الآن، فتسير الحضارتان يدا بيد على طريق التنمية والنهضة. علينا أن ندعو بقوة إلى حوار متساو وتواصل واستفادة متبادلة بين الحضارات، ونستفيد من حكمة الحضارتين العريقتين، ونقاوم سويا التمييز الحضاري ونعارض سويا صراع الحضارات.

قد وجدت الصين والعالم الإسلامي طريقا للتعايش الودي والتعاون للكسب المشترك بين الحضارات المختلفة، مما يجعلهما نموذجا لممارسة نوع جديد من العلاقات الدولية، ويوفر خبرات مفيدة حول سبل التعامل بين الدول والحضارات المختلفة.

في وجه العالم المضطرب والمتحول، تركز هذه الدورة لمجلس وزراء الخارجية على العنوان الرئيسي “بناء الشراكات من أجل الوحدة والعدالة والتنمية”، الذي يعكس المطالب المشتركة لأغلبية دول العالم. وإن الجانب الصيني على استعداد للعمل سويا مع العالم الإسلامي على الدعوة إلى تعددية الأطراف الحقيقية، والدفاع عن مقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة، وصيانة المنظومة الدولية التي تكون الأمم المتحدة مركزا لها، والتقدم في السراء والضراء إلى الأمام في طريق السعي إلى النهضة القومية. في هذا السياق، يحرص الجانب الصيني على بناء علاقات الشراكة مع الدول الإسلامية في أربعة محاور.

يتعين علينا أن نكون شركاء يقومون بالتضامن والتنسيق فيما بينهم. من المطلوب أن نتبادل الدعم الثابت للجانب الآخر للدفاع عن سيادة الدولة واستقلالها وسلامة أراضيها، ونتبادل الدعم الثابت للجانب الآخر لاستكشاف طرق تنموية تتناسب مع الظروف الوطنية لمختلف البلدان وبإرادة مستقلة، ونتبادل الدعم الثابت للجانب الآخر للدفاع عن حقوقه العادلة للتنمية والحفاظ على المصالح المشتركة للدول النامية الغفيرة.

يتعين علينا أن نكون شركاء في التنمية والنهضة. ينبغي أن نواصل التضامن من أجل مكافحة الجائحة، سيواصل الجانب الصيني تقديم 300 مليون جرعة من اللقاحات إلى الدول الإسلامية في المرحلة القادمة، بهدف مساعدتها على بناء خط الدفاع في مجال الصحة. سنواصل تعزيز المواءمة بين الاستراتيجيات التنموية، ونأخذ التشارك في بناء “الحزام والطريق” بجودة عالية والتعاون في تنفيذ مبادرة التنمية العالمية كـ”المحركين” لترسيخ التعاون التقليدي وخلق نقاط بارزة جديدة، بما يسهم في التنمية والنهضة للصين والدول الإسلامية، ويقود تيار التعاون بين الجنوب والجنوب، ويضخّ قوة دافعة قوية في تحقيق أجندة الأمم المتحدة 2030 للتنمية المستدامة.

يتعين علينا أن نكون شركاء في الأمن والاستقرار. سيواصل الجانب الصيني دعم الدول الإسلامية لحل القضايا الساخنة المعاصرة بالحكمة الإسلامية والإمساك بقوة بمفتاح صيانة الاستقرار وتعزيز السلام في يدها.

سيواصل الجانب الصيني وقوفه الثابت إلى جانب الشعب الفلسطيني، ويدعم عقد مؤتمر سلام دولي أكثر مصداقية وتمثيلا في يوم مبكر على أساس “حل الدولتين”، بما يسهم في إيجاد حل شامل وعادل للقضية الفلسطينية.

إن الجانب الصيني سيحترم اختيار الشعب الأفغاني، ويدعم أفعانستان في بناء السلطة الشاملة وانتهاج الحوكمة المتزنة وتسجيل صفحة جديدة للسلام وإعادة الإعمار.

فيما يخض قضية كشمير، استمعنا اليوم مرة أخرى إلى نداءات من كثير من الأصدقاء من العالم الإسلامي، ويحمل الجانب الصيني نفس الأمل في هذا الصدد.

إن الجانب الصيني يدعم الجانب الروسي والجانب الأوكراني لمواصلة مفاوضات السلام الجارية بينهما من أجل التوصل الى وقف إطلاق النار ومنع الحرب وإحلال السلام. ويجب تجنب حدوث كوارث إنسانية، والحيلولة دون انتشار الأزمة التي من شأنها منع تأثير تداعيات الأزمة أو إضرارها بالحقوق العادلة للمناطق والبلدان الأخرى.

يتعين علينا أن نكون شركاء في الاستفادة المتبادلة بين الحضارات. من المطلوب أن نكرس القيم المشتركة للبشرية جمعاء المتمثلة في السلام والتنمية والعدالة والإنصاف والديمقراطية والحرية، ونرفض صنع الانقسام والمواجهة حسب الأيديولوجيات. ومن المطلوب أن نتمسك بالتواصل والاستفادة المتبادلة بين مختلف الحضارات، ونرفض “نظرية التفوق الحضاري” و”نظرية صراع الحضارات”، ونعارض التحريف والتشويه ضد الحضارات غير الغربية. ومن المطلوب أن نعمق التعاون في مكافحة الإرهاب بالتدابير الاحترازية ونزع التطرف، ونرفض ازدواجية المعايير في مكافحة الإرهاب، ونرفض ربط الإرهاب بعرق أو دين بعينه.

لقد أثبت التاريخ وسيظل يثبت أن الصين صديق مخلص وشريك تعاون للعالم الإسلامي. نحن على استعداد للعمل سويا مع الدول الإسلامية على تعزيز تعددية الأقطاب للمعادلة الدولية ودمقرطة العلاقات الدولية والتنوع للحضارات الإنسانية، وبذل جهود دؤوبة لبناء مجتمع المستقبل المشترك للبشرية!