“دكتوراة فخرية” من سوق الجمعة!

أسامة الرنتيسي –

 

  لفت نظري أصدقاء كثيرون وصديقات إلى ظاهرة أخطر من “الدروع التكريمية بلا قيمة ولا معنى”، وهي شهادات الدكتوراة الفخرية التي تُوزّع إلى أشخاص غير مؤهلين لحمل لقب دكتور، بعضهم لا يتوانى أن يحصل عليها حتى لو من سوق الجمعة.

فعلا؛ الظاهرة مقلقة، فمنذ سنوات، تقوم جمعيات ثقافية، ومؤسسات زراعية،  ومراكز إبداعية للشعر والنثر،  وأندية رياضية ومؤسسات تَدّعي أنها تُمثل جهات دُولية، بمنح شهادات دكتوراة فخرية إلى شخصيات يعملون في العمل العام يحتاجون إلى رتبة علمية يوارون بها شعورهم  بالنقص،  واهمون  أنهم بذلك أصبحوا حاملي شهادات الدكتوراة، فَيَشْعُرون بِتَورّم غددهم  لِيُطالِبوا مُحدّثيهم أن ينادونَهم بدكتور فلان.

لا بل وصل الحال ببعضهم إلى وضع لوحة خشبية على مكاتبهم  تحمل اسمه مسبوقًا بلقب دكتور، أو دكتورة.

أكثر هذه الشهادات الفخرية مدفوعة الثمن للأسف، إذ تضحك هذه المؤسسات على الطامعين باللقب، فتمنحهم الشهادة الفخرية مقابل تبرع ما.

قبل فترة؛ عاتبت مُعِدّ البرنامج الحواري “نبض البلد” في قناة رؤيا الزميل الصديق شرف أبو رمان، على إطلاق لقب دكتور أكثر من 12 مرة لنائب مخضرم كان ضيفا على البرنامج بينما هو يحمل شهادة “مترك” قديم (ثالث إعدادي).

كان جواب أبي رمان مفاجئًا لي، إذ أقسم أن النائب بقي أكثر من نصف ساعة  يترجّى ويتوسّل أن يخاطب بلقب دكتور.

زميلة إعلامية، بعثت تعليقا على مقال للدكتور ذوقان عبيدات في موقع الأول نيوز عنوانه (الخبراء – غير الخبراء – ظاهرة أردنية فريدة) قالت فيه وأقسمت أنها تعرف سيدة لا تحمل سوى شهادة ثالث إعدادي تزعم أنها دكتورة وتقوم بعمل مبادرات وتصف حالتها بأنها مندوبة عن الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، وللأسف تستقبلها شاشات فضائية على أنها الدكتورة الخبيرة.

أصبحت ظاهرة حملة الشهادات الفخرية لا تقل خطورة عن ظاهرة شهادات الدكتوراة المزوَّرة، ولنا  تجارب في الشهادات المزورة من جامعات غير معترف بها، فقبل سنوات انفتحت أضابير كشفت عن أن شهادات كثيرة ليست سوى بزنس يدفع ثمنها من يريد الشهادة.

لم تفتح وزارة التعليم العالي في أي فترة من عهودها أضابير الشهادات المزورة  والشهادات الفخرية، لتترك هذا الموضوع يتوسع في مجتمعنا، على حساب جهد سنوات يبذلها طالب الدكتوراة للحصول على هذا اللقب العلمي الفريد والشهير، ويأتي أو تأتي من يسرق او تسرق هذا الجهد زورا وبهتانا.

ظواهر كثيرة سلبية تتورم في مجتمعنا من دون أن تتوقف عندها أية جهة مسؤولة، وللأسف تصبح استحقاقات هذه الظواهر حقوقًا مكتسبةً من الصعب معالجة آثارها.

السبب الوحيد الحصري لخلخلة منظومة الأخلاق في مجتمعنا، وتفشي حوادث العنف في المدارس، والبلطجة في الجامعات، هو خراب التعليم،  وانفراط عقد التربية، وهبوط مستوى الأخلاق.

الدايم الله…..