يشترون الخبز دَيْنًا يا دولة الرئيس!

أسامة الرنتيسي –

 ماكينة النفخ في موجة رفع أسعار كل شيء في الأشهر المقبلة تجاوزت الحديث عن البنزين إلى الحديث عن الكهرباء والمياه والخبز…

القرى الأردنية التي يعيش فيها المسخمون، تبيع فيها مخابز ماحص وعنجرة  ومخيم إربد  وبصيرا ودبة الكرم وأم نعام الشرقية ووادي الحدادة وماعين وذيبان وجبل القصور الخبز  دَيْنًا لآخر الشهر، موعد  استلام الرواتب التي لم يطرأ عليها أية زيادة منذ أكثر من 10 سنوات.

في قرى المسخمين يا دولة الرئيس وفي المدن الكبيرة، وحسب ما رواه لي شخصيا أصحاب مخابز، عالج الأردنيون مضاعفة أسعار الخبز على حساب بطونهم ومِعَدْ أولادهم، فالذي كان يشتري خبزا بنصف دينار، لا يزال يشتري بالنصف دينار، الذي تغير كمية الخبز، ليس قناعة بوقف الهدر كما تزعم الحكومة، ولكن لضغط الحاجة وتوفر السيولة.

في مخابز عمان الكبرى يا دولة الرئيس، وضعت أرفف قبل زيادة أسعار الخبز، يحصل من خلالها الفقراء على الخبز بالمجان.

الارتياح الزائد عن اللزوم الذي تظهره الحكومة ورجالاتها في تقويمهم للحراك الشعبي غير مطمئن، ويشي بعقلية غير مرنة واهمة مثلما كان غيرها واهما بأن ما يحدث في بلدان أخرى لا يمكن أن يحدث عندهم.

لا يجوز اختلاف تقويم حجم وقوة الحراك الشعبي ومن يقف وراءه بحيث ينعكس ذلك كردة فعل باردة متجاوزة درجات الاطمئنان التي ترى أن الحراك الشعبي دائما تحت السيطرة، ولن يتجاوز المعايير الموضوعة للوصفة الأردنية لأي اعتصام أو تجمع أو مسيرة.

حجم الضغط والتململ في صدور الأردنيين كبير وكبير جدا، وهو أخطر بكثير من التجمهر في الشارع، والشعور بأن الغد صعب وبائس يدفع كثيرين إلى الفرح بالسطو على البنوك نكاية  بالقرارات الحكومية.

الجمعة الماضي سار مئات الأردنيين بعد صلاة الجمعة احتجاجا على رفع أسعار البنزين، وتحدث خطباء بوجع وغضب وألم وشعور بخطورة الأوضاع، وتناقلت وسائل التواصل الاجتماعي فيديوهات كثيرة بعضها بسقف عال ورسائل إلى صناع القرار، بأن الأوضاع لا يمكن أن تستقيم بهذا الشكل البشع والهجوم غير المبرر على لقمة عيش الأردنيين.

هناك فيديوهات لمتقاعدين سيطرت على السوشيال ميديا يتحدثون بوجع شديد عن الأحوال التي يمرون بها، ويحذرون من الأيام المقبلة، ورفعوا شعارات واضحة بأننا لا نريد الفوضى ولا الاشتباك مع أبنائنا في الأمن.

خطاب عاقل جدا في الشارع حتى الآن، يجب أن يوازيه خطاب هادئ من الحكومة، من دون رسائل خشنة  تستفز المواطنين وترهبهم.

الدايم الله….