أطنان من الثرثرات السياسية….

أسامة الرنتيسي –

منذ أن كان سعر تنكة البنزين 12 دينارا، وقد وصل سعرها الآن 18 دينارا وأكثر، لم تلتفت الحكومات المتعاقبة إلى أسعار النقل، أليس من حق العاملين في قطاع النقل المطالبة برفع أجورهم، وتعديل عدادات سياراتهم بما يتناسب وأسعار مادتي الديزل والبنزين.
هذا الأمر ينطبق على جميع القطاعات، فما دامت الحكومة ممعنة في قراراتها الاقتصادية القاسية إزاء لقمة عيش المواطنين، وزادت الأعباء عليهم، وستزيد أكثر في الأشهر المقبلة بدرجة لم تتجرَّأ أية حكومة سابقة عليها.
الخمس حكومات الأخيرة وجهت ضربات قاسية لفقراء الأردن الذين عبروا بحراكاتهم في الشارع عن مطالبهم المُحِقّة، معتقدين أن صوتهم لا بد أن يسمعه المسؤولون.. وقد سمعوه فعلًا، لكنهم أصمّوا آذانهم وتجاهلوا ورفعوا الأسعار بدل تخفيضها.
برغم حالة الانغلاق والتشاؤم التي تعيشها البلاد، إلا أن الساحة السياسية تفتقد إلى مبادرة وطنية متكاملة، لإخراجها من المأزق المركَّب بشقيه السياسي والاقتصادي، والحكومة تدير ظهرها للدعوات المخلصة كلها لإجراء حوار وطني واسع.
لا بد من تقديم مبادرة وطنية، تعطي الأولوية لفك الحصار عن أوضاع المواطنين المعيشية، الفقراء منهم على وجه الخصوص، ولا بد من أن تتحمل السلطة التنفيذية، مسؤولياتها في التخفيف من معاناة الفقراء ومتوسطي الدخل وإشهار معدلات الخطر من تفاقم معدلات البطالة والحرمان والفقر أمام جماعة صندوق النقد الدُّولي.
أطنان من الثرثرات السياسية، تحملها الصالونات ووسائل الإعلام، تحمل من التخمينات والافتراضات أكثر مما تحمل من التحليلات العميقة لبنية النظام السياسي، وبنية الحركة الوطنية بأحزابها وقواها، ثم استنتاج المعادلة الوطنية المطلوبة في ضوء المتغيرات المتسارعة على الصعد كافة، وحاجة النظام السياسي إلى إجراء تغييرات ملموسة في نهجه الاقتصادي وآلياته السياسية، وتوجهاته في إدارة شؤون البلاد.
الحالة الوطنية بكاملها تعيش أزمة حادّة، والجواب المقدم من الفاعلين في الرأي العام يتمركز حول رفض الإجراءات الاقتصادية الأخيرة وهو رفض مشروع، يستدعي الالتفات إليه وتغيير السياسات الاقتصادية التي أوصلت البلاد إلى الأوضاع الحرجة.
المأزق السياسي والاجتماعي الحادْ الذي تعيشه البلاد، يفرض آلياته على العلاقات الداخلية بين السلطة التنفيذية والمجتمع ومؤسسات الدولة المعنية بإدارة شؤون البلاد، والعباد، في ظل غياب مريب لأية مبادرات أو مقترحات لحلول الأزمات الحادة التي تهدد الاستقرار السياسي والاجتماعي.
والدايم الله….