الأكاديمي مروان سوداح
وأخيرًا، أفشى “لورانس ويلكيرسون”، مدير مكتب وزير الخارجية الأميركي الأسبق “كولن باول”، العديد من الأسرار التي تدين مواقف وسياسات الوِلَايَات المُتَّحِدَة الأَمرِيكِيَّة خلال عهود طُويَت لرؤساء أمريكيين انتهت مُدد ولاياتهم الرئاسية. اعترف ويلكيرسون كمدير سابق لوكالة المخابرات المركزية، أن ما ارتكبه هو من فبركات مضادة للوقائع كانت “أحلك لحظة” له في حياته المهنية؛ وأن قرار التدخل في العراق كان “أكبر خطأ في حياته” أيضًا.. ويلكيرسون فجّر قنبلة أخرى ضخمة دوّت أصوات انفجاراتها في العالم كله، عندما دَانَ نفسه بقوله: “لقد شاركتُ في “عملية احتيال” لخداع الشعب الأمريكي والمجتمع الدولي والأمم المتحدة”.
مِمّا قاله ويلكيرسون أيضًا، ونقلته كذلك “شبكة طريق الحرير الصيني الإخبارية في الجزائر”، التالي: أولاً، “وجود القوات الأمريكية في أفغانستان ليس الهدف منه على الإطلاق مساعدة أفغانستان على إعادة البناء، وليس لمحاربة طالبان أو أي منظمة إرهابية. هناك ثلاثة أهداف إستراتيجية له. أولاً، تُعدُ أفغانستان المنطقة الوحيدة التي من المُرجح أن تتدخل من خلالها الولايات المتحدة لعرقلة تنفيذ “مبادرة الحزام والطريق الصينية” عبر آسيا الوسطى. ثانيًا، إن باكستان، جارة أفغانستان، ربما تمتلك معدات نووية “غير مستقرة”. ثالثًا، هناك 20 مليونًا من أبناء قومية الأويغور في منطقة شينجيانغ الصينية، وإذا كُنت تريد زعزعة استقرار الصين، فإن أفضل طريقة هي إثارة الاضطرابات في شينجيانغ، وتدمير الصين مباشرة من الداخل”.
هذه التصريحات عرضتها الصين مؤخرًا في مقطع فيديو، من فيلم بثته المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية (هوا تشون ينغ)، في مؤتمر صحفي. تصريحات ويلكيرسون جاءت بعد زمن طويل من مشاركاته في تدبيج خطابات رئاسية أمريكية ضد بعض الدول العربية التي منها العراق، حين ادّعى، في خطاب كتبه هو بالذات لكولن باول، في فبراير 2003، ألقاه “باول” في مجلس الأمن الدولي وهو يحمل أنبوبة صغيرة من مسحوق أبيض، زَعَم فيه آنذاك، أن “العراق يمتلك أسلحة دمار شامل”، وكان ذلك مجرد ذريعة صَفيقة لشن حرب على هذه الدولة العربية لتنهار، وليتم تقسيمها وتشتيت شعبها وبيعها بالقطّاعي للغير بالمزاد العلني. في التصريحات كذلك التي عرضها الفيلم، أن الولايات المتحدة ليس لديها خطط لإعادة بناء العراق بعد الحرب، برغم أن آثار الحضارة العراقية ومتاحِفها تم تدميرها، والكنوز التي كانت فيها نهبها الإرهابيون وتجّار الآثار والأسواق السوداء العالمية.
صحيان هذه الشخصية الأمريكية جاء متأخرًا جدًا، وإن كان مطلوبًا للتاريخ وللرأيين العربي والدولي. حذّر ويلكيرسون مُجَددًا، من “عودة تيار المحافظين الجُدد” في أمريكا، واعتراف بصراحة أن “الأسلحة الكيميائية” في سورية “كانت مجرد مؤامرة” أمريكية، وأن “لا دليل على أن الرئيس السوري بشار الأسد استخدم هذه الأسلحة”، وحذّر من أن مجموعة من المُتحّمسين للحرب لن يتخلوا عن أي عذر، لأن هدفهم هو استئناف العمليات العسكرية الأمريكية في “الشرق الأوسط”، إذ إن “السبب الحقيقي لتدخل الولايات المتحدة في العديد من المناطق، بما في ذلك “الشرق الأوسط”، هو المصالح التجارية المتعلقة بالنفط والغاز الطبيعي، وأي تفسير آخر هو “كاذب”. و.. ليَعْيَ في العَقلِ مَن لم يَعْجَزْ وَلَمْ يَتْعَبْ.