أسامة الرنتيسي –
أهلكنا رؤساء الحكومات منذ أن تورمت المديونية، وتوسعت قرارات رفع الاسعار، وإلغاء الدعم، والهجوم على لقمة عيش المواطنين وجيوبهم، بمعزوفة أنهم لا يبحثون عن شعبويات.
في أول تصريحاتهم عندما يكلفون بتشكيل الحكومة، يكررون غير مرة إنه رئيس لا يبحث عن الشعبية، وسيتخذ قرارات اقتصادية صعبة، لأن وضع الموازنة لا يحتمل البحث عن الشعبية.
لم يتأخروا كثيرا في رفع الأسعار، ويتشاطرون كثيرا على أسعار الوقود، حتى أن أحدهم تشاطر على رغيف الخبز.
قول الرئيس / الرؤساء، إنه لا يبحث عن الشعبية، أمر يحتاج إلى إعادة نظر، حيث لم يستطع أي رئيس وحكومته اتخاذ قرار رفع الأسعار قبل أن يبحثوا عن الملفات والقوانين الشعبية من أجل دغدغة مصالح الناس.
معظمهم أزاحوا الغبار عن قانون من أين لك هذا، ووجهت اللجنة القانونية في مجلس الوزراء من أجل تطويره.
هذا القانون مسمار جحا دائما، ويتم استحضاره في أية أزمة، لأن الحكومات تعرف أن هذا القانون، وهذا السؤال لم تتم الإجابة عنه منذ أن تم اختراعه، بعد أن فاحت كثيرا رائحة ملفات الفساد الواسعة.
كما تعرف الحكومات المتعاقبة أن هذا القانون يطرب الغلابى الذين ما زالوا يتوهمون أن الأموال التي سرقت من جيوبهم ستعود ذا يوم، عندما توجد حكومة حقيقية.
القانون الآخر الذي احتل موقعا شعبيا أيضا في سنوات سابقة، هو قانون المالكين والمستأجرين، وقد وجهت أكثر من حكومة عندما رفعت الأسعار إلى فتحه من جديد، فاستبشر الغلابى مرة أخرى أن هناك توجها لإعادة النظر فيه.
صحيح أن القانون يحتاج إلى إعادة نظر في بعض مواده، وهناك حركات احتجاج واسعة عليه، لكنه في المحصلة، قانون لم يتم الحسم النهائي بخصوصه منذ أكثر من عشر سنوات، عندما شرعته حكومة القوانين المؤقتة في زمن علي أبو الراغب، ولم يتم التوافق عليه بعد، ويتم تأجيل استحقاقاته كلما اقترب التنفيذ.
لأنه قانون خلافي ولن يرضي كل الأطراف. فكما يوجد مالكون جشعون، يوجد مستأجرون طماعون، لهذا لن نصل في يوم من الأيام إلى إرضاء جميع الأطراف، وسيبقى القانون مفتوحا من دون حسم.
دخل على الخط أيضا في فترة ما قانون ضريبة الدخل، وطرحت حكومات أفكارا حوله تُجاه الضريبة التصاعدية، وفي هذا أيضا تلميح إلى أن الأغنياء سيسهمون أكثر في معالجة أزمة الموازنة.
هذه قوانين شعبية، صحيح، لكنها ستبقى شعارات، ولن نصل إلى أية نتيجة، وسيبلع الغلابى تداعيات قرار رفع الأسعار، مثلما سيبلعون القرارات اللاحقة، لأن الحكومة تعرف قبل غيرها عندما تقول إن قراراتها لن تمس الطبقة الفقيرة، هي أقوال غير صحيحة، ولا تشتري لتر بنزين وصل سعره دينارا.
الدايم الله….