الشعب نيوز
طالبت النائب السابق الدكتورة هدى العتوم في تصريحاتها لـ “البوصلة” الدولة الأردنية بضرورة تحسين البيئة الصحية والتعليمية والاجتماعية للطفل الأردني، معبرة عن أسفها الشديد من أنّ “الطفل الأردني مغموطٌ ويتعرض لظلمٍ شديدٍ فيما يتعلق بحقوقه”.
ولفتت العتوم إلى أنّ الخطوة الأخيرة التي قامت بها الحكومة حول قانون حقوق الطفل كان الأولى بها أن تعتني بالطفل من منظور عناية الدولة بأفرادها وأن تحسن البيئات التعليمية الموجودة في مدارسنا وأن تحسن البيئة الصحية الموجودة في المستشفيات.
ولفتت إلى أنّ الطفل الأردني حين يذهب للمستشفيات ينتظر لتلقي خدمة متكاملة لساعاتٍ طويلة، عندما يمر بالطوارئ ثم التحويل ثم التصوير ثم أي إجراءات أخرى، وربما يحتاج لأيام وأسابيع إذا كان يحتاج للعرض على طبيب مختص، ولذلك نقول هذا كان أولى.
وتابعت العتوم بالقول: بدلاً من البحث عن حقوق الطفل على والديه وكيف يمكن أن يحاسب والديه وهذه كانت بدايات القانون، الطفل الأردني مغموط الحق في الحقيقة إلى الآن، وما نراه من هدرٍ في الأموال المنهوبة بتقارير ديوان المحاسبة، وما نراه من قضايا محولة على قانون مكافحة الفساد والقضايا الكثيرة التي لم تحول إلى أي جهة، والقاضيا الكثيرة التي لم يتم كشفها، الأصل في هذه الأموال أن تذهب لرفاهية الشعب الأردني لاحتياجاته وبالذات الأطفال والشباب الذين هم مستقبل هذا البلد ومستقبل هذه الأمّة.
مشاكل تعليم وفقر
وأوضحت الخبيرة التربوية هدى العتوم، أنّ المشكلة التي نعيشها في مناهجنا المدرسية اليوم والتي نرى أنّها مخففة وتسعى لتبسيط المعلومة، وتقديم معلومات خفيفة لكنّ هذا ليس من مصلحة الطالب، فمصلحته أن يكون كتابه المدرسي ومنهاجه قويًا متينًا، وأن يكون يثبت فيه الأصالة، لأنه بدون أن يكون لك تاريخ وثوابت لن تستطيع الاستمرار.
وحذرت العتوم من أنّ المعارك الجارية حاليًا هي معارك أخلاق وقيم ومعارك ثوابت على مستوى العالم، والدول تتجه نحو قوننة الشذوذ والإلحاد والانفلات، فالأصل فينا نحن أن نثبت القيم والأخلاق في مناهجنا ونغرسها في أطفالنا وأبنائنا حتى إذا أتى عليهم في المستقبل مثل هذ التحولات أن يكون لديهم القدرة على مواجهتها والتصدي لها والثبات بوجهها، لأنّ القادم هو أكبر بكثير من الوضع الحالي.
كما أشارت لمشكلة أخرى يواجهها أطفال الأردن، تتمثل بالفقر الذي تعيشه الأسرة الأردنية، لدرجة أنّ الوالد لا يعيل فقط عائلته في بيته وأصبح مضطرًا لإعالة ابنته التي في بيت زوجها وابنه المتزوج وعنده عائلة، من راتبه التقاعدي ومن دخله أيًا كان.
وأوضحت أنّ “نسبة الإعالة أصبحت مرتفعة في مجتمعنا الأردني، وأصبح الطفل لا يجد أبسط الأمور في بيته، وأصبح اللباس في بيوتنا معضلة وأصبحت التدفئة معضلة، والعناية الصحية به معضلة، والذهاب للدور في المراكز الصحية والمستشفيات وتنتظر بالساعات وتقدم لك خدمة ضعيفة وأدوية غير متوافرة، أو تذهب للقطاع الخاص وهو معروف أن كل شيء له ثمنه”.
وأكدت أنّ كل الصعوبات التي يواجهها المجتمع الأردني يواجهها الطفل الأردني، ويمكن التصدي لها عن طريق بناء شخصية للطفل الأردني تكون قوية ومتينة ومفكرة.
وأشارت إلى أنّ “المناهج التربوية في الفترات السابقة كانت قوية، لدرجة أنّ سوريا أخذت من الأردن في مناهج الأساسية ودرستها هناك رغم اختلاف الأيدولوجيا ونظام الحكم”.
ولفتت العتوم إلى أنّ “المناهج الأردنية كانت مرجعية للدول العربية، وكانت نتائجنا من أعلى النتائج، لكن بدأت الانحدارات من تغيير الآليات التي استخدموها، فكان الطالب يتخرج من الثالث الإعدادي ويذهب ليدرّس، وكان يتخرج ثانوية عامّة ويذهب ليدرّس في المدارس، وكانوا قامات وجهابذة من الأساتذة”.
وعبّرت عن أسفها الشديد من أنّ كثيرًا من الطلاب اليوم يتخرجون من الجامعة، وتجد أنّهم يرسبون في امتحانات الكفاءة التي تعقد للجامعات.
ضرورة المراجعات
وطالبت العتوم بضرورة إعادة النظر في البدايات، هل كان توجهنا نحو الكلمة والجملة هو الصحيح أم كان يجب أن نبقى على فكرة أن يقرأ الطالب ويتقن الحرف ثم يركب الكلمات والجمل، وهل توجهنا نحو الكتابة بالرقم المغاربي الذي أصبح اليوم معضلة في الرياضيات، لاعتبار أنّ هذا الرقم عربي وفي الرياضيات يجب أن تبدأ فيه من اليسار، وأصبحت معضلة لدى الأطفال يصعب التغلب عليها بسهولة.
وتساءلت: هل نحن ما طرحناه في مدارسنا إدخال اللغة الإنجليزية بهذه الطريقة هو الشيء الصحيح لتقارع اللغة العربية في صفوف مبكرة.
وتابعت حديثها بالقول: هل صحيح ما قمنا به من كل هذه الخطوات، وما زلنا نجرب في كثيرٍ من الأمور بنظام الثانوية العامة، وتركنا للامتحان الوطني للثالث الإعدادي، والنتائج الدولية والوطنية في هذا السياق ليست مبشرة بخير.
وأضافت: “ما الذي فعلناه من خطط لمعالجة في بيئات التعليم، وما الذي فعلناه تجاه المعلم نفسه الذي يقوي المنهاج أو يضعفه، وماذا فعلنا بهذه التوجهات كلها”.
وطالبت العتوم في نهاية حديثها الدولة الأردنية والحكومة بضرورة تقديم مراجعة شاملة للمنظومة التي تخدم الطفولة في الأردن بأكملها صحيًا وتعليميًا واقتصاديًا، مؤكدة على أنّنا بحاجة لمراجعة حقيقية بشأن ما نقدمه لاثنين مليون طالب صباح كل يومٍ يتوجهون فيه إلى مدارسهم.
(البوصلة)