مجلس الأمانة الجديد والباص السريع!

أسامة الرنتيسي –

لا أعلم كم ضحية ستدوسها عجلات الباص السريع قبل أن يتحقق 1 % من الأهداف التي أنشىء المشروع من أجلها، وهل سنصل إلى ثقافة جديدة في التعامل مع النقل العام قبل أن تُكربج شوارع العاصمة من أزمات المرور التي أصبحت لا تطاق.
في رمضان تعمّقت الأزمة أكثر، ليس في ساعات الصباح فحسب، بل في معظم الأوقات، ويبدو أن المسؤولين خاصة من تسير أمامهم سيارات “الويويويويو…” لتفتح لهم الشوارع لا ينزعجون من الحال التي وصلت إليها أزمات الشوارع، ولا يشعرون بحالة الغضب التي تنتاب المتورطين في الأزمة خاصة عندما يشاهدون باصات الخط السريع وهي شبه فارغة، تتمختر في الشوارع التي خصصت لها وقد انتزعت من الشوارع العامة الضيِّقة أصلا.
في عِلْمُ الاقتصاد والمال إيقاف الخسارة ربح، وفي علم الأخلاق الرجوع عن الخطأ فضيلة، وفي علم السياسة مراجعة القرارات وتوزينها من جديد شفافية مطلوبة.
وفي علم الكوارث، الجرأة في إيقاف مشروع الباص السريع إنجاز، والتفكير بأفضل الحلول لِما وصلت إليه الأحوال بعد أن أكل مشروع الباص ثلث مساحات الشوارع التي مر بها، وضاعف الازدحامات بشكل لا يمكن حل عواقبها إلا بقرارات جراحية عميقة أولها إغلاق الملف والبحث في وسائل الاستفادة مما جرى في العشر سنوات الماضية، وإعادة ترسيم الشوارع من جديد.
خلال الأشهر الماضية على مرحلة تدشين وتشغيل الباص السريع بمرحلته الأولى، كمرحلة تجريبية، هل تم دراسة الجدوى من المشروع، وهل أسهم وجود الباص في تخفيف ازدحامات السير؟.
لقد خربط مشروع الباص السريع حركة السير في الشوارع التي مر بها، بحيث تغيَّرت مسارات شوارع بعد سنوات مِن تَعوُّد الأردنيين على المسير فيها، وبشكل مفاجىء توضع أمامه آرمات ممنوع المرور في شوارع تعود لسنوات طوال على استخدامها، كما كثرت في الفترة الأخيرة القرارات الميدانية لرقباء السير، كي ينقذوا ما يمكن إنقاذه من الكوارث التي تسبب بها الباص السريع.
قصة “الباص السريع” شاهدة على كيفية إدارة الحكومات لقضايانا، فبعد أن قرر رئيس الوزراء الأسبق معروف البخيت إيقاف العمل به حتى إشعار آخر، وبعد أن قرر خَلَفَه عون الخصاونة إحالة قرارات لجنة التحقق النيابية الرابعة المتعلقة بأمانة عمان الكبرى ومنها قضية الباص السريع إلى وزير العدل لإحالتها إلى النائب العام لإجراء المقتضى القانوني، لم نعد نسمع شيئا عن هذه القضية.
سمعنا اكثر من مسؤول ووزير ومختص صرحوا أنه لا يمكن الاستمرار في تنفيذ المشروع لأنه لم يعد يفي بالغرض الذي أقيم من أجله، وأنه مشروع غير مجد ولا يصلح، وأن هناك الكثير من المشاكل تعوق تنفيذه ومخططاته.
هل نرى حلولا لهذا المشروع تتجرأ عليها الامانة ومجلسها الجديد، مثلما تجرأت على تحمل مسؤولية حل أزمة أبراج السادس؟!.
الدايم الله…