تصريح مُسْتَفِز عن “زيادة الرواتب”!

أسامة الرنتيسي –

مستفز كثيرًا تصريح الحكومة: “لا زيادة على الرواتب في ظل الظرف الحالي”.

لَم يطالب أحدٌ الحكومة هذه الأيام بزيادة رواتب الموظفين والمتقاعدين، بل جُل المطالبات أن تتوقف الهجمة على قوت المواطنين وحاجياتهم.

لنتذكر أن كثيرًا من النواب – في خطابات مشروع الموازنة – طالبوا بصوتٍ عالٍ وغضبٍ شديد بضرورة زيادة رواتب الموظفين والمتقاعدين، وكانت المطالبة أكثر للمتقاعدين العسكريين.

يعلم النواب جيدا أن مطالبهم بزيادة الرواتب لا يمكن أن تتحقق، ولو أراد أيٌ منهم تحقيق ذلك فعلًا، لرهنوا موافقتهم على الموازنة بفرض بند زيادة الرواتب.

منذ سنوات وخطاب الحكومات المتعاقبة الرسمي عن أن الأوضاع المالية لا تسمح بزيادة الرواتب، باستثناء الزيادات السنوية المعتادة.

أليس هذا قمة الاستفزاز، وعدم الشعور بأحوال المواطنين والموظفين.

هَمُّ المواطن الأردني منذ سنوات أن يتوقف مسلسل الزيادات غير المبرر للأسعار وضغط الحياة المعيشية، حتى أنه نسي متى كانت آخر زيادة على رواتب الموظفين؟!

أما حكاية الزيادات السنوية المعتادة فهي القهر بعينه.. هل تصدقون أن هناك زيادة سنوية لموظفين لَمْ تزد عن دينارين على الراتب الأساسي.

ديناران لا يشتري بهما المواطن الغلبان دجاجة (قبل المقاطعة) ، أو باكيت دخان، ويأتيك من يقول لك لا زيادات على الرواتب لأن المالية العامة لا تسمح بذلك، باستثناء الزيادة السنوية المعتادة.

كان على النواب ألا يتطرقوا من قريب أو بعيد لموضوع الرواتب وزيادتها، لأنها أصبحت خارج أحلام الموظف الأردني، التي لا تتجاوز تدبير الحال بالراتب الحالي من دون أن تتنطع عليه الحكومة، التي تبحث عن تحسين ماليتها العامة فقط بالاعتماد على جيب المواطن الأردني.

لَمْ تنتهِ مشكلة البلاد بعد إقرار الموازنة، ولن تنفع محاولات الحكومة كلها بتجميل مستقبلنا ويكرر رئيسها مرة ثانية أن أجمل أيام الأردن لم تأت بعد، وستبقى الأزمة مفتوحة، لأن المواطن يعرف ألّا حائط موجودا يسند ظهره إليه، ويعي أن عليه أن يستمر في حالة أمن واستقرار بعد خراب المحيط من حوله.

معظم الخطابات والمداخلات النيابية التي قيلت في مناقشة مشروع قانون الموازنة خلت تماما من مناقشة بنود الموازنة وأرقامها، وتركز الحديث على جلد الحكومة من جراء سياساتها ونقدها بشكل قاس.

كثيرون من النواب أعلنوا بعد خطابات نارية قرارهم بأنهم سيحجبون الثقة عن مشروع الموازنة، ولم أسمع أو أقرأ خبرا أن أيًا من النواب امتدح مشروع الموازنة، بل كان هناك شبه اجماع على “أنها لا تستحق الحبر الذي كتبت به” وأنها “فُصِّلت كما يبحث عنه العسعس لإرضاء بعض الأطراف” وأن ” الحكومات تعمل على زيادة المديونية والبطالة.. والوطن يدور ضمن حلقة مفرغة” وهناك من قال للخصاونة “لا خيل عندك تهديها ولا مال فليسعد النطق إن لم تسعد الحال” وهناك من قدم علكة عشراوي لوزير المالية.

الدايم الله…