الكوميديا الرمضانية الاردنية: الوقوع في “متلازمة” التهريج

رسمي محاسنة
اسئلة كثيرة تدور في الشارع الاردني وبين المختصين عن مدى جودة المنتج الدرامي الاردني، او رداءته، وبشكل خاص مايسمى ب”الكوميديا”.
والحديث عن الكوميديا الاردنية” يغم القلب”،لاننا في كل عام نجد انفسنا امام “خلطة” من الكوميديا، التي يتم خلالها تقديم كل شيء الا الكوميديا، حيث تفتقر الى الحد الادنى من عناصر الدراما الكوميدية،وما نشاهده “ان كان للبعض قدرة على الاحتمال”، هو مجرد تهريج، خارج تماما من اطار المقترح الجمالي والفكري.
وعندنا الامر يختلف عن مايتم تقديمه في العالم العربي، فلا شك انها تعاني من مشاكل، لكن الكوميديا الاردنية تعاني من مشاكل مركبة، بدءا من النص، وانتهاءا بالاداء،والكل يعرف ان النص – “السيناريو”، هو عنصر رئيسي في المنتج السمعي والبصري، لكن مانشاهده هو حالة من الاستسهال، و”الاستهبال” التي يقدمها كتاب لايمتلكون ناصية كتابة العمل الدرامي، ويبدو ان الكتابة حسب طلب المنتج، او انها على “مقاس” الممثل،وهذه الحالة تطرد الكتاب المبدعين من الساحة، لانها تفتح المجال فقط لمن هو جاهز تحت الطلب، دون ادنى التزام بمتطلبات العمل التلفزيوني، او الاقتراب من مواضيع وقضايا حقيقية،ومن الطبيعي ان ينعكس ذلك على بقية عناصر العمل،من مقترحات اداء ابداعي،ورؤية اخراجية ناضجة،او تقديم شخصية تقدم الغرض الكوميدي، بدون ابتذال او استهتار بعقلية وذائقة المشاهد.
ولذلك نرى في الكوميديا الاردنية،ادوات التعبير البائسة،واستخدام طبقات صوت تفتقر للحد الادنى من الجماليات، والاصرار على لهجات لا احد يعرف من اين اتت،او “افيهات” تتكرر بمناسبة مرة، وبدون مناسبة الف مرة،دون ملامسة مواضيع حقيقية فيها مفارقات الكوميديا.
لذلك نكون امام هذا” الدوران” للممثلين حول انفسهم،واحداث لاتتقدم بشكل درامي منطقي، وعلاقات بين الشخصيات، تفتقر للبناء الدرامي الواعي.
غابت عنا تفاهات “وطن على وتر”،واستبشرنا خيرا، لكن للاسف، لم نجد بالمقابل الا التهريج،فالحالة تفتقد مكونات الابداع، ولو في حدها الادنى، وغياب الثقافة المتصلة بالجمال واشكال وادوات التعبير.
ومايزال في البال تلك الكوميديا الراقية بمسلسل” لاتجيبوا سيرة” التي قدمها فنان الشعب “موسى حجازين” مع المؤلف والمخرج المرحوم”محمد الشواقفة”، التي كانت تضعنا على حد “الضحك والبكاء”وتحريض العقل على التفكير،في كوميديا اجتماعية ناقدة ومحترمة.